الجعفري يشكل أكبر حكومة عراقية في يوم ميلاد صدام

الجمعية الوطنية صادقت بالأغلبية على الوزارة غير المكتملة

TT

بعد ثلاثة اشهر من الجمود السياسي وفراغ السلطة الذي عرقل الجهود لانهاء العنف صادق البرلمان العراقي الانتقالي امس بأغلبية اعضائها على أول حكومة منتخبة منذ نصف قرن.

ووافق 180 من 185 عضوا حضروا جلسة الجمعية الوطنية المكونة من 275 مقعدا على الحكومة غير المكتملة التي اقترحها رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري.

وتصادف هذا الحدث مع اليوم الذي ظل الرئيس العراقي السابق صدام حسين المسجون حاليا يحتفل به على نحو باذخ باعتباره يوم ميلاده.

وساد الابتهاج الجمعية الوطنية بعد ان اعلن رئيسها انه تم التصديق على الحكومة بأغلبية 180 صوتا واعتراض خمسة.

ويرجع التأخير في تشكيل الحكومة وتقديمها بتشكيلة غير مكتملة الى خلافات بشأن تخصيص الوزارات وهو ما قوض ايمان العراقيين في زعمائهم ومسح قدرا كبيرا من التفاؤل الذي ظهر نتيجة للانتخابات التي جرت في مطلع العام الحالي وادى الى تصاعد التمرد.

وتضم الحكومة العراقية الجديدة اربعة نواب لرئيس الوزراء و32 وزيرا (17 للائتلاف العراقي الموحد) و(8 لقائمة التحالف الكردستاني) و(6 للعرب السنة) وواحدة للكلدانيين ـ الاشوريين، وهي بذلك تعد اكبر حكومة عراقية. الا ان نائبين لرئيس الوزراء وخمس حقائب وزارية لم يتم اختيار اسماء لها حتى الان، وبحسب الجعفري فانه «سيتم خلال الايام القليلة المقبلة الاتفاق على اسماء لهذه المناصب».

وقال رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري «لقد راعيت ثلاثة مبادىء في تشكيلة الحكومة: الكفاءة لان البلد بحاجة ماسة للكفاءة العراقية حتى نساعد بدفع العملية السياسية نحو الامام، والنزاهة لان منحنى الفساد الاداري عال جدا، واخيرا السمعة الوطنية والتاريخ الوطني».

واوضح ان «الحكومة ستعمل كفريق واحد وكخلية نحل لان امامها تركة ثقيلة وعملا شاقا».

واضاف الجعفري «لقد راعيت في تشكيلة الحكومة الاخذ بالاعتبار الحيف الانتخابي الذي وقع على اخوتنا السنة العرب»، مشيرا الى ان «حجمهم البرلماني لا يساوي حجمهم الديموغرافي، وهذه حقيقة ندركها جيدا».

وتابع «اهلا بكل صوت شارك في الحكومة واهلا بكل صوت لم يشارك في الحكومة فحتى الذي لم يشترك اهلا به ما دام يختلف بطريقة حضارية».

وقال الجعفري «اسجل كل احترامي وتقديري لأولئك الذين لم يجدوا بأنفسهم قناعة كافية بأن يشتركوا ولكنهم سيبرهنون انهم يساهمون بدعم الحكومة من خلال النقد والتقييم والتسديد وحتى ابداء الملاحظات»..

وفشل الجعفري في تعيين وزراء دائمين لخمس وزارات هي النفط والدفاع والكهرباء والصناعة وحقوق الانسان ما يؤكد مدى انقسام الزعماء الجدد بشأن شكل الحكومة.

وعين أحمد الجلبي في منصب القائم بأعمال وزير النفط، وهو شيعي كان مقربا في فترة من الفترات من وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، بينما شغل الجعفري نفسه منصب القائم بأعمال وزير الدفاع. وتولى التركماني الشيعي باقر صولاغ (بيان جبر) وزارة الداخلية التي تعتبر اساسية بالنسبة للأمن. وزاد القلق في الاسابيع الاخيرة من تعيين وزير داخلية شيعي وامكانية تنحيته للعديد من السنة. ومن المرجح ان يثير تعيين الجلبي قائما بأعمال وزير النفط استياء كثير من العراقيين. وهو من السياسيين الذين لا يتمتعون بشعبية في العراق وفقا للاستطلاعات. وبينما جاء توزيع المناصب وفقا للخطوط العرقية والدينية الى حد كبير الا ان الجعفري أصر على ان هذه الحكومة تعد حكومة «وحدة وطنية».

ولم تضم الحكومة أي عضو من قائمة اياد علاوي اثر انهيار المحادثات مع رئيس الوزراء السابق هذا الاسبوع بعد ان تردد انه طالب بالعديد من المناصب الوزارية.

وجاء حزب علاوي في المرتبة الثالثة في الانتخابات وفاز بأربعين مقعدا في البرلمان وسيشكل محور المعارضة. واكد حسين الصدر عن القائمة العراقية التي يتزعمها علاوي «اننا نبارك الحكومة العراقية التي طال انتظارها لخدمة هذا البلد والشعب الذي لقي ما لقي من ابتلاءات».

