الجيش اللبناني يحرس المقار السورية السابقة في عنجر

الأهالي رفعوا الأعلام اللبنانية لأول مرة منذ 27 سنة

TT

اكد قروي من سكان عنجر ان اخر قافلة من القوات والاستخبارات السورية تركت المنطقة في تمام الساعة الثامنة مساء الثلاثاء.

واوضح كريم، وهو حداد يعمل في المدينة، ان القافلة كانت تضم ما بين 15 و20 شاحنة، ولكنه اوضح انه «لا يزال يوجد بعض العمال السوريين، ولكن الجيش والمخابرات تركوا».

والان تتولى القوات اللبنانية حراسة هذه المدينة الارمنية السكان والاموية الاثار، وحراسة مكاتب الجيش والاستخبارات خلال السيطرة السورية. ولا يسمح لأي شخص بدخول المواقع الحساسة. ولا تزال بعض المناطق معزولة بسبب الاسلاك الشائكة المنتشرة عبر الشوارع.

وبحلول ظهر الاربعاء، في هذه البلدة الهادئة عادة، اخذ القرويون، يرفعون الاعلام اللبنانية، لاول مرة منذ 27 سنة، ويعلقونها على واجهات المحلات وعلى الشرفات: وهو مشهد لا يمكن تخيله قبل يوم. ويوضح مرسيز نارسيسيان وهو عجوز يتكئ على عصا، شرفته مزينة بثلاثة اعلام، الامر بقوله «لقد اشترى حفيدي الاعلام قبل يومين، ورفعناها اليوم، والاطفال يلعبون الكرة في الطابق الاسفل». وفي منطقة كانت تحت حراسة سورية مشددة كانت السيارات والشاحنات تنتظر خارج جداران القلعة، وتجمع جيران نارسيسيان لتبادل اطراف الحديث حول كوب من القهوة في منزل لآل القاضي وقال: «لم يتسببوا في أي مشاكل لنا. ولكن لهجتهم بدأت في التغير عندما اخذت روايات السجن والتعذيب تنتشر».

وطبقا لأسرة قاضي، لا يوجد معتقلون في المدينة، وأن كل ما هناك مكاتب ومنازل وفيلات لسكن الضباط السوريين. ويبدو ان السوريين انتقلوا الى منازل خاوية. ويشرح نارسيسيان قائلا ان المنزل الكائن في الجهة الاخرى للشارع يملكه رجل غادر الى بيروت ليكتشف لدى عودته ان منزله صار يستخدم كمكتب للمخابرات. وأضاف: لم يدفعوا له أي ايجار عن استعمال المنزل. المنزل الآن مغلق والكراسي الموجودة داخله مقلوبة ونزع الفرش عنها، كما هو واضح من النظر من خلال النافذة المكسورة. وعلقت على الباب ورقة هي عبارة عن إعلان من الجيش اللبناني يحظر الدخول الى المبنى. يقول الميكانيكي ديفيد سفريان انهم يشعرون بالخوف، وأضاف معلقا ان «غابة بلا ثعالب لا تعتبر غابة». وعلق واحد من أفراد اسرة قاضي قائلا انه من الصعب وصف مغادرة السوريين لأن الأمر لا يزال جديدا، وأضاف قائلا انه بعد مرور فترة شهرين او ثلاثة ربما يبدأ الناس في الحديث بصوت عال. فقد جرى تحويل مصنع للبصل خارج المدينة، يملكه فلسطيني، الى سجن ومركز للاستجواب بواسطة المخابرات السورية. ويحكي سفريان، الذي جاء لإصلاح سيارات بالقرب من مبنى مصنع البصل المهجور حاليا، انه كان يسمع صراخ اشخاص وكأنهم يتعرضون للضرب. واثناء الحرب اعتقلته القوات السورية بسبب نشاطاته السرية مع حركة فتح. وقال ناصر ضاحكا بألم «وضعت في صندوق السيارة. كانت هناك شاحنات وسيارات صغيرة تحتوي على حوالي 20 شخصا وكلهم احتجزوا بداعي استجوابهم. ووصلت الى المصنع في حدود الساعة الخامسة عصرا وكان الطقس باردا. وعندما اشتكيت الى الحارس قال لا تقلق سوف ندفئك حالا. وكانت تلك بداية كابوس حيث قضيت اسبوعا هناك قبل ان اشحن الى سجن المزة بسورية حيث قضيت ثماني سنوات. وتطلب الأمر من عائلتي سنة ونصف ليعرفوا مكان اعتقالي».

ويضيف «في البداية كنت أقف في غرفة مع عشرين شخصا وكنا معصوبي الاعين وموثوقي الأيدي الى الخلف ثم كنا نؤخذ واحدا بعد الآخر لاستجوابنا». وخلال وصف ناصر لمختلف انواع الضرب والتعذيب المستمر قال انه اتهم بالمشاركة في عملية قتل لم تكن لديه اية علاقة بها. واوضح انه بسبب كونه شابا صغيرا قام بدور مراسل بين الأطراف. وقال «كان شعري طويلا عندئذ ولم اكن اثير الشك. ولكنهم اكتشفوا الأمر وتابعوني». وسواء كان متهما عن حق أو باطل فان معاملة ناصر بوحشية واحدة من كثير من الحالات التي تجعل الاشاعات الحالية تسير مثل الماء في عنجر لتصبح أنهارا عند وصولها الى بيروت. وأوضح احد افراد عائلة القاضي انه اليوم «سعيد جدا برحيل السوريين، ونحن جميعا سعداء برحيلهم. انه شيء شبيه باستقلال جديد. أمي تتذكر الاستقلال عام 1943، وهذا هو استقلالنا الثاني في عام 2005». وخارج بيت عائلة القاضي كان هناك «باصان» من الأمم المتحدة ترافقهما عربتان عسكريتان تابعتان للجيش اللبناني في مكان قريب. ويركض جندي الى البوابة الخشبية على امتداد ما تبقى من الجدران، ويفتحها ليدخل جنود هنود تابعون للأمم المتحدة وهم يرتدون سترهم من أجل القيام بنزهة داخل آثار الأمويين.