يوم غريب في بغداد.. الحكومة تفرض نظاما للسير اعتمده صدام وفشل فيه

عاصمة ثالث مالك لاحتياطيات النفط في العالم تعاني من نقص البنزين

TT

يفترض ان البلد الذي يمتلك ثالث اكبر احتياطيات نفطية في العالم ألا يعاني من نفاد الوقود أبدا.

لكن العراق اقترب من ذلك. ومن أجل توفير الوقود، أمرت الحكومة بعدم تسيير نصف عدد السيارات في الشارع في أي يوم، وهو ما أثار حيرة العامة.

وكان اول من امس اول يوم يطبق فيه القانون الجديد، حيث سمح للسيارات التي تحمل لوحات معدنية عليها ارقام فردية فقط بالسير في الشارع. وكان يوما غريبا بالنسبة للسائقين.

وفي الساعة التاسعة صباحا، وهي قمة ساعة الذروة في هذه العاصمة التي تعاني من اختناق مروري، كانت الشوارع تبدو خاوية تقريبا، والعدد الصغير من المسؤولين الذين علموا بشأن هذا القانون لم يفهموه فيما يبدو.

ويعتقد عقيد الشرطة طارق اسماعيل الذي يوجه حركة المرور في وسط المدينة، ان هذا القانون يهدف فيما يبدو الى تخفيف الاختناق أكثر منه خفض الطلب على الوقود. وقال «شوارع بغداد لا يمكنها استيعاب مثل هذا العدد الضخم من السيارات».

وأضاف وهو يشير الى الاجراءات الامنية السارية في انحاء بغداد الى ان العديد من الحواجز اقيمت امام المباني الحكومية مما ادى الى تباطؤ حركة المرور. وأضاف «ان الحل الافضل سيكون انشاء طرق بديلة وجسور. في الحقيقة هذا القانون ليس له علاقة تذكر بالاختناق الذي اهم اسبابه الرئيسية هو اغلاق ما نسبته 68% من شوارع العاصمة لأسباب امنية الى جانب اغلاق الجسر المعلق الذي يربط بين منطقتي كرادة مريم والكرادة الشرقية وجسر الأئمة الذي يربط بين منطقتي الأعظمية والكاظمية، يضاف الى هذا انتشار الحواجز الكونكريتية في كل مكان». كما ادى عدم الاستثمار لسنوات عديدة في مصافي تكرير النفط العراقية وقطاعات التوزيع التي تركت البلد الذي ينتج 5.2 مليون برميل يوميا غير قادر على تلبية الطلب المحلي من البنزين والمنتجات الاساسية الاخرى الى مثل هذه الاختناقات.

وأصبح النقص حتميا مما خلق طوابير وسوقا سوداء للبنزين الذي يكلف رسميا بسبب الدعم ما يزيد قليلا على سنت اميركي واحد للتر.

واعترف نائب رئيس الوزراء احمد الجلبي الذي يدير قطاع النفط بذلك اول من امس قائلا ان الحكومة اصدرت هذا القانون «لتقليل الطلب الهائل على الوقود». ووصف القرار بأنه «ليس كاملا، لكنه ايجابي». لكن سائقي السيارات العاديين لم يفهموا القانون فيما يبدو.

وقالت ام هاشم، التي تركت سيارتها عند منزلها «سيساعدني في ان اصل الى عملي في الوقت المناسب». وأضافت وهي تعتقد فيما يبدو ان القانون طبق كإجراء لمكافحة الاختناق «انني ادعو كل العراقيين على اطاعة هذا القانون الذي طبق من اجل المصلحة العامة».

وعلى الجانب الاخر كان آخرون غاضبون مثل سائق السيارة الاجرة أمير الحميري الذي لم يخرج بسيارته اول من امس خوفا من دفع غرامة تعادل 20 دولارا اذا تم رصد لوحة الارقام المؤلفة من سبعة ارقام. وقال «انه قرار غير رحيم ضد الفقراء». وأضاف «كيف يمكنني ان اطعم عائلتي الآن».

ولا يمكن لسائقي السيارات في بغداد الذين اصابتهم الحيرة توقع مساعدة تذكر من رئيس البلدية.

وقال حسين الطحان، امين بغداد لوكالة رويترز للانباء «علمت بشأن هذا القانون من التلفزيون امس» وأضاف «لا انا ولا قائد شرطة المرور علمنا أي شيء بشأنه».

يذكر ان المرة الاولى التي اعتمد فيها اسلوب تسيير المركبات في بغداد للارقام الزوجية والفردية بين اليوم والآخر كان في بداية الحرب العراقية الايرانية، ولم تنجح هذه الطريقة، اذ اكتشفت السلطات التي ارادت التقشف في الوقود والتخفيف من زحام السيارات وقتذاك ان غالبية من العراقيين اشتروا سيارات اضافية ارقامها مخالفة لما موجود عندهم وبذلك تضاعفت المشكلة.

وحسب سائقين عراقيين وصلوا عمان أمس، فان غالبية من سائقي السيارات العمومية (الأجرة) زيفوا ارقاما زوجية وفردية لوضعها على سياراتهم ليضمنوا تسييرها يوميا من غير خشية اجهزة المرور، خاصة وان غالبية ارقام السيارات العراقية مزيفة اصلا.