رئيس «نيويورك تايمز» يشعر بالصدمة و«تايم» تطالب بإعادة النظر في فترة السجن

إزاء مواجهة مراسليهما السجن بسبب التزامهما بالمحافظة على سرية مصادر معلوماتهما

TT

قال رئيس شركة «نيويورك تايمز»، انه يشعر بالصدمة ازاء مواجهة مراسلة الصحيفة جوديث ميللر، السجن بسبب التزامها ومراسل مجلة «تايم» ماثيو كوبر، بوعدهما لمصدرهما بالمحافظة على سريته.

وكانت المحكمة العليا رفضت أول من أمس، الاستماع الى استئناف مقدم من ميللر وكوبر، اللذين قالا انهما لا ينبغي ان يجبرا على كشف مصادرهما السرية، لمدع يجري تحقيقا حول ما إذا كان مسؤول رفيع المستوى في إدارة الرئيس جورج بوش، قد سرب اسم عميل سري لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي.آي.ايه).

وبموجب أمر المحكمة، يواجه كل من ميللر وكوبر السجن، وبوسع كل منهما تقديم نفسه للسلطات خلال أسابيع، إذا واصلا رفض الإجابة عن الأسئلة المطروحة أمام هيئة محلفين عليا. وكانت ميللر وكوبر قد رفضا على مدى اكثر من عام، تحديد المصادر السرية، التي تحدثا اليها صيف عام 2003 بشأن مساعي السلطات الاميركية، للتشكيك في واحد من أبرز المنتقدين، لخوض الولايات المتحدة الحرب في العراق، وهو السفير السابق جوزيف ويلسون، زوج ضابطة وكالة الاستخبارات المركزية فاليري بلام. ويواجه كلاهما السجن لمدة شهر وربما 18 شهرا. ويقول المراسلان، انهما لا يستطيعان أداء عملهما، إذا خرقا الوعد بالمحافظة على سرية مصادرهما، التي ساهمت في إلقاء نظرة على سمة السرية، التي تحيط بالحكومة الأميركية. وقال المدعي الخاص باتريك فيتزجيرالد، انه لا يستطيع التحقيق بشأن جرائم، اذا كان للمراسلين حق خاص، من دون بقية المواطنين، بإخفاء معلومات.

ومن المتوقع ان تطلب ميللر وزميلها كوبر من قاض فيدرالي إعادة النظر في القرار، الذي اتخذه العام الماضي باستخفافهما بالمحكمة وسجنهما بسبب ذلك. إلا ان خبراء قانونيين يرون انه ليس من الوارد عدول القاضي توماس هوغان عن رأيه، او الخلاصة القانونية التي توصل لها بأن بحث المدعي عن الحقيقة، في تحقيق جنائي أكثر أهمية من حاجة مراسل الى حماية مصادره السرية. من جانبه قال آرثر سولزبيرغر، رئيس شركة «نيويورك تايمز»، انه يشعر بالصدمة ازاء مواجهة جوديث ميللر للسجن. وأصدرت مجلة «تايم» بيانا قالت فيه ان القاضي هوغان، يجب أن يعيد النظر في فترة السجن، لأن التحقيق الذي أجراه المدعي الخاص باتريك فيتزجيرالد تغير تماما. وأشار البيان الى ان المدعي توصل، فيما يبدو، الى ان الجريمة التي أجرى التحقيق بشأنها، لم تحدث اصلا، لأن مسؤولي الحكومة، لم يدركوا انهم كشفوا اسم عميل سري، كما اشار البيان ايضا الى ان الجريمة، هي ان يكشف مسؤول متعمدا هوية عميل سري. وبدأت هذه القضية، عندما ظهر اسم بليم في عمود صحافي بتاريخ 14 يوليو (تموز)، كتبه روبرت نوفاك بعد اسابيع من انتقادات زوجها، السفير السابق ويلسون، لإدارة بوش في مقال رأي في احدى الصحف. وكانت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، طلبت من ويلسون زيارة النيجر عام 2002، للتحقيق حول تقارير بشأن محاولة العراق شراء يورانيوم بغرض استخدامه في انتاج اسلحة نووية. وادعى ويلسون عقب عودته، ان تقديرات بوش كان مبالغا فيها، لتبرير الحرب ضد العراق. وأورد نوفاك في مقاله ان مسؤولين اثنين في الادارة الاميركية، لم يحددهما بالاسم، أبلغاه بأن زوجة ويلسون تعمل بوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية، وساعدت في ترتيب رحلة زوجها الى النيجر. وكتب كوبر بدوره مقالا أثار فيه أسئلة حول مسؤولين يحاولون التشكيك من خلف الكواليس في ويلسون. وكانت جوديث ميللر قد اوردت بعض الأخبار، لكنها لم تكتب قصة كاملة حول القضية.

وتعتمد أحكام المحكمة الفيدرالية ومحكمة الاستئناف لصالح فيتزجيرالد على قرار المحكمة العليا، الذي طالب الصحافيون المحكمة العليا بإعادة النظر فيه. وكتب فيتزجيرالد، في حثه المحكمة العليا على رفض طلبات الصحافيين للحماية، بأنه في خريف 2004 كان تحقيقه «كاملا لكل الأغراض العملية باستثناء شهادة ميلر وكوبر». وقد أثارت ملاحقة المدعي الخاص الشديدة، غضب مؤسسات الاعلام والصحافة الحرة وجماعات الدفاع العامة. وكتبت مجموعة تضم 34 من المدعين العامين في الولايات من الحزبين، ايجازا نيابة عنهم مجادلين بأن القيمة العامة للمعلومات، التي قدمتها مصادر مجهولة تفوق قيمة المعلومات التي أمكن لميلر وكوبر تقديمها للمدعين.

ومن غير الواضح، إلى متى يمكن أن يبقى الصحافيان محتجزين بسبب السرية، التي تحيط بجلسات هيئة المحلفين. وكان هوغان قد أمر الصحافيين، أصلا، بقضاء 18 شهرا في الحبس، أو ما تبقى من حكم هيئة المحلفين، أي الأقل منهما. وقد انتهت جلسة هيئة المحلفين في مايو (أيار) وفقا لمصادر معينة لكنها مددت. ويتعين على الصحافيين افتراضا قضاء الفترة المتبقية في قرار هيئة المحلفين، التي تبلغ شهرا وربما أطول من ذلك.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)