القاضي وائل عبد اللطيف: تقسيم العراق إلى ثمانية أقاليم هو الحل الأمثل

المشاركون في مؤتمر الفيدرالية يحذرون من أن الحقوق العرقية قد تفتت المجتمع

TT

تباينت وجهات النظر وأاحتدمت النقاشات وتقاطعت فيما بينها في إحدى قاعات بغداد القريبة من ساحة الفردوس التي كان ينتصب فيها تمثال الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين لتصبح فيما بعد رمزا لسقوط نظامه، وذلك خلال اليوم الثاني للمؤتمر الأول للفيدرالية في العراق. وتطرق المشاركون ممن هم أحق من غيرهم في هذا النظام المؤمل تطبيقه في العراق الجديد، منهم من طالب على أساس عرقي وآخر على أساس ديني وثالث على قاعدة المظلومية وهي الشريحة الأكثر ضررا من النظام السابق، وتعالت الأكف بالتصفيق عندما طالب احد المشاركين في فيدرالية لمنطقة جنوب العراق. «الشرق الأوسط» حضرت جانبا من أعمال المؤتمر في يومه الثاني واجرت لقاءات خاصة مع متخصصين ومسؤولين وأكاديميين. وقال الدكتور ممدوح عبد الكريم أستاذ القانون الدولي الخاص في جامعة النهرين ببغداد «ان الفيدرالية تحتاج منا الى ترو ودراسة ومن لنا ان نعرف ان كانت الفيدرالية في هذا الوقت هي خلال نتائجها يمكن لصالح العراق ام لا»، وطالب خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» بان يتم إقرار الفيدرالية من عدمها على ضوء نتائج الاجتماعات والدراسات التي ستتمخض عن هذا المؤتمر او غيره من المؤتمرات. وشكك في ان إقرارها في هذا الوقت قد يخدم العملية السياسية في العراق. وقال مهدي صالح شهاب مستشار وزير الدولة لشؤون المحافظات والمتخصص في شؤون إدارة الأقاليم، ان وزارة شؤون المحافظات هي الجهة التي تهتم بالشؤون المحلية بقدر اهتمامها بتفعيل اللامركزية الإدارية من خلال أحكام قانون إدارة الدولة للفترة الانتقالية ورفع الكفاءة الإدارية والفنية لمجالس المحافظات بصفتها هيئات منتخبة تجسد تشكيل واختصاصات الحكومات المحلية، والوزارة معنية برسم ملامح وصور النظام الفيدرالي المزمع تطبيقه في العراق، وان الفيدرالية هي صورة متقدمة ومثلى لموضوع اللامركزية الإدارية حيث يتجسد التماثل للسلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية في الحكومة المحلية وحكومة الاتحاد، وكذلك التقسيمات الإقليمية المنصوص عليها في إدارة الدولة العراقية تشكل صورة من صور تعزيز الفيدرالية وتهدف الى تجميع المحافظات لتشكل إقليما يساهم في تنمية المحافظات المؤلفة للإقليم. وأوضح سالم سميسم أمين عام مجلس شيوخ ووجهاء وادي الرافدين ان فكرة الفيدرالية وعملية طرحها ليست حديثة والمطالبة بها منذ اللحظة الأولى لسقوط النظام السابق، وبعد استقرار الأمور عاودنا المطالبة بها، كما أشار إليها قانون ادارة الدولة، ونعتقد انها قوة للمجتمع العراقي وليس كما يشعر البعض من انها تقسيم للتراب، وعلى المدى البعيد نتائج الفيدرالية ستكون ايجابية حيث تمت مناقشتها في الشمال والجنوب وفي منطقة الفرات الأوسط. وهي تقسيم للسلطة وليس تقسيما للتراب لان المركز بعيد عن الأطراف والمحافظات الفيدرالية الحل الأمثل إداريا لإعطاء كل ذي حق حقه مع بقاء السلطة المركزية في بغداد، لذلك وفي ضوء التعدد العرقي والاثني والقومي فإنها الحل الأمثل في العراق. وأشارت الدكتورة فوزية العطية أستاذة علم الاجتماع في جامعة بغداد في حديثها لـ «الشرق الأوسط» الي ان المؤتمر «أوجد في اليوم الأول مفهوم وحدة الشعب الى جانب وحدة التراب، واليوم الثاني افرز المواطنة العراقية أولا، وقد طرحت أسس جديدة مضافة للجوانب الجغرافية والتاريخية تتمثل في مراعاة الحقوق العرقية وهذا بدلا من توحيد المجتمع يمكن ان يفتته، وطموحاتنا كعراقيين من مصلحتنا الأساسية توحيد المجتمع من كونه مجتمعا تعدديا فسيفسائيا، والتعددية لن تحول دون التوحيد وهذا يدل عليه التزاوج بين العراقيين بغض النظر عن ولائهم العرقي او