مصادر مطلعة: المقدسي أعيد اعتقاله في الأردن بعد محادثة أجراها مع الزرقاوي

الحكومة تؤكد اعتقالها منظر «التيار الجهادي» بسبب اتصالات إرهابية خارجية وخرقه اتفاق الإفراج عنه

TT

أعادت السلطات الاردنية الليلة قبل الماضية اعتقال ابو محمد المقدسي، المرشد الروحي السابق لابو مصعب الزرقاوي، بعد ان اجرى اتصالات مع «جهات ارهابية» خارج الاردن، حسبما افاد نائب رئيس الوزراء الاردني مروان المعشر. وقال المعشر في مؤتمر صحافي امس ان السلطات الاردنية اعتقلت عاصم طاهر البرقاوي العتيبي الملقب بابو محمد المقدسي لانه «بعد خروجه من السجن وردت معلومات تفيد انه اجرى اتصالات مع جهات ارهابية خارج الاردن». وأوضح ان ابو محمد المقدسي اعتقل للتحقيق معه حول تلك الاتصالات.

وقالت عائلة المقدسي، 43 سنة، ان قوات الامن الاردنية اعتقلته في منزله بالرصيفة (15 كلم شمال عمان)، على الساعة الثانية عشرة ليلاً عندما احاطت اعداد كبيرة من قوات الامن بالمنزل واعتقلته بدون عنف، وبدون ان يبدي هو أي مقاومة. وقال نجله محمد، 12 عاما، عبر الهاتف من مدينة الزرقاء ان والده كان يشاهد التلفزيون مع أسرته ودق جرس الباب، وعندما تم فتح الباب قال ثلاثة من رجال الامن انهم يريدون والده لمدة عشر دقائق، «فذهب المقدسي) مع رجال المخابرات ولم تسمع عنه الاسرة شيئا منذ ذلك الحين».

ورجحت مصادر مقربة من «التيار السلفي الجهادي» أن يكون سبب إعادة اعتقال المقدسي حدوث اتصال بينه وبين الزرقاوي نفسه او احد اعوانه. وقالت المصادر التي رفضت الإفصاح عن هويتها ان السلطات الأردنية روجت لوجود صفقة بينها وبين المقدسى عقب الإفراج عنه، وقد عزز من هذا الشعور لدى المنتمين الى التيار «الجهادي» التصريحات التي أدلى بها المقدسى لعدد من الصحف العربية والأردنية والتي ادان فيها ما يحدث من تفجيرات عشوائية في العراق يذهب ضحيتها عدد كبير من المدنيين العراقيين. وأشارت المصادر الى أن هذه التصريحات أحدثت ردود أفعال قوية داخل «التيار الجهادي»، الأمر الذي كان يتطلب محادثة مباشرة بين المقدسي ورجل عمل معه ويحبه، في إشارة الى الزرقاوي، من أجل العدول عن تلك التصريحات التي يمكن أن تضر بالحركة الجهادية، وبخاصة تلك التي تنشط في العراق. ودللت المصادر على رؤيتها بما جاء في بيان المقدسى الذي بثته عدد من المواقع الأصولية على شبكة الإنترنت عقب ساعات قليلة من اعادة اعتقاله الليلة قبل الماضية.

وقال مسؤول طلب عدم نشر اسمه ان الافراج عن المقدسي كان محاولة فاشلة من قبل السلطات لدفعه لادانة الزرقاوي علنا. وراى مصدر اصولي طلب عدم نشر اسمه ان «السطات كانت تعول على انتقاد الشيخ المقدسي علانية للشيخ الزرقاوي، لكن شيخنا ابى أن يمنحهم هذه الفرصة».

وقد اعيد اعتقال المقدسي بعد ثلاثة ايام من اطلاق سراحه اثر تبرئته من قبل محكمة امن الدولة من تهمة التخطيط لمهاجمة قواعد عسكرية اردنية في الازرق والرويشد والصفاوي وهي القضية التي حكم فيها بسجن محمد الشلبي (ابو سياف) لمدة 15 عاماً.

واعيد اعتقال المقدسي اثناء بث قناة «الجزيرة» القطرية مقابلة مسجلة معه. وكانت السلطات الامنية الاردنية قد طلبت من المقدسي عدم اجراء اي مقابلات او اعطاء تصريحات صحافية، الا انه «خالف الاتفاق الذي تم الافراج عنه بموجبه»، حسبما افاد مصدر في الحكومة الاردنية.

وفي المقابلة الصحافية ابدى ابو محمد المقدسي تحفظه و«معارضته» لبعض العمليات الانتحارية التي ينفذها الزرقاوي زعيم «القاعدة في بلاد الرافدين». وقال خلال المقابلة ان «الامر الذي اتحفظ عليه هو توسيع العمليات التي نسميها جهادية ويسميها البعض انتحارية او استشهادية. ارى ان هذه العمليات لها اسبابها ولا افتح الباب على مصراعيه فيها الا عند الضرورة»، مشيرا الى انه يتخذ موقفا «وسطيا كما توسط علماؤنا من قبل». وتحدث المقدسي في المقابلة، من ناحية اخرى، عن تدريس مجموعة الزرقاوي لكتبه ودراساته في معسكر كان تنظيم «القاعدة» اقامه في مدينة هيرات الافغانية.

واول من امس، نقلت صحيفتان اردنيتان عن المقدسي قوله انه يعارض الهجمات التي تستهدف مدنيين في العراق. لكن المقدسي نفى في بيان حصلت «الشرق الاوسط» على نسخة منه، ما نسب اليه من «تصريحات مختلقة ومبتورة». وقال المقدسي في بيانه: «لقد نسبت اليَّ بعض التصريحات المختلقة والمبتورة والتي يستغلها اعداءُ الله لشق صف المجاهدين وإيقاع العداوة والبغضاء بينهم، وبياناً لهذا الأمر وسداً لباب الفتنة أُبين لإخواني الدعاة والمجاهدين أن المقال المنشور في صحيفة العرب اليوم مختلق بالكامل ولم يتم بيني وبين كاتب المقال أي مقابلة صحافيه أو حوار». وأضاف المقدسي: «أما بالنسبة لما نُشر في صحيفة «الغد» فإن المقال جرى فيه من البتر والحذف خصوصاً فيما يتعلق بشأن إنصاف اخواننا المجاهدين في العراق مما يغيظ أعداء الله ما يخل بالسياق فقاموا ببتر ما لا يتوافق مع مآربهم». ووصف المقدسى في بيانه أبو مصعب الزرقاوي «بالأخ الحبيب والبطل الذي يسعى للدفاع عن حرمات هذا الدين ونصرة الأمة».

وعدل المقدسى في بيانه عما سبق أن قاله من انتقادات في حديثه الى «الجزيرة» وقبله في رسالته المشهورة المعنونة بـ «رسالة الوقفات»، وقال: «ان لإخواننا المجاهدين في العراق اجتهاداتهم واختياراتهم التي يختارونها لما يرونه مناسباً في الميدان الذي نحن بمعزل عنه». وكان ابو محمد المقدسي قد حكم بالسجن لمدة 15 عاماً في قضية «بيعة الامام» في مطلع التسعينيات من القرن الماضي وشمله العفو العام الذي اصدره العاهل الاردني الراحل الملك حسين فأطلق سراحه الا ان الاجهزة الامنية الاردنية سرعان ما اعتقلته على خلفية عدة قضايا ارهابية بينها قضية تنظيم «القاعدة» لكن محكمة امن الدولة برأته في الاخير لعدم كفاية الادلة التي تدينه. وبعد ذلك حوكم على خلفية قضية التخطيط لمهاجمة قواعد عسكرية اردنية الا ان المحكمة برأته كذلك لعدم كفاية الادلة. وكان المقدسي يصرح للصحافيين خلال جلسات المحكمة بأنه بريء وان قوات الامن الاردنية لم تضبط لديه اسلحة او متفجرات.

ويعد ابو محمد المقدسي من ابرز المنظرين لفكر «السلفية الجهادية» ومن القلائل الذين زاملوا الزرقاوي في سجن الجفر جنوب الاردن منذ عام 1994. وكان المقدسي سبباً في اقبال عدد كبير من الشبان، وخاصة نزلاء السجون، لفكر هذا التيار، في ضوء المحاضرات والدروس التي كان يلقيها خلال وجوده في السجن. وكان ايضاً سبباً في اقناع عشرات المنحرفين والمجرمين بتبني فكر تيار «السلفية الجهادية».