بوتفليقة يدعو إلى تجنب صراع الحضارات وبن علي يحث على تحديث الجامعة

القادة العرب بدأوا أعمال قمة الجزائر بالترحم على الشيخ زايد وعرفات والحريري

TT

انطلقت أمس أعمال قمة الجزائر العربية بحضور 13 رئيس دولة، وشدد رئيس القمة عبد العزيز بوتفليقة والرئيس التونسي زين العابدين بن علي، وأمين عام الجامعة العربية عمرو موسى على مركزية القضية الفلسطينية.

وشدد الرئيس الجزائري على اهمية مبادرة السلام العربية وخريطة الطريق لتسوية النزاع الفلسطيني الاسرائيلي على أساس قيام دولتين متجاورتين تعيشان بسلام، كما انتقد مشروع الشرق الاوسط الكبير الداعي الى الاصلاح السياسي في المنطقة. وطلب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي رئيس القمة السابقة في كلمته الافتتاحية تلاوة الفاتحة ترحما على روح رئيس دولة الامارات الراحل الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.

وشارك في الجلسة الافتتاحية الامين العام للامم المتحدة كوفي انان، وتعاقب على الكلام في الجلسة عدد من القادة الدوليين ابرزهم رئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس ثاباتيرو ووزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه والممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا ونائب رئيس الوزراء الايطالي ماركو بولوني ورئيس المفوضية الافريقية الفا عمر كوناري.

ودعا الرئيس الجزائري الى تجنب صراع الحضارات واكد على ضرورة توثيق العلاقات مع بين الدول العربية وقوى السلام العالمية.

وقال بوتفليقة في خطابه الطويل ذاكرا محمود عباس وحده بالاسم بين الزعماء العرب «ان الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني تفرض علينا قبل كل شيء ان نرحب باسمكم جميعا بأخينا محمود عباس رئيس السلطة» الوطنية الفلسطينية، مؤكدا له «وقوفنا الى جانبه مدافعين عن قضية الشعب الفلسطيني العادلة حتى تحقيق حقوقه كاملة غير منقوصة».

واعتبر ان «تلبية الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس واسترجاع سورية ولبنان لكافة اراضيهما المحتلة شرطان يتوقف عليهما نهوض العالم العربي من كبوته». ورأى ان «تمادي السلطات الاسرائيلية في التقتيل ورفض السلم الشامل والدائم يفرضان علينا مؤازرة الشعب الفلسطيني وقيادته في ما يواجهانه من محن ويتعين علينا السعي لاشهاد الرأي العام العالمي وحتى الشعب اليهودي على استراتيجية السلام العربية».

كما اعتبر انه «لمن الاهمية بمكان ان يتم التأكيد بكل قوة على خيار السلام الاستراتيجي للعالم العربي ودعمه بإحداث آلية سياسية عالمية المستوى للمتابعة».

كما انتقد بوتفليقة مشروع «الشرق الأوسط الكبير» الذي عرضته الولايات المتحدة لنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط، معتبرة ان الديمقراطية قد تحول من دون تعزيز انتشار الارهاب في هذه المنطقة.

وقال «اذا كان «الشرق الأوسط الكبير» يعني الاصلاحات فنحن بدأناها، أما اذا كان يتعلق باستراتيجية أخرى فنحن على العهد مع هويتنا العربية». وأضاف «ان الاصلاحات لم تفرض علينا ولن تفرض علينا وقد طبقناها من دون اكراه لادراكنا لما تجنيه منها شعوبنا من مزايا وفوائد».

كما تحدث بوتفليقة عن اصلاح وتطوير الجامعة العربية، وتطوير المجلس الاقتصادي والاجتماعي، واشاد بانشاء البرلمان العربي، واعتبره حدثا مهما جاء في موعده لدعم الديمقراطية بين الدول العربية. ودعا لوضع رؤية استراتيجية عربية حول الديمقراطية التي تسمح بالاصلاحات المتدرجة. وأكد الرئيس الجزائري التمسك بالحفاظ على الكيان العربي والحضارة العربية.

وأشار الى مكافحة الارهاب، وقال ان الجميع يحارب الارهاب، وهناك من يحارب الاسلام، وهناك من يأخذ الذرائع لغزو الاوطان، ودعا للعودة الى تعريف واضح للارهاب تتفق عليه الامم المتحدة، وذلك حفاظا على تحالف الحضارات ومنع الاخطار.

وأكد ان المصالحة العربية حاجة ضرورية للعالم العربي، لتحسين ظروف افضل للمستقبل. ورحب الرئيس بوتفليقة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن)، بحضوره اول قمة عربية. وأكد على دعمه حتى اقامة الدولة الفلسطينية، وانتقد سياسة اسرائيل ودعاها لسلام عادل ودائم وشامل في المنطقة، وشدد على التمسك بمبادرة السلام العربية التي اطلقها ولي العهد السعودي الامير عبد الله بن عبد العزيز، واشار الى ان غيابه عن المشاركة في القمة جاء لظروف قاهرة خارجة عن ارادته.

ودعا الرئيس الجزائري الى مضاعفة الجهد العربي للتأكيد على خيار العرب للسلام كخيار استراتيجي وتنفيذه. وجدد الدعوة لتماسك العراق أرضا وشعبا، ودعا الدول العربية للتضامن مع السودان والصومال.

وفي ختام كلمته اشار الى معاناة الجزائر من الارهاب، واعتبر مشاركة القادة العرب في القمة دعما للجزائر، ودعا لتجاوز الخلافات وتعزيز التضامن العربي الموضوعي القائم على المصالح المشتركة ولمستقبل عربي جديد على أسس من العزة والكرامة.

وكان الرئيس الجزائري قد فضل ان يلقي الامين العام لجامعة الدول العريبة كلمته قبل ان يتحدث تكريما لعمرو موسى الذي اتسم حديثه بالهدوء وتحديد الاولويات للعمل خلال الفترة المقبلة. واشار موسى الى ان منظمة الجامعة قدمت خدمات للعالم العربي وحافظت على هويته، وانه لم يكن فشلها عندما فشلت اكثر من الانجازات التي حققتها.

وتحدث موسى عن اتهام الآخرين للعرب بالارهاب، وقال انه من الانصاف ان نصف العالم العربي بالاعتدال والوسطية، ثم انتقل موسى للحديث عن التحديث والاصلاح الذي انطلق من قمة تونس، وطالب القادة العرب بأن يعطوا تعليماتهم للحكومات العربية للعمل في موضوع الاتحاد الجمركي. واوضح انه سوف يعرض برنامجا لاقامة الاتحاد الجمركي العربي عام 2015، وأفاد بأن الخطوة التي تلي ذلك هي السوق العربية المشتركة.

وتحدث موسى عن تطوير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والاستراتيجية العربية للاسرة، ثم بدأ في حديث اكثر سخونة عندما تحدث عن توفير الامكانيات للجامعة العربية، وقال ان الجامعة يمكن ان تصبح مثالا يحتذى اذا تم تمكينها من خلال الوفاء بالالتزامات لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وتوفير الموارد المالية حتى تقوم الجامعة بدورها.

وتحدث موسى عن الوضع السياسي والامني في المنطقة، خاصة الوضع في العراق وفلسطين والسودان.

وحول مستجدات القضية الفلسطينية، قال موسى «ارجو الا تكون الارهاصات الراهنة كاذبة كأن تضغط اسرائيل للحصول على تنازلات دون مقابل»، وطالب موسى اسرائيل بالالتزام مقابل الالتزام، ودعا لاخلاء منطقة الشرق الأوسط من الاسلحة النووية، وعدم التواطؤ النووي مع اسرائيل. وتحدث موسى عن عصر دولي جديد، واصلاح للامم المتحدة وتكريس الحوار العربي الافريقي والاوروبي والآسيوي. واشار الى القمة العربية ـ الاميركية اللاتينية، التي ستعقد في البرازيل في شهر مايو (ايار) المقبل.

وقال موسى «لقد قدمت كشف حساب عن العام الماضي، وسوف اقوم بواجبي حتى الدقيقة الاخيرة من فترة ولايتي العام المقبل».

وصفق الجميع لموسى بما في ذلك العقيد القذافي، ووفد دولة الامارات في اشارة الى موافقة ضمنية على القبول بالتجديد لموسى بولاية جديدة، على رأس الجامعة العربية. وكان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي قد سلم الرئاسة للرئيس الجزائري بعد القاء كلمة موجزة تحدث فيها عما انجز من تطوير للعمل العربي المشترك، ودعا للاستمرار في التطوير والتحديث في العالم العربي في شتى المجالات.

واعرب عن ارتياحه لما حظيت به القرارات العربية من اهتمام شعبي ورسمي، والعمل على تطوير العلاقة بين الحضارات. واضاف الرئيس التونسي «لقد عملنا بجدية على تنفيذ قرارات قمة تونس التي أكدت على التمسك بالسلام العادل كخيار استراتيجي للعرب، وتنفيذ خريطة الطريق». واوضح الرئيس بن علي ان رئاسة القمة السابقة اجرت اتصالات مع اعضاء اللجنة الرباعية لدعم ما تبذله القيادة الفلسطينية، وجدد الدعم لتفعيل مبادرة العمل العربي المشترك، وايجاد افضل الصيغ لتطوير الجامعة العربية ومبادرة آلية فض المنازعات بالطرق السلمية. واعرب عن ارتياحه لدخول منطقة التجارة الحرة حيز التنفيذ حتى يمكن تنفيذ الاتحاد الجمركي ثم السوق العربية المشتركة. وتحدث عن قمة المعلومات التي ستعقد في تونس العام الجاري، والاستراتيجية العربية لمكافحة الفقر، والاهتمام بأنشطة الشباب والطفولة والاسرة. وحيا الرئيس التونسي مبادرة رئيس الوزراء الاسباني خوسيه ثاباتيرو حول تحالف الحضارات ووصفها بأنها تعزز الامن والاستقرار في المنطقة، واشار ايضا الى تعزيز التعاون العربي ـ الافريقي، وإقامة شراكة حقيقية بين الطرفين.