سويتو من العنف والفقر.. إلى التعايش والازدهاركانت أكبر معازل السود في جنوب أفريقيا خلال نظام الفصل العنصري

TT

معروف عن سويتو انها كانت مركزا للتمرد ضد النظام العنصري السابق بجنوب افريقيا. لكنها معروفة ايضا بانتشار الفقر والغضب والعنف الأهوج من جانب سكان سويتو وسلطات النظام السابق على حد سواء. تقول مورين مخاتيني، وهي من سكان سويتو، ان المنطقة كانت معروفة بالعنف والجريمة والفقر لكنها الآن على العكس تماما.

من السهل تلميع مشاكل سويتو ومشاكل جنوب افريقيا الاخرى العديدة. لا يزال الانقسام بين الفقراء والأغنياء في جنوب افريقيا واسعا، وربما يشكل واحدا من ابرز النماذج على هذه الظاهرة عالميا. ولا تزال سويتو، التي كانت من اكبر معازل السود في جنوب افريقيا خلال حقبة النظام العنصري السابق، تعاني من هذا النوع من الانقسام بين الفقراء والأغنياء، كما ان الانقسام العنصري لا يزال قائما، بل يمكن القول ان سكان سويتو ربما لم يتوصلوا الى إقامة علاقة سلمية مع السود الذين قمعوهم في السابق بقدر ما نجحوا في كسر حاجز هيمنة واضطهاد البيض في السابق.

إلا ان هناك تطورات اخرى في سويتو. فمن تحت رماد نظام الفصل العنصري السابق بدأت سويتو تظهر كمركز لنمو طبقات وسطى وأعلى منها وسط السود، فضلا عن ظهورها كمركز اقتصادي على طريقتها الخاصة وكنموذج يحتذى به للمناطق الأخرى التي أقامها نظام الأبارتيد السابق كمعازل للسود في جنوب افريقيا. ويقول منيكيلو مانجيسيفو، الذي يعمل في مجال توزيع البضائع في سويتو، انه حتى قبل عشر سنوات لم يكن هناك الشعور الحالي السائد بالتفاؤل والترقب. ويضيف قائلا ان ثمة توجها من جانب الحكومة الحالية نحو ترقية الاستثمار في سويتو، اذ يبدو واضحا للزائر الاهتمام بالطرق وتجديد البنى التحتية، وهذه في حد ذاتها خطوات تشجع على اجتذاب المزيد من الاستثمارات. لا تبدو منطقة سويتو الآن كمعزل للسود، كما كان عليه الحال في السابق، اذ لم تعد هناك أكواخ ومنازل صفيح وكرتون مع انعدام شبكات المياه على النحو السابق، بل منطقة حديثة غالبية منازلها مشيدة بالطوب والاسمنت مع توفر شبكات المياه والكهرباء والمرافق الاخرى. كما ان أحياء مثل ديبكلوف وبيمفيل باتت الآن مناطق لذوي الدخل المرتفع بها منازل وأسواق تناسب الوضع الاقتصادي لذوي الدخل المرتفع. وتشير نتائج استطلاع للسوق اجري في الآونة الاخيرة الى ان متوسط الدخل للاسرة العادية وصل الى ما يقدر بـ4900 دولار في العام، ويعتبر هذا معدلا عاليا مقارنة ببقية بلدان القارة الافريقية، رغم ان هذه الاحصائيات ربما لا تكون دقيقة.

وفيما اشارت نتائج آخر تعداد للسكان في جنوب افريقيا عام 2001 الى ان دخل غالبية سكان سويتو، كان اقل من 12000 دولار في العام، وجد ان حوالي 20000 من جملة 300000 أسرة في سويتو وصلت دخولهم الى مئات الآلاف من الدولارات في العام. وقد افتتح في شهر يونيو (حزيران) الماضي في كليبتاون، الحي التاريخي في سويتو مركزا تجاريا بلغت تكلفته 16 مليون دولار يضم العديد من المحلات ومركزا سياحيا لذكرى ميثاق الحرية في جنوب افريقيا. وقد بدأ ريتشارد مابونيا، وهو مليونير عصامي يعمل في مجال التجزئة، مشروعا ضخما يعد الاول من نوعه لإقامة مركز تجاري على مساحة 650 الف متر مربع في وسط سويتو، قال انه مخصص فقط للطبقات الاجتماعية العليا.

كما اعلن كونسورتيوم آخر، في الشهر الماضي، اقامة ملعب للغولف من 18 حفرة بالقرب من بيمفيل، وسيحيط به العديد من المساكن. وتصادف اعلان هذا المشروع مع تحذير من الرئيس ثابو مبيكي من ان مثل هذه المشروعات تستهلك افضل الاراضي وتهمش الفقراء وتزيد من حدة الفروق العنصرية. وفي الوقت ذاته اعلنت كاكستون نيوزبيبر، وهي دار نشر ضخمة في جنوب افريقيا، عن اصدار 11 صحيفة اسبوعية مجانية في احياء سويتو، يكتبها وينشرها السكان. وتوزع الدار 90 صحيفة مجانية في الاحياء البيضاء. وأوضح كيفن كيو المدير التنفيذي لصحف المدن في دار كاكستون «لقد افتتحوا مركز تسوق في غاية الضخامة في بروتي ويوجد مركز تسوق ضخم في دوبسونفيل، وسيفتتح آخر في بيمفيل». مشيرا الى احياء سويتو، وهو ما يعني في رأيه مزيدا من الاعلانات. وقد لاحظ التجار المحليون التغييرات ايضا. فمطعم باكروم في بيمفيل الذي افتتح قبل 4 اشهر فقط، حقق نجاحا كبيرا في تقديم المأكولات وموسيقى الجاز والبلوز لزبائن ينتمون الى الشريحة العليا من المجتمع، ليس فقط من سويتو، حيث ذكرت الاحصائيات انه 40 في المائة من العاملين من المهنيين، بل من السود الذين انتقلوا من سويتو للاقامة في الاحياء الثرية.

ويوضح باتريك مغاسي صاحب المطعم «هدفنا يبدأ من الطبقة المتوسطة فما أعلى. أردت خلق مكان للالتقاء، حيث يمكن للاشخاص الحضور وعقد اجتماعاتهم. والعديد منهم من الناجحين ويعيشون في الضواحي، ولكنهم لديهم افراد من أسرهم يعيشون في سويتو، ويأتون خلال الاسبوع. وينفقون معظم وقتهم في سويتو».

*خدمة «نيويورك تايمز»