البحرين: المجلس العلمائي يطالب بمقاطعة صحيفة «الأيام» ثلاثة أشهر بسبب كاريكاتير عن خامنئي

الصحيفة تؤكد في توضيح أنها لم تقصد الإساءة

TT

في خطوة مفاجئة هي الأولى من نوعها، طالب المجلس العلمائي، وهو مجلس يضم المرجعيات الشيعية الكبرى في البحرين، أمس المواطنين الشيعة بمقاطعة صحيفة «الأيام» المحلية، أوسع الصحف البحرينية انتشارا، على خلفية نشر الصحيفة كاريكاتير اعتبره المجلس العلمائي يسيء إلى المرجعية الدينية الإيراني (مرشد الثورة الإيرانية) على خامنئي.

وكان الكاريكاتير موضوع الخلاف قد نشر للرسام البحريني خالد الهاشمي على الصفحة الأخيرة من صحيفة «الأيام» أول من أمس، وفيه رسم كاريكاتيري لمرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي بعمامته السوداء وقد التفت لحيته البيضاء لتشير في نهايتها إلى مؤشر الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي فاز بها المرشح المحافظ محمدي نجاد، حيث أخذ المؤشر اتجاها للأعلى، مما يعني دعم خامنئي إلى التوجه المحافظ الذي سيطر على نتيجة الانتخابات.

وما أن نشر الكاريكاتير، حتى توالت بيانات الاستنكار من مجموعة من علماء الشيعة في البحرين، وعلى رأسهم آية الله الشيخ حسين النجاتي، وجمعية التوعية الإسلامية، قبل أن يصدر المجلس الإسلامي العلمائي، بيانا اعتبر فيه أن الرسم الكاريكاتيري يشكل إساءة إلى «مقام المرجعية الكبير بصورة ليس فيها سوى الرغبة في الاستعداء والاستهتار الذي لا يوجد ما يبرره على المستوى الديني والأخلاقي والوطني»، مشيرا إلى أن هذه الحادثة تعد «خطوة تعكس حالة من الهذيان المتواصل والرغبة المحمومة في تحقير مرجعيات الأمة الفقهية الكبرى والإساءة الوقحة لرموزها الدينية والإمعان المتعمد في إهانة ملايين من المؤمنين وإثارة أسباب الفتنة في صفوف الأمة».

واستنكر المجلس بشدة هذا الكاريكاتير نظرا «للتعدي السافر وغير المسؤول»، مطالبا بالاعتذار عن هذا «الجرم الفاحش» من قبل صحيفة «الأيام» ومن قبل وزير الإعلام . كما طالب البيان بمقاطعة الصحيفة وذلك عبر مناشدة «كافة المؤمنين الغيورين على دينهم ووطنهم ومقدساتهم مقاطعة الصحيفة المذكورة لمدة ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ صدور البيان».

وبالرغم من أن الفنان خالد الهاشمي قد برر موقفه في الرسم الكاريكاتيري في موقع بارز من الصفحة الأخيرة في عدد يوم أمس لصحيفة «الأيام» بالقول «منعاً لسوء الفهم الذي صاحب تفسير الكاريكاتير المذكور أود التوضيح بأن الفكرة منه تتمحور حول ارتفاع أسهم وشعبية التيار المحافظ وذلك بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة في إيران .. ولم يقصـد على الإطلاق بالكـاريكاتير الإساءة إلى أي رمز أو طائفة»، إلا أن الاحتجاجات الشيعية تواصلت ولم تتوقف باعتبار أن ما نشر من قبل الهاشمي لم يكن اعتذارا كما كان يطالب بيان المجلس العلمائي الإسلامي. وفي السياق نفسه قال محمد صنقور، عضو الهيئة المركزية (مجلس الشورى) بالمجلس الإسلامي العلمائي لـ«الشرق الأوسط» أمس «إن جريدة «الأيام» لم تعتذر عن الرسم الكاريكاتيري»، معتبرا أن ما نشر لا يعدو كونه توضيحا فقط، مؤكدا أن الرسم هو «سخرية واضحة وتحد سافر لمشاعر المواطنين الشيعة الذين يرفضون مثل هذه الإساءة للمرجعية الشيعية»، وأضاف صنقور أن مطالبة المواطنين الشيعة بمقاطعة الصحيفة هو بغرض تنبيه القائمين عليها «وليس الغرض هو استمرار القطيعة مع الصحيفة»، مشددا على أن المجلس يرفض أي إساءة للمرجعيات الشيعية سواء كانت في النجف أو قم أو أي مكان آخر.

من جهته نفى عيسى الشايجي، رئيس تحرير «الأيام» أن يكون الكاريكاتير الذي نشرته صحيفته وتسبب في حدوث هذه الأزمة، يتضمن أي إساءة ضد الطائفة الشيعية أو رموزها، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن الصحيفة قامت بدورها كاملا في توضيح المقصود من هذا الرسم في نشرها لتوضيح رسام الكاريكاتير، معتبرا أن الموضوع انتهى بالنسبة إليهم كصحيفة بعد نشر هذا التوضيح.

وحول رأي المجلس العلمائي بأن ما نشر لا يمثل اعتذارا كما طالب بيان المجلس، قال الشايجي، الذي يرأس أيضا جمعية الصحافيين البحرينيين «لقد نشرنا وجهة نظرنا بالنسبة لما تضمنه الكاريكاتير.. وهو ما نعتبره توضيحا كاملا للموقف. وسواء اعتبروه توضيحا أو اعتذارا فليسموه ما شاءوا»، ولكنه أكد أن موقف صحيفته معروف وثابت بالنسبة للتعامل مع رموز الطوائف الإسلامية كافة، «ولا يمكن أن نقبل أن نتعرض لأي منهم بإساءة»، معتبرا أن القضية أعطيت أكبر من حجمها وأنها بالنسبة إليهم في جريدة «الأيام» انتهت مع نشر التوضيح الذي نشر يوم أمس.

ولم تتوقف ردود الفعل الاحتجاجية على البيانات التي صدرت, بل إن المئات من الغاضبين الشيعة اعتصموا أمس أمام مقر جريدة الأيام, رافعين ومرددين شعارات يؤكدون فيها على الولاء لمرشد الثورة الايرانية علي خامنئي, ومن بين تلك الشعارات «ولائي ولائي لعلي خامنئي», في حين قامت مجموعة أخرى من المعتصمين برفع صور للمرجع الايراني, وطالب المعتصمون باعتذار واضح وصريح من الصحيفة, قبل أن يتفرق جمع المعتصمين مع حلول المساء من دون حدوث أي تطورات سلبية من المعتصمين تجاه الصحيفة, في ظل حضور للشرطة البحرينية التي ظلت تراقب الوضع من دون تدخل منها.