البرلمان اللبناني يمنح «ثقة قياسية» لحكومة ميقاتي ويمدد ولايته 20 يوماً لتجنب «الفراغ الدستوري»

الانتخابات النيابية تبدأ في 29 مايو... وقانونها يبحث اليوم

TT

حدثان بارزان شهدهما مجلس النواب اللبناني امس الاول، نيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ثقة نيابية تقارب الاجماع. والثاني تمديد مجلس النواب لنفسه 20 يوماً لضمان اجراء الانتخابات النيابية قبل انتهاء ولايته الدستورية.

ونالت حكومة ميقاتي ثقة 110 نواب من اصل 113 نائباً حضروا الجلسة. وحجبها نائب واحد وامتنع نائبان عن التصويت في اليوم الثاني من الجلسة المخصصة لمناقشة البيان الوزاري. وهي ثقة قياسية، اذ لم يسبق لحكومة ان نالت مثلها منذ تعديل الدستور عام 1989 ورفع عدد النواب الى 128.

وكان لافتاً نيل الحكومة ثقة الموالاة والمعارضة بما في ذلك نواب «لقاء قرنة شهوان» المسيحي المعارض الذي لم يمنح اياً من الحكومات السابقة الثقة، وكذلك نواب «حزب الله" الذين منحوا الثقة للمرة الثانية منذ دخولهم البرلمان، وكانت المرة السابقة منحهم الثقة لحكومة الرئيس سليم الحص عام 1998 .

ثم عقد المجلس جلسة ثانية فور انتهاء الجلسة الاولى، اقر فيها التمديد لولايته حتى 20 يونيو (حزيران) لمنع وقوع فراغ دستوري بسبب انتهاء ولايته في 31 مايو (ايار) المقبل، علماً ان قانون الانتخاب يفرض على وزارة الداخلية الدعوة للانتخابات قبل 30 يوماً على الاقل من الموعد المحدد لها. وقد قصّر المجلس هذه المهلة الى 23 يوماً.

وكان بري اضطر امس الى عقد مؤتمر صحافي للرد على معلومات صحافية ذكرت انه طالب بتأجيل الانتخابات ثلاثة اشهر. وهو اعلن ان «اول من دعا الى الانتخابات، حتى الانتخابات المبكرة في لبنان، كانت كتلة التحرير والتنمية» التي يرأسها. واضاف: «لقد نسي هؤلاء امراً آخر، فبعد اغتيال الرئيس الحريري وتحديداً في 21 فبراير (شباط) دعوت في هذه القاعة الى عقد لجان مشتركة لمتابعة قانون الانتخابات لكي لا نصل الى حالة فراغ او تخوف من تأجيل الانتخابات واجراء الاستحقاقات في مواعيدها. ومداولة الديمقراطية امر ليس موضع نقاش على الاطلاق. لذلك اريد ان اقول بكل بساطة ان هذه الاخبار غير صحيحة اطلاقاً. ونحن نريد الانتخابات بالامس قبل الغد واليوم قبل بعد غد. هناك بحث تقني لا يزال قائماً وهو ان الموعد الاول للانتخابات سيكون في 29 مايو (ايار) هذا الامر محسوم واستطيع ان اؤكده لجميع اللبنانيين وللعالم. ستجرى الانتخابات ابتداء من 29 مايو (ايار)». وفي وقت لاحق استؤنفت جلسة المناقشة وكان اول المتكلمين النائب عاصم قانصوه (حزب البعث العربي الاشتراكي) الذي رحب بعودة العماد ميشال عون وباطلاق قائد «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع وجميع المعتقلين، معتبراً ان ابعاد الجنرال عون تم بقرار اميركي. وأشاد قانصوه بالدور السوري في لبنان، مستغرباً الحديث عن المطالبة بالسيادة والاستقلال. وسأل: «الاستقلال عن من عن سورية؟ اين كانت هذه الاصوات ابان الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان عندما كانت المقاومة تقدم الشهداء والدم والاسرى والجرحى؟». وابدى الرئيس السابق لمجلس النواب حسين الحسيني رفضه لقانون الانتخاب الصادر عام 1960 معتبراً انه «ارتداد على اتفاق الطائف»، كما رفض «صفقة» قانون العام 2000 «لأنهما ينصان على النظام الاكثري في دوائر لا يصح فيها الا النظام النسبي». ودعا المجلس الى «المبادرة القانونية اللازمة لتوفير الوقت والوسائل الضرورية في سبيل وضع قانون انتخاب جديد وفقاً لاحكام الدستور ولأحكام وثيقة الوفاق الوطني، كما الوقت والوسائل الضرورية للعملية الانتخابية نفسها». وفي نهاية الجلسة رد الرئيس ميقاتي على المداخلات النيابية فأكد ان الحكومة «تمتلك خياراً ورؤية في موضوع قانون الانتخابات يتفقان تماماً مع روح اتفاق الطائف اي المحافظة والنسبية... لكن نظراً للظرف الحالي ووعينا للامور وضيق الوقت الذي لا يتسع لاعداد مشروع القانون ليتفق مع هذا المبدأ، بحثنا في لجنة صياغة البيان الوزاري وفي مجلس الوزراء... وخرجنا باقتراح لتشكيل لجنة تشاورية نيابية ـ وزارية. وهي ليست سوى فكرة لإتاحة الفرصة امام القوى السياسية الممثلة في المجلس لوضع قانون جديد يحقق صحة التمثيل السياسي» مشدداً على ان الحكومة في نهاية الامر تلتزم التزاماً كاملاً ما يقرره المجلس ». وقال: «لكي نتجنب مكرهين العودة الى قانون الانتخاب للعام 2000، رغم علمنا بما يعتريه من شوائب وسلبيات، فإننا نذكر مجلسكم الكريم ان الحكومة التي تمثل امامكم لم تسحب القانون المحال من الحكومة السابقة للانتخاب على اساس القضاء. واننا نطلب ان ينكب مجلس النواب فوراً على متابعة دراسة مشروع القانون المذكور او اي اقتراح قانون ورد الى مجلسكم، وذلك في اقصى سرعة ممكنة ليتم تحقيق هذا الانجاز الديمقراطي الذي ينتظره ويبني عليه اللبنانيون الكثير من الآمال... والا سنضطر الى العمل بمقتضى قانون الانتخابات النافذ ودعوة الهيئات الناخبة فوراً على اساسه احتراماً منا للمهلة الدستورية وعدم الوقوع في اي فراغ». ثم طرح الرئيس بري الثقة بالحكومة على التصويت فنالت ثقة 110 نواب مقابل صوت واحد حجبها، هو للنائب طوني حداد عضو كتلة النائب ميشال المر الذي غاب عن الجلسة مع عضو كتلته اميل اميل لحود (نجل رئيس الجمهورية). فيما منح عضو الكتلة سيبوه هوفنانيان الثقة للحكومة. وقد امتنع عن التصويت النائبان غسان مخيبر (معارض) وأسامة سعد.

الجلسة الثانية وفور انتهاء الجلسة اعلن الرئيس بري عن جلسة ثانية تشريعية لبحث موضوع قانون الانتخاب. وقد رفض طرح اقتراح قانون تقدم به نواب المعارضة على التصويت، منعاً لـ «سلق التشريع». كما رفض طرح اقتراح آخر للعفو عن قائد «القوات اللبنانية» المحظورة سمير جعجع، لكنه اكد ان 90 في المائة من النواب مع هذا الاقتراح الذي سيبحث قريباً. واعلن بري عن مباشرة اللجان النيابية المشتركة بدءاً من اليوم عقد اجتماعاتها لاقرار قانون جديد للانتخابات.

وبعد نقاشات مستفيضة توصل النواب الى صيغة اقتراح قانون ينص على انتهاء ولاية المجلس الحالي في 20 يونيو (حزيران) المقبل وعلى دعوة الهيئات الانتخابية بمرسوم وتكون المهلة بين تاريخ نشر المرسوم واجتماع الهيئات الناخبة بصورة استثنائية 23 يوماً على الاقل، وان تبدأ الانتخابات يوم الاحد في 29 مايو (أيار) وفقاً للقانون النافذ وتتابع العمليات الانتخابية في مختلف الدوائر تباعاً. ويمكن ان تجري الانتخابات في اي يوم يحدده مرسوم الدعوة.