واوضح ان «المهم بالنسبة للقائمة العراقية هو ان تشارك في خدمة الشعب والوطن وليس المشاركة في الحقائب والمناصب السياسية»، مشيرا الى ان «اعضاء القائمة كانوا في طليعة النواب الذين صوتوا لهذه الحكومة».

وشدد الصدر على ضرورة ان «لا تبدأ هذه الحكومة عملها من نقطة الصفر بل تأخذ بالاعتبار الجهود الحثيثة التي بذلتها حكومة علاوي في بناء العراق الذي دمر بالكامل».

من جهته، دعا عبد العزيز الحكيم رئيس لائحة الائتلاف العراقي الموحد الحكومة الجديدة الى «تحقيق الأمن الوطني من خلال تطوير قدراتنا الذاتية الوطنية في حقلي الدفاع وحفظ الأمن ومكافحة الارهاب لاعتمادها بدلا من الاعتماد مستقبلا على القوات متعددة الجنيسات».

واضاف «في الوقت الذي نعلن اسنادنا ودعمنا لهذه التشكيلة الحكومة نؤكد حرص الائتلاف على ضرورة التزام الوزراء كافراد بمحاربة الارهاب وملاحقة مجموعاته والوقوف بحزم امام مساعي الارهابيين في ضرب مقومات العملية السياسية والبنى الاقتصادية».

واوضح الحكيم ان «كتلة الائتلاف لن تتهاون او تتساهل في متابعة او محاسبة أي مسؤول لا يلتزم بسياسة مواجهة الارهابيين وفاء للعراق ولدماء العراقيين».

وطالب الحكومة ووزاراتها بـ«الالتزام الكامل بقانون ادارة الدولة الذي ينص على اجتثاث المجرمين الصداميين من جميع مؤسسات الدولة ابتداء من المؤسسات التشريعية مرورا بالسلطة التنفيذية والمواقع الحساسة المختلفة».

ودعا وزراء حكومة الجعفري الى «بذل كل جهد ونزاهة وتحمل المسؤولية وامتلاك الشجاعة الكاملة في الحرص على المال العام والترفع عن الترف والتبذير وكثرة السفر بدون موجب واحترام الاعراف الدبلوماسية للتعامل مع دعوات الدول والشركات».

كما دعا الوزراء الى عدم تكرار ما حصل من قبل وزراء الحكومتين السابقتين «الذين قضوا الكثير من وقتهم خارج البلد».

من جهته، اكد فؤاد معصوم من قائمة التحالف الكردستاني ان «تشكيل الوزارة اخذ وقتا ليس بالقصير ولكن لا بأس لان هذه اول حكومة منتخبة وهذا يعني عدم وجود فرض رأي من شخص او حزب او جهة».

ورأى ان «المهام التي امام الحكومة تتطلب العمل الشاق فهناك اوليات للشعب العراقي ننتظر من مجلسكم الموقر الاهتمام بها خصوصا في مكافحة الارهاب وتوفير الخدمات الاساسية للشعب العراقي».

لكن التشكيلة الحكومية هذه واجهت انتقادات من بعض النواب من خارج الائتلاف الشيعي والكردستاني الذين اعتبروا انها ليست حكومة وحدة وطنية بل حكومة الفائزين في الانتخابات العامة التي جرت في الثلاثين من يناير (كانون الثاني) الماضي.

وقال النائب مفيد الجزائري عن الحزب الشيوعي العراقي (وزير الثقافة سابقا في حكومة علاوي) «يؤسفني ان اقول ان هذه الحكومة هي في الجوهر حكومة الفائزين في الانتخابات وليست حكومة وحدة وطنية كما يقال». واوضح ان «الفائزين لهم الحق في ان يشكلوا الحكومة ولكنه ليس صحيحا ان يقال ان هذه الحكومة تمثل حكومة وحدة وطنية».

واضاف «كنا نتمنى مثل غالبية الشعب العراقي ان تكون هذه الحكومة حكومة وحدة وطنية حكومة تستوعب ممثلي مختلف مكونات الطيف السياسي والفكري في بلادنا والقوى التي ناضلت معا ضد النظام المقبور وشاركت في العملية السياسية منذ سقوط الديكتاتورية وبذلت كل الجهود من اجل اجراء الانتخابات وخاضتها وخرجت منها ودخلت هذه الجمعية الوطنية الموقرة».

من جانبه، اكد النائب مشعان الجبوري (سني) ان «شخص رئيس الوزراء اكن له كل الاحترام والتقدير اما كل ما عداه فأنا متحفظ عليه».

وانتقد الجبوري «اصرار رئيس الجمعية الوطنية حاجم الحسني على اجراء عملية التصويت قبل ابداء الملاحظات على تشكيلة الحكومة»، مشيرا الى انه «ارتكب خطأ كبيرا بذلك».

واوضح «اننا تفاجأنا اليوم انه قد تم ممارسة واحدة من ممارسات الابادة والاقصاء السياسي لمجموعة مهمة واساسية للشعب العراقي» في اشارة الى العرب السنة.