البريطانيون مصدومون بعد علمهم أن «انتحاريين محليين» ربما نفذوا الاعتداءات

TT

أصيبت بريطانيا بصدمة كبيرة بعد بروز معلومات تشير الى ان تفجيرات لندن الأخيرة نفذها «انتحاريون محليون» ولدوا وترعرعوا في بريطانيا.

وكتبت صحيفة «التايمز» (يمين) ان «الاستنتاج بأن الإرهابيين ولدوا هنا يبعث قلقا عميقا»، متسائلة: «هل انه من الممكن فعلا ألا يكون احد من اوساط واضعي القنابل راودته اي فكرة عن نواياهم؟». واضافت: «هل ان وجهات نظرهم وخططهم المتطرفة بقيت سرا حتى في دائرة الاصدقاء والرفاق المسلمين الذين قد يكونون شاطروهم تطرفهم وعداءهم للمجتمع الذي نشأوا فيه؟». ودعت الصحيفة المحافظة «غالبية (المسلمين) التي تحترم القوانين الى الاعتراف بمسؤوليتها التي تقضي بوضع حد للتطرف العدمي والعمل بواجب عدم التساهل حيال عدم تقبل الآخر».

من جانبها، اتخذت صحيفة «الديلي ميل» المحافظة «انتحاريي الضواحي» عنوانا لها. كما وصفت صحيفة «الصن» الأوسع انتشارا في بريطانيا احتمال ان يكون منفذو الاعتداءات انتحاريين من بريطانيا بانه يثير «صدمة حقيقية». غير ان الصحيفة دعت الى عدم القاء مسؤولية الاعتداءات على مسلمي بريطانيا.

اما صحيفة «الغارديان» (يسار) فرأت ان احتمال ان يكون واضعو القنابل بريطانيين هو «أسوأ الاحتمالات»، معتبرة ان الاعتداءات «من فعل أشخاص نشأوا في مجتمعنا المتعدد الأعراق الذي كان القادة السياسيون يفتخرون به عن حق. هذا ليس تحديا للحكومة فحسب بل للمجتمع برمته». وبدورها، شددت صحيفة «اندبندنت» (وسط يسار) في عرضها لتطورات التحقيق على ان احتمال ان يكون بريطانيون غير معروفين لدى الشرطة نفذوا عمليات انتحارية، وهو نوع من الهجمات «من شبه المستحيل تداركه»، فهذا «ينبغي ان يبدل تصور هذا البلد لأمنه».

وطالت الصدمة حتى مسلمي بريطانيا. ففي مسجد ببلدة ديوزبري، التي كان يقطن فيها واحد على الأقل من المنفذين المفترضين للهجمات، عبر مسلمون بريطانيون عن صدمتهم لحقيقة ان بعض المهاجمين كانوا من بين جيرانهم. كما عبر مسلمون آخرون عن خشيتهم من رد فعل سلبي تجاه الجالية المسلمة. إلا ان آخرين أبدوا ثقتهم بأن المجتمع المتعدد الأعراق في البلدة سيتجاوز هذه الصدمة وسيتحد في مواجهة التفجيرات التي أسفرت عن مقتل 52 شخصا وإصابة 700 آخرين.

وقال بشارات حسين، 26 عاما، بينما كان خارجا من مسجد البلدة: «نشعر بالأمان لان أناسا كثيرين يعرفوننا». وأضاف حسين، وهو مهندس الكترونيات، قضى في بلدة ديوزبري معظم حياته: «لا نعتقد أنه ستكون هناك مشكلة لأن الناس عقلاء بما لا يدع مجالا لتقييم الجميع بنفس المعيار». وكانت الشرطة قد داهمت ستة منازل في ديوزبري وبلدة ليدز المجاورة اول من امس في اطار بحثها عن منفذي التفجيرات.

وقال جريج مولهولاند عضو البرلمان عن ليدز: «هناك شعور بالصدمة لان بعض المتورطين كانوا من مدينتنا، يعيشون أو يعملون فيها. هذا مجتمع متنوع لكنه متناغم وجميع زعمائه متحدون ضد هذه الفظائع».

أما رضوان الحق، 34 عاما، وهو مدير متجر في ليدز، فقال انه يتوقع رد فعل سلبيا بسيطا ضد الجالية المسلمة في المدينة، «لكنني لا أزال اشعر بالأمان هنا». بدوره، اشار سهيل صديق، وهو صاحب مطعم في المنطقة، الى أن العمل تراجع منذ التفجيرات، إلا انه عبر عن توقعاته بعودة الأمور الى طبيعتها في غضون أيام.

ويعيش نحو 30 ألف مسلم في ليدز (320 كلم شمال لندن). وكانت ليدز، واحدة من مدن اخرى عرفت في مايو (أيار) 2001 أحداث شغب بين شبان آسيويين وبيض بسبب انقسامات دينية وعرقية.

ويرى سياسيون وقادة من الجالية ان العديد من مسلمي بريطانيا يشعرون بالاستياء من السياسة الخارجية البريطانية تجاه قضايا العالم الاسلامي. وقال شهيد مالك عضو البرلمان عن ديوزبري: «مما لا شك فيه أن هناك إحباطا كبيرا تجاه قضايا السياسة الخارجية. يجب ان نسبر غور المجتمع المسلم، وأن نقر بأن هناك تطرفا. نحن لا نبذل جهدا كافيا للتعامل فعليا مع ذلك».