المذهبي. واعتقد ان ما يطرح في هذه المرحلة التي تدعو الى وجود اختلاف في الأهداف والمنافع بين مكونات المجتمع العراقي ستزول قريبا بعد ان يدرك الجميع اننا بحاجة الى مجتمع موحد يستطيع ان يواجه التحديات ويتمكن من إعادة بناء الشخصية للمواطن العراقي على أسس تنسجم مع أهدافنا في بناء عراق جديد متحضر ينعم فيه العراقيون جميعا، وهنا لا بد من التأكيد على ضرورة الاهتمام بالفرد بغض النظر عن العرقية والمذهبية وبدون ذلك لا يمكن بناء مجتمع جديد، والنقاشات التي طرحت كلها تؤكد على ضرورة التركيز على إعادة بناء شخصية المواطن العراقي وإعادة بناء المجتمع وفق هذه المؤشرات». وأوضحت فوزية العطية انه لا بد من الديمقراطية شرط سيادة القانون لان الديمقراطية لا تعني التجاوز على حدود الآخرين ولا بد من سيادة القانون لتحديد التفاعلات الاجتماعية بين الأفراد والجماعات الاجتماعية على أسس ديمقراطية. وقال الدكتور غازي فيصل من جامعة النهرين ان الدول تنقسم الى بسيطة وهي التي تمارس السيادة والسلطات، وأخرى مركبة ومنها الاتحاد الفيدرالي والسلطات تشاورية تشريعية وتنفيذية وقضائية شاملة وسلطات محلية تستمد من الدستور. وتبني الفيدرالية في قانون إدارة الدولة لم يلب الحاجات وإنما هو رد فعل للسنوات السابقة، والنظام السابق لا يسمح والتخوف من الفيدرالية، ولكن حاليا الكل أمام القانون (الجمعية الوطنية) لذا لا تخوف من الفيدرالية، وانه لا بد من قانون للإدارة المحلية يلبي طموحات الشعب. والعراق يمكن ان يكون دولة بسيطة مع اللامركزية لإدارة الشؤون المحلية واستقلال المجالس المحلية إداريا وماليا محكومة بالقانون الذي تنظمه السلطة المركزية، والنظام الديمقراطي الذي نسعى اليه في توزيع المناصب على المواطنة العراقية بعيدا عن النظرة الطائفية او العرقية اي العراقية أولا. وأوضح الدكتور متعب السامرائي أستاذ علم الاجتماع ان هنالك اتجاهين; الأول المركزية المقيتة والثاني الفيدرالية، لذلك لا بد من تشخيص ما يمكن ان تسير عليه الدولة العراقية الجديدة، والقدرة على تجاوز الموروثات وخاصة في مجال توزيع السلطة بين الحكومة والقاعدة الجماهيرية. وهنالك ثوابت لا بد من الاهتمام بها تقع على عاتق شؤون المحافظات أيهما قبل.. الفيدرالية ام الإقليم، وهنالك أمور تفرض نفسها، فيدرالية الشمال سياسية، فماذا نسمي فيدرالية الجنوب، والفيدرالية يجب ان تفهم على انها تعاقد. وطرح القاضي وائل عبد اللطيف وزير شؤون المحافظات مشروعا لمستقبل العراق بعد ان قدم شرحا موجزا عن تاريخ العراق وعدم الاستقرار فيه منذ أقدم العصور مرورا بالقرن الماضي مما جعله عرضه للأطماع الخارجية بسبب خيراته، وشدد على ضرورة وجود نظرية سياسية اقتصادية اجتماعية ترسي أواصر هذا البلد. وأشار عبد اللطيف الى ان الفيدرالية يجب ان تعالج في دستور البلاد الدائم، وهي الممارسة الفعلية للديمقراطية باعتبارها تقاسما للسلطات ووحدة التراب، والفيدرالية مع وجود حكومة مركزية في بغداد وحكومات محلية من نفس المناطق لإدارة تلك المناطق، ونحن لا نزال في المبادئ الأساسية للفيدرالية، اما كردستان حالة خاصة وهي تجربة جيدة ضمن البيت العراقي.

وكشف عبد اللطيف عن الحكومة المقبلة المتمثلة في الجمعية الوطنية والوزارة ورئاسة الجمهورية والسلطة القضائية وبضمنها المحكمة الاتحادية المؤلفة من 9 قضاة من العراق ورئيس المحكمة بدرجة نائب رئيس الوزراء والأعضاء بدرجة وزير ولها مسؤوليات مهمة جدا للنظر بدستورية القوانين.

أما الأقاليم في العراق ضمن مشروعه للعراق الجديد هي أقاليم كردستان الحالي، وإقليم الجنوب من محافظات البصرة وميسان والناصرية، وإقليم بغداد، وإقليم كركوك، وإقليم المنطقة الغربية من محافظات الموصل وصلاح الدين الانبار، وإقليم الوسط من ديالى وواسط، وإقليم الفرات الأوسط من بابل والديوانية والسماوة، وإقليم عروس العراق من النجف وكربلاء.