إيران: لاريجاني وقاليباف يتبادلان الاتهامات «عبر وسطاء» حول النزاهة واستغلال مرافق الدولة

طهران تفتح مكاتب في أربع مدن فرنسية للتصويت في الانتخابات لأول مرة منذ 1979

TT

تهجم مرشحان محافظان بارزان إلى الانتخابات الرئاسية الإيرانية على بعضهما البعض متبادلين الاتهامات «عبر وسطاء» مقربين من كل منهما، الأمر الذي يقلل من احتمال انسحاب أحدهما لصالح الآخر، وهو ما يدعو إليه عدد من المرشحين المحافظين بهدف ضمان حصول أحد المحافظين الأربعة على نسبة عالية من الأصوات وفرض دورة انتخابية ثانية. ويأتي ذلك فيما قالت السفارة الإيرانية في باريس إنها قررت فتح مكاتب لتصويت الإيرانيين في أربع مدن فرنسية، وذلك لأول مرة منذ اندلاع الثورة الإيرانية 1979.

واتهم مقربون من المسؤول السابق عن هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية، علي لاريجاني، قائد الشرطة الإيرانية السابق، محمد باقر قاليباف، من دون تسميته باستخدام الأجهزة التي كانت تحت إمرته في حملته الانتخابية. وقال حميد رضا كاتوزيان، القريب من لاريجاني لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية أمس «يجب أن يدرك عناصر الجيش والشرطة الذين يتحركون لصالح أحد المرشحين أن هذا الأمر لن يصب في صالحه في النهاية». ويتعرض قاليباف، الذي كان أيضا قياديا في حراس الثورة، الجيش العقائدي الإيراني، منذ بداية الحملة الانتخابية لاتهامات من هذا النوع.

ولم يشرح أحد بالتفصيل ما هي الممارسات التي يلجأ إليها قاليباف، إلا أن بعض المؤيدين للاريجاني يتحدثون عن قيام شرطي أو جندي في أكثر من مكان، بالعمل على إقناع عشرة أو عشرين عنصرا آخر بالتصويت لصالح قاليباف. كما ندد أحد حلفاء لاريجاني، وهو منوشهر متقي، بممارسات أخرى تقوم بها الشرطة، مثل منع سيارات تشارك في حملة لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، على خامنئي، من المرور في مناطق معينة.

في المقابل، حذر أحد مؤيدي قاليباف، برويز سرواري، لاريجاني بالقول: «إذا خضنا الانتخابات متحدين، هناك إمكانية لأن نحسم الأمر من الدورة الأولى، وإلا فالأمر يدعو إلى القلق، وستكون المنافسة أكبر بكثير». بينما ذهب قاليباف من جهته إلى حد اعتبار المرشح الأوفر حظا بالفوز بالرئاسة، أكبر هاشمي رفسنجاني، على أنه من الماضي، ودعا، في إشارة إلى الرئيس الإيراني السابق، إلى التصويت، «لكي لا يتكرر الماضي». ويتنافس قاليباف ولاريجاني، إلى جانب اثنين آخرين من المحافظين، على الرئاسة الإيرانية، ومرشحين إصلاحيين اثنين.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن كلا من لاريجاني وقاليباف، في المرتبة الثانية بعد رفسنجاني بفارق أصوات كبير. وفي الوقت نفسه، يحاول المرشح الإصلاحي مصطفى معين حض الناخبين على المشاركة في التصويت من أجل تضييق الفارق بينه وبين لاريجاني وقاليباف وليفرض بالتالي إجراء دورة ثانية من الانتخابات ستكون الأولى في تاريخ الجمهورية الإيرانية في حال حصولها. ويتعين أن يحصل المرشح على أكثر من 50% من الأصوات ليفوز بالرئاسة من الدورة الأولى.

إلى ذلك، أعلنت سفارة إيران في باريس أمس، أن الإيرانيين المقيمين في فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية سيتمكنون لأول مرة من المشاركة في الانتخابات الرئاسية، وأن أربعين مكتبا انتخابيا ستفتح في الولايات المتحدة، حيث سبق وشاركت الجالية الإيرانية في الانتخابات. وفي فرنسا ستفتح أربعة مكاتب اقتراع لهذه الانتخابات الرئاسية التاسعة منذ الثورة الإيرانية في 1979 في إيران.

وستفتح هذه المكاتب أبوابها في باريس وليون (وسط شرق) وستراسبورغ (شرق) ونيس (جنوب شرق)، وتعد الجالية الإيرانية في فرنسا ما بين خمسين إلى ستين ألف شخص، حسب التقديرات. ولم تشارك هذه الجالية في عمليات الاقتراع السابقة. ومن جهتها أعلنت مساعدة الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية، سيسيل بوزو دي بورغو، أن «فرنسا اتخذت كل التدابير لتسهيل تنظيم عملية الاقتراع الرئاسية، بناء على طلب سفارة إيران». وستفتح مكاتب الاقتراع في الساعة التاسعة صباحا (السابعة بتوقيت غرينتش)، وتغلق في الساعة 00.21 يوم 17 يونيو (حزيران) الجارى. وأوضحت السفارة الإيرانية أن مكاتب اقتراع ستفتح أيضا في بريطانيا (10)، وفي هولندا (2)، والدنمارك (2).

وفي الولايات المتحدة، التي لا تقيم معها إيران علاقات دبلوماسية سيفتح أربعون مكتبا، وهو عدد غير مسبوق، يقدر بعشرة أضعاف عدد مكاتب الانتخابات السابقة، كما أفادت السفارة الإيرانية في باريس. وتفيد التقديرات بأن أكثر من ثلاثة ملايين إيراني يعيشون في الخارج، منهم مليون في الولايات المتحدة، حيث يقيم 600 ألف في كاليفورنيا.

وعلى صعيد ذي صلة، لم تنتظر الولايات المتحدة أن تبدأ عملية التصويت لتؤكد أنها ليست لديها أوهام حول نتائج هذه الانتخابات، التي تعتبرها مزورة سلفا، مشجعة الإيرانيين على التعبئة من أجل ديمقراطية حقيقية. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، شون ماكورماك، أمس: «يمكن أن نتساءل بشأن انتخابات يكون فيها الملالي وبعض الأشخاص غير المنتخبين هم الذين يقررون من يمكنه تقديم ترشيحه». والعلاقات مقطوعة بين واشنطن وطهران منذ عام 1980 بعد الثورة الإيرانية. وفي حين تصور طهران الولايات المتحدة على أنها «الشيطان الأكبر»، أدرج الرئيس الأميركي، جورج بوش، اسم إيران بين دول «محور الشر»، واتهمها بأنها «موقع متقدم للطغيان» في العالم.

ولم يتمكن الرئيس الإصلاحي الحالي، محمد خاتمي، خلال ولايتيه المتعاقبتين، اللتين شهدتا حملات منتظمة من المحافظين، من إحداث تقارب مع واشنطن. ومع أن هذه العلاقات الثنائية تحتل حيزا واسعا من الحملة الانتخابية الجارية حاليا في إيران، إلا أن واشنطن لم تبد أي إشارة تنم عن اكتراثها لفوز أي من الأطراف. وتقف إيران وراء كل المخاوف الأميركية في الشرق الأوسط، فهي متهمة بالسعي لامتلاك السلاح الذري، ودعم الإرهاب الدولي، والعمل على نسف جهود السلام الإسرائيلية ـ الفلسطينية. وإيران من القوى النفطية الأولى في العالم، كما أنها محاذية للعراق وأفغانستان، البلدين اللذين يخوض الأميركيون فيهما عمليات عسكرية مكلفة. وقال مسؤولون أميركيون إن واشنطن تعمل بصمت منذ العام الماضي على تقديم دعم مالي قارب حجمه 5.4 مليون دولار للمعارضة الإيرانية ولمجموعات خارج إيران تعمل لإحلال الديمقراطية، كما كثفت واشنطن برامجها الإذاعية باللغة الفارسية الموجهة إلى إيران.