ياسر ووليد وزهير وسامر، اربعة شبان عراقيين يجمعهم العمر، ما بين 19 و21 عاما، وتوحدهم الهموم التي تضاعفت عليهم منذ الاحتلال الاميركي للعراق عام 2003.
«الشرق الاوسط» جمعت خيوط قصص هؤلاء الشباب العراقيين من خلال الاتصالات الهاتفية واللقاءات المباشرة، وحكاياتهم تلخص مشاكل وهموم شريحة واسعة ومهمة من الشباب العراقيين.
بدأت اجمع خيوط قصص هؤلاء عندما طلب ياسر ،19 عاما، وهو من سكنة حي السيدية بجانب الكرخ في بغداد، من ابني ان اتوسط له ليجد عملا في امانة بغداد ولو كزبال ليعين عائلته بعد ان توقف عن الدراسة في معهد لاعداد معلمي الرياضة.
قال بصراحة «اريد ان اعمل أي شيء.. زبال او في البناء، المهم ان اساعد والدي الذي يعمل حاليا سائق سيارة اجرة بعد ان حول سيارة العائلة الى تكسي منذ ان فصل من وزارة الاعلام حيث كان يعمل في الاذاعة والتلفزيون».
ويضيف هذا الشاب الذي كانت تحدوه احلام عريضة بمستقبل زاهر وسعيد «كنا نتأمل بخلاصنا من نظام صدام حسين ان تفتح امامنا فرص اوسع للدراسة والعمل لكن ما حدث هو ان وزارة الاعلام ألغيت ولم يجد والدي اية فرصة للعمل في أي وزارة كونه كان موظفا في الاعلام وكأن وزارة الاعلام تعني دائرة مخابرات اسرائيلية في العراق، ولأنني الأخ الاكبر لتسعة اخوة فاجد من واجبي مساعدة عائلتي لتجد لقمة الخبز ليس إلا».
لم يستطع هذا الشاب ايجاد فرصة عمل في أي دائرة حكومية ما لم يحصل على تزكية من حزب او حركة سياسية فاعلة في الحكومة العراقية. ياسر ترك دراسته وراح يعمل في البناء في ظل ظروف حياتية قاسية للغاية.
اما وليد،21 عاما، وهو من سكنة منطقة الاعظمية بجانب الرصافة ، فكان يحلم منذ فتوته ان يكون ضابطا في الشرطة العراقية ، وكان يدرك انه لن يحقق حلمه في عهد نظام صدام حسين كون والده ضابطا برتبة عميد مطرودا من الجيش العراقي. وليد يعمل حاليا سائقا ينقل المسافرين من مطار بغداد الدولي الى نقطة التفتيش وبالعكس.
يقول «كانت سعادتنا لا توصف عندما انهار النظام السابق وحلمنا بابواب الخير تفتح امامنا حيث سيعود والدي الى الجيش وساتمكن من دخول كلية الشرطة بعد ان انهيت منذ ثلاثة اعوام دراستي الاعدادية، لكن ما حدث كان صادما لنا للغاية، فقد ابعد والدي تماما عن العودة الى الجيش، بل هددوه اذا ما اصر على العودة باتهامه انه يعين الارهابيين في الاعظمية كونه سنيا، وانا مُنعت لاسباب طائفية من دخول اكاديمية الشرطة بعد ان وعدت في عهد الوزارة السابقة خيرا وأخذوا ملف التقديم لافاجأ في عهد الحكومة الحالية ان لا مكان لي في الشرطة». يصمت وليد قليلا ثم يقول بيأس تام «تعرف انهم بهذه الطريقة يدفعون الشباب للعمل مع الارهابيين، ولا ادري ان كانوا يعنون ذلك ام لا».
زهير ،21 عاما، من محافظة البصرة، والده كان تاجرا قبل ان تتدهور احوالهم الاقتصادية بسبب الحروب وسياسات النظام السابق. بعد وفاة والده كان عليه ان يدير دفة العائلة وهو الولد الوحيد مع ثلاث شقيقات اكبرهن كانت معلمة منذ اكثر من عشرين عاما وفصلت لاتهامها بانها كانت بعثية قيادية.
يقول زهير «حاولت العمل في التجارة لكنني فشلت لعدم كفاية رأس المال لذلك، ثم فتحت مقهى صغيرا في منطقتنا (حي الاندلس) واغلق من قبل انصار شخصية دينية متنفذة بتهمة ان المقهى يشجع الشباب على الانفلات وبسبب الاغاني التي يسمعها الشباب من جهاز التسجيل وهي اغان عراقية اعتيادية، كما انهم طلبوا مني ان اضع التلفزيون على قناة دينية معينة».
عندما ذهب زهير لتقديم شكوى الى المحافظة، عله يجد من ينصفه، نصحه البعض بالكف عن الشكوى، يقول «همسوا لي انه من حسن حظي انهم اغلقوا المقهى فقط ولم يسجنوني، حمدت الله على ذلك وعدت خاسرا كل شيء».
أما سامر،20 عاما، فقد التقيته في عمان. كان في بغداد يعزف آلة غربية مع فرقة شباب في منطقة الكرادة خارج ، تعرض للاختطاف بسبب غدر احد اصدقائه به «باعني لعصابة في حي صدام وقبض ثمني واختفى». استطاع والده ان يدفع 15 الف دولار بدلا من الـ 50 الف دولار التي طالبت بها العصابة ثم غادر العراق في انتظار فرصة للسفر الى اوروبا حيث يقيم شقيقه في مدينة مالمو في السويد.
يقول سامر «عندما دخلت القوات الاميركية الى بغداد احتفلنا بتخلصنا من نظام كان يطبق على حرياتنا الشخصية، لكننا وقعنا في حفرة لا قرار لها حيث الان لا حرية لنا، وكوني مسيحيا فلا استطيع ان اتقدم للحصول على عمل، كما ان موضوع فرقة للموسيقى الغربية يعد من المحرمات وقد نخسر حياتنا اذا اقدمنا على تاسيسها».
سامر يلقي اللوم على الادارة الاميركية ويقول «هم من ورطنا بالمتشددين وعصابات الاختطاف وبضياع الامن في العراق، وعليهم ان يخلصونا من هذا الوضع بدلا من ان نتعرض للموت كل يوم في انتظار المجهول».