اغتيال موسى عرفات المدير السابق للاستخبارات العسكرية الفلسطينية في غزة والسلطة تعلن حالة الاستنفار القصوى

ألوية الناصر صلاح الدين تعلن مسؤوليتها عن تصفية ابن عم الرئيس الراحل وتعد بكشف الأسباب

TT

اغتال مسلحون اللواء موسى عرفات، مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون العسكرية والمدير السابق لجهاز الأمن العام والاستخبارات العسكرية. وأدان الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) اغتيال مستشاره للشؤون العسكرية وأمر وزارة الداخلية بوضع خطة لسحب السلاح غير الشرعي. وقال أبو مازن «إن وزارة الداخلية تبذل كل جهد للكشف عن الذين ارتكبوا«هذه الجريمة النكراء وتقديمهم للمحاكمة والعمل على الإفراج عن نجل الشهيد منهل عرفات»، على حد تعبيره، بينما اعتبرت حركة «فتح» التي ينتمي اليها القاتلون والمقتول، الحادث «مؤسفا وخطيرا».

وقال عبد الله الإفرنجي، عضو اللجنة المركزية في«فتح»: «هذا الحادث خطير وله دلالات ومؤشرات خطيرة في داخل الساحة الفلسطينية، ولايمكن التعامل معه ببساطة وسهولة، لأنه يشكل خطراً كبيراً على شعبنا، خاصة بعد خروج الإسرائيليين».

وأعلن وزير الداخلية، نصر يوسف، حالة الاستنفار القصوى في صفوف قوات الأمن الفلسطينية بعد اغتيال اللواء عرفات، وهو ابن عم الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وأمر بتشكيل لجنة للتحقيق في ملابسات وظروف الحادثة.

وقالت مصادر فلسطينية إن حوالي عشرين سيارة جيب تقل حوالي 80 مسلحا ملثما مزودين بأسلحة خفيقة وقاذفات «ار بي جي»، حاصرت منزل اللواء عرفات قرب مبنى التلفزيون الفلسطيني بحي «تل الهوى» جنوب مدينة غزة. وباشر المهاجمون باطلاق النار على حراس المنزل المكون من اربعة طوابق ويسكنه عرفات ونجله منهل وثلاثة من بناته. واستمر تبادل اطلاق النار لنصف ساعة، دون وصول أي تعزيزات أمنية للحراس.

وفي الوقت الذي كان فيه الحراس يقومون بالرد على المسلحين، كان مسلحون آخرون يتقدمون بهدوء نحو المنزل من ناحية الغرب، واطلقوا النار على الحراس عن قرب فجرح ثلاثة منهم، في حين استسلم اربعة وفر ثلاثة آخرون على ما يبدو باتجاه الحي السكني الذي يقع جنوب المنزل. وقبل عملية الاقتحام تسلق المسلحون سطح المنزل، في حين تم تفجير بوابته الخارجية. وفي غضون سبع دقائق من الاقتحام خرج المسلحون من المنزل وهم يصطحبون عرفات ونجله منهل، واقتادوهما مشياً على الأقدام الى الشارع الرئيسي الذي يخترق حي «تل الهوى»، وهناك تم دفع منهل الى احد سيارات الجيب، في حين قام احد المسلحين بإطلاق عشرين رصاصة على رأس عرفات وصدره، وتركوا جثته على قارعة الطريق، ثم غادروا المكان من دون ان يعترضهم أحد.

ومن المفارقة ذات الدلالات ان المنطقة التي وقع فيه اغتيال عرفات واختطاف نجله تبعد مائتي متر فقط عن مقر قيادة جهاز الأمن الوقائي، كما ان منزل موسى عرفات يبعد مائتين وخمسين مترا عن منزل الرئيس محمود عباس (ابو مازن) الذي كان في منزله وقت حدوث العملية، الى جانب انتشار العديد من مقار الاجهزة الأمنية العسكرية في المنطقة.

ورغم ان عملية الهجوم على المنزل واغتيال عرفات استمرت حوالي ساعة، فإن المسلحين لم يتصرفوا بارتباك، ولم يتوقعوا على ما يبدو، أي مفاجآت. وبعد ساعات على اغتياله.

يذكر أنه تم عزل موسى عرفات عن موقعه كقائد للأمن العام في قطاع غزة، مع مجموعة من قادة الاجهزة الأمنية ضمن السياسة الجديدة التي قادها اللواء نصر يوسف وزير الداخلية، حيث أن جميع القادة الذين تمت إقالتهم قد تجاوزوا الستين من العمر. وفور اقالته قام الرئيس ابو ما زن بتعيينه مستشاراً له للشؤون العسكرية.

وسبق ان تعرض موسى عرفات لعدة محاولات اغتيال. ووقع اخطر هذه المحاولات في مطلع العام الجاري عند مغادرته مكتبه في ساعات المساء، حيث انفجرت سيارة مفخخة بالقرب من موكبه، وقد نجا من الاغتيال بأعجوبه. وتم اطلاق النار على منزل عرفات وموكبه عدة مرات بقصد تصفيته. الى ذلك، قال أبو عبير الناطق الرسمي باسم «ألوية الناصر صلاح الدين» ـ الجناح العسكري لـ«لجان المقاومة الشعبية» التي اعلنت مسؤوليتها عن اغتيال اللواء موسى عرفات، أنها قامت بـ«تطبيق شرع الله وتصفية العميل موسى عرفات». وأضاف ابو عبير في تصريحات للصحافيين ظهر امس ان خطة اغتيال عرفات واختطاف نجله منهل كانت مُحكمة. واشار الى ان اقتحام منزلهما كان وفق خطة مدروسة حتى لا يتسبب الأمر في إراقة دماء فلسطينية خلال الاشتباك مع حراس المنزل.

واعلن أبو عبير انه سيكشف خلال الأيام المقبلة الأسباب التي دعت إلى اغتيال موسى عرفات، موثقة عبر أشرطة ستوزع على وسائل الإعلام. وحول مصير نجله منهل، قال ان عناصر من «الوية الناصر صلاح الدين» ـ الجناح العسكري لـ «اللجان» تحقق حاليا معه. واضاف انه سيتم نشر تفاصيل التحقيق معه، مضيفا «بعد استجوابه في التحقيق، سيطبق عليه شرع الله. وإذا اقتضى الأمر قتله فليقتل».

وحول ردود فعل السلطة، قال ابو عبير ان «الالوية» لن تضع نفسها في أي مواجهة مع السلطة، مشيرا الى «اننا اتفقنا مع السلطة على معالجة الفساد، والوقوف في وجه كل فرد يمس كرامة الشعب الفلسطيني». واضاف «سنحاول جاهدين منع أي اقتتال ومواجهة السلطة لأبعد الحدود، لكن على السلطة أن تعلم أن لكل ابن في ألوية صلاح الدين ثقله الخاص. وواجبٌ على الألوية عندما تجند أبناء الشعب الفلسطيني أن تحميهم بكل قوة، ولن نسمح لأي بشر بأن يمس أبناء ألوية الناصر صلاح الدين، فما بالك بالقيادات». وأعرب عن اسفه للتصريحات الصادرة عن وزارة الداخلية، قائلاً «نعيب على وزارة الداخلية هذا التصريح; لأننا كنا نتمنى منها أن تطالب السلطة بإنهاء الفساد القائم وبالقضاء على موسى عرفات وأمثاله لما يملكون من دليل واضح على ما ارتكبه في حق الشعب الفلسطيني من جرائم وفساد وإهدار دم وترك العنان لزمرته وابنه كي يفسدوا في الأرض ويضيعوا حقوق الناس».

ووعد بأن تواصل الألوية «ملاحقة الفاسدين، ما لم يعلنوا التوبة ويعيدوا الحقوق لأصحابها»، مؤكدا ان اغتيال موسى عرفات كان للمصلحة العامة، ولا علاقة له بتنفيذ خطة الفصل التي وصفها بالإنجاز الوطني.

ونفى أبو عبير مشاركة أي من الفصائل الفلسطينية في عملية القتل. وقال «لم نشاور أي فصيل في ذلك، فهذا قرار خاص بألوية الناصر صلاح الدين من أجل إنهاء الفساد العام; لأننا نعتبر أن الاندحار الصهيوني انجاز للمقاومة وإنهاء الفساد إنجاز للمقاومة أيضا، وهما خطان في نفس الاتجاه».

وحول تفاصيل عملية قتل عرفات، قال «العملية استغرقت نحو ثلث ساعة فقط»، مشيرا الى اعتماد عناصر «الالوية» على «عنصر المفاجأة واستخدمنا خطة تكتيكية على غرار اقتحام سجن غزة المركزي». واضاف ان موسى عرفات أطلق النار على المهاجمين حتى نفدت ذخيرته، فتمكنوا من السيطرة عليه وسحبه إلى خارج المنزل، «لنؤكد للعالم أنه تمت تصفيته، وليس عن طريق الخطأ تم قتله». وأضاف ان موسى عرفات لم يطلب قبل قتله شيئا. واشار الى ان نجله منهل أطلق النار من شرفة الغرفة العليا بالمنزل، قبل اعتقاله.