مترجم الصحافية الفرنسية المخطوفة في العراق يتبعها إلى باريس والجدل يتواصل حول ظروف إطلاق الرهينتين والثمن المدفوع

TT

وصل أمس الى باريس، مقبلا من بغداد عبر عمان، حسين حنون السعدي، مرافق ومترجم الصحافية الفرنسية فلورنس أوبناس، الذي أمضى معها 157 يوما، مخطوفين في العراق، قبل أن يطلق سراحهما السبت الماضي. وكان السعدي برفقة زوجته وابنه، وقدم بدعوة من صحيفة «ليبراسيون»، التي تعمل أوبناس لصالحها، «لتمضية عدة أسابيع في فرنسا»، وفق مدير الصحيفة سيرج جولي، الذي كشف أن السعدي «لا ينوي الاستقرار في فرنسا»، على غرار ما فعله محمد الجندي، مرافق الرهينتين السابقتين جورج مالبرونو وكريستيان شينو. غير أن جولي أكد بالمقابل، أنه «سيفحص كل الاحتمالات الممكنة» مع السعدي، البالغ من العمر 46 عاما، وهو عقيد سابق في سلاح الجو العراقي، وتحول الى مرافق للصحافيين الأجانب، بعد انتهاء حرب 1991. وكان السعدي قد أعلن، عقب الإفراج عنه، أنه سيترك مهنة مرافقة الصحافيين.

وما زال الجدل يتفاعل فرنسيا، حول الجهة التي احتجزت الرهينتين، وظروف الإفراج عنهما، والثمن الذي دفع لهذا الغرض. وترى مصادر قريبة من الأجهزة الفرنسية، أن الخاطفين «مزيج من أجهزة مخابرات، وبعثيين وعسكريين من النظام السابق»، مستبعدة كونهم من «الجهاديين الإسلاميين».

وتتحفظ الجهات المعنية عن تفسير الأسباب، التي جعلت عملية الخطف تتجاوز الخمسة أشهر، رغم السياسة الفرنسية المتميزة عن السياسة الأميركية ودول التحالف، التي لم توفر الغطاء ولحماية للمواطنين الفرنسيين. ولم تظهر بدقة طبيعة الدور، الذي لعبه النائب اليميني الفرنسي ديديه جوليا، الذي كان مقربا من النظام العراقي السابق، ولا «الثمن» السياسي أو المادي، الذي دفعته فرنسا لضمان الإفراج عن الرهينتين. وزاد تحفظ أوبناس عن تأكيد أنها احتجزت مع السعدي في المكان نفسه، حيث احتجز الرهائن الرومانيون الثلاثة، من الغموض حول صحة هذه الواقعة من جهة، وحول الدور الذي لعبته المخابرات الرومانية في تسهيل إطلاق سراحهما عن طريق المعلومات أو العلاقات التي وضعت بتصرف السلطات الفرنسية. لكن الثابت أن بوخارست «أفادت باريس» من تجربتها، ومن المعلومات التي جمعتها حول الخاطفين، بفضل شبكة العلاقات الإستخبارية التي كانت قد نسجتها منذ ايام الرئيس السابق تشاوشيسكو.

وأمس، عزا وزير الخارجية الفرنسي السابق ميشال بارنيه، تأخر عملية إطلاق السراح، الى أن الجهات الفرنسية المخولة الملف، أي خلية الخارجية في باريس والسفارة الفرنسية في بغداد وأجهزة المخابرات، «لم تنجح في اقامة اتصال غير مباشر (مع الخاطفين) وموثوق منه، إلا قبل خمسة أسابيع» على خروج أوبناس والسعدي. وأكد بارنيه أن باريس «لم تقم ابدا اتصالا مباشرا مع الخاطفين»، ونفى «علمه» بأية اتصالات للنائب جوليه مع الخاطفين. واعترف بارنيه بأن السلطات الفرنسية «لا تتوافر لها معلومات دقيقة عن الجهة الخاطفة». ورد الوزير السابق عما يقال عن دور محتمل لسورية في عملية الخطف، وبالتالي في عميلة الإفراج بقوله، إنه «لا يملك معلومات» تؤكد هذا التوجه علما بأن الصحافة الفرنسية تضج بمعلومات عن دور سوري محتمل في مسألة الرهائن.

واحتمى بارنيه وراء ما تؤكده الحكومة الفرنسية، من أنها «لم تدفع» فدية لضمان الإفراج عن الرهينتين. ولكن في غياب «ثمن سياسي» مقابل الإفراج، فإن ثمة قناعة بأن باريس دفعت الثمن نقدا. وكتبت صحيفة «لو فيغارو» أول من أمس، أن الخاطفين طلبوا فدية وأن باريس وجدت المبلغ «مبالغا» فيه، وقالت الصحيفة «لا أحد غير الرئيس شيراك وعدد قليل من المسؤولين، يعرف ما حصل لإخراج الرهينتين، وما هو السبب الذي حمل الخاطفين على إطلاقهما»، ما يترك الضباب محيطا بهذه المسألة. وأمس، أشاد بارنيه بدور «المراجع الإسلامية»، وتحديدا في السعودية وقطر، التي أطلقت نداءات لإخراج الرهينتين.