الحكومة اللبنانية تشكل فور عودة الرؤساء من الفاتيكان

والمعارضة المسيحية «تستكشف» آفاق تحرك جنبلاط

TT

لم تغب المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة عن الطائرة التي اقلت رئيس الجمهورية اميل لحود ورئيس البرلمان نبيه بري والرئيس المكلف تشكيل الحكومة عمر كرامي امس الى الفاتيكان للمشاركة في تشييع البابا يوحنا بولس الثاني، فيما يقوم وزير الدولة في الحكومة المستقيلة البير منصور بجولة اتصالات اضافية في بيروت. واذ توقع الاخير اعلان الحكومة فور عودة الرؤساء الثلاثة، باشرت المعارضة المسيحية اتصالات وتحركات للدفاع عن مشروع اعتماد القضاء دائرة انتخابية في ضوء اتجاه القوى الموالية التي تمتلك الاكثرية البرلمانية الى اعداد قانون يعتمد المحافظة مع التمثيل النسبي. ولوحظ في هذا الاطار تحرك لهذه المعارضة باتجاه جنبلاط بعد زياراته المفاجئة للرئيسين بري وكرامي وبعد زيارته الامين العام لـ «حزب الله» الشيخ حسن نصر الله ومواقفه التي اعتبرها الموالون «نقلة ايجابية».

وكشف النائب اكرم شهيب عضو «اللقاء الديمقراطي» الذي يرأسه جنبلاط، ان وفداً من «لقاء قرنة شهوان» المسيحي المعارض زار دارة جنبلاط في المختارة ليل اول من امس عقب زيارة الاخير للرئيس كرامي. وقال شهيب في حديث ادلى به امس: «نحن كلقاء ديمقراطي على تواصل مستمر مع اطراف المعارضة. وكلنا يصر على ضرورة اجراء الانتخابات في موعدها رغم الخلاف حول القانون الانتخابي. ونحن ولقاء قرنة شهوان نصر على اعتماد القضاء دائرة انتخابية. ولكن اذا تعذر ذلك لن نذهب بالبلد الى المجهول، فتوقيت الانتخابات اهم من شكل القانون، شرط ان لا يكون شكل القانون مضراً كلياً بالمعارضة وموفراً لتمثيلها تحت شعار النسبية التي توصل ما تبقى من السلطة الأمنية اللبنانية ـ السورية الى مواقع نيابية خصوصاً في جبل لبنان»، مشدداً على «ان المعارضة لن تقبل بالنسبية لا من قريب ولا من بعيد لأنها بدعة غير واردة في الطائف وتتطلب ثقافة سياسية وانتخابية ودورات تدريبية على شاشات التلفزة ليفهمها النواب قبل الشعب».

وقد اجتمع «لقاء قرنة شهوان» امس لبحث المستجدات. واصدر بياناً اعتبر فيه «ان الانتخابات النيابية المقبلة محطة اساسية في عملية بناء الدولة الحديثة واستعادة الوطن بعدما كسر الشعب اللبناني جدار الصمت والخوف، وبعدما بدأت مطالب المعارضة تتحقق وفي مقدمها الانسحاب الكامل للجيش السوري ومخابراته وتعيين لجنة تحقيق دولية لمعرفة الحقيقة (في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري) وبداية سقوط رموز النظام الأمني».

واعلن اللقاء تمسكه بـ «ضرورة اجراء الانتخابات النيابية في المهل القانونية من دون اي تأخير» محمِّلاً «السلطة في لبنان وسورية مسؤولية تأجيلها لأي حجة كانت». وكرر اللقاء تأييده للقانون المعجل المكرر لنواب المعارضة الذي يعتمد القضاء كدائرة انتخابية «والذي يمثل مشروعاً توافقياً على المستوى الوطني بعدما رفضت السلطة تطبيق الطائف لجهة اعادة النظر في التقسيم الاداري واعتماده اساساً للتقسيم الانتخابي، وبعدما باتت المهل الزمنية اقصر من السماح بذلك». ورأى «ان اي طرح جديد هو عرقلة لإجراء الانتخابات في الموعد القانوني. ويرمي الى تأجيلها او حتى الى تطييرها ما يشكل اعتداء على حق الناس ونسفاً للنظام الديمقراطي في لبنان».

من جهته، رفض النائب علاء الدين ترو (عضو اللقاء الديمقراطي) القول ان زيارة رئيس اللقاء النائب جنبلاط لبري وكرامي «ستؤثر سلباً على وحدة صف المعارضة». وقال في تصريح له امس: «ان التحرك الذي يقوم به النائب جنبلاط يصب في مصلحة لبنان من اجل تنفيس الاحتقان الداخلي الذي نشأ عن عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وبعد تحقق مطالب المعارضة الاساسية تباعاً، من الانسحاب السوري الى لجنة تحقيق دولية واقالة قادة الاجهزة الأمنية، لا يستطيع لا وليد جنبلاط ولا احد في المعارضة، التي نؤكد جميعاً على تضأمنها وتماسكها، ان يظل متمترساً خلف المواقف التي اتخذها. بل المفروض حصول لقاءات تنفس الاحتقان السائد ويكون الهدف الاساسي منها حكومة وقانون انتخاب لكي تجرى الانتخابات في موعدها الدستوري، لأن تأجيلها هو مقتل للبنان وللبنانيين». وعما اذا كان جنبلاط نسق مسبقاً خطواته مع المعارضة، قال ترو: «حصلت استشارات واتصالات مع معارضين. وتم ابلاغهم بالتحرك قبل حصول اللقاءات مع الرئيس بري والرئيس كرامي. لقد كانوا في اجواء ما يحصل». لكن ترو استبعد «حصول مفاجأة ثالثة كمثل زيارة جنبلاط لقصر بعبدا او دمشق». وتوقع وزير الدولة من الحكومة المستقيلة ألبير منصور، في حديث اذاعي بث امس، اعلان الحكومة العتيدة فور عودة الرؤساء الثلاثة في الفاتيكان. واوضح ان الحوار الذي اجراه جنبلاط مع بري وكرامي دار حول «المخاطر التي تحيط بلبنان في هذه الاجواء وفي جو الصراع الدولي حول الوضع الاقليمي والشرق الاوسطي وانعكاسات الصراع في المنطقة على الوضع اللبناني وكيفية وامكانية تجنيب لبنان نتائج هذا الصراع او تداعياته او كل ما ينتج عنه».

واعرب عن اعتقاده ان الحكومة يجب ان تنطلق مما تم التوافق عليه وهو اتفاق الطائف «وسيحصل نقاش حول تظهير قانون انتخاب يحقق الغاية المرجوة، وهي ضمان العيش المشترك وصحة التمثيل».