السلطات المحلية في البصرة تقاطع القوات البريطانية وتطالبها بالاعتذار

الجعفري يؤكد «صفو» العلاقات العراقية ـ البريطانية

TT

أعلنت السلطات المحلية في البصرة مقاطعتها القوات البريطانية بينما تحصنت القوات البريطانية داخل مقارها خشية من ردود الأفعال الغاضبة لأبناء المدينة بعد أحداث يوم الاثنين الماضي. وعلى رغم تأكيد رئيس الوزراء العراقي، ابراهيم الجعفري، ان أحداث احتجاز جنديين بريطانيين واطلاقهما بالقوة لن تؤثر على العلاقات العراقية ـ البريطانية، أصر محافظ البصرة، محمد مصبح الوائلي، على مطالبة السلطات البريطانية بالاعتذار وتقديم التعويضات للمتضررين من عملية دهم مديرية شرطة الجرائم. وتراوحت ردود أفعال أهالي البصرة حول أحداث يوم الاثنين الماضي بين انتقاد الموقف الرسمي للحكومة العراقية الذي وصفه البعض بـ«التوفيقي»، وبين المطالبة بمقاطعة القوات البريطانية والعمل على انسحابها من المحافظة.

ورأى محمد مصبح الوائلي، محافظ البصرة، ان موقف المحافظة تجسد في قرار مجلس المحافظة مقاطعة القوات البريطانية وكل القنوات الرسمية البريطانية، وفي مقدمتها القنصلية. وقال الوائلي ان هذه المقاطعة ستستمر حتى تنفذ بريطانيا ثلاثة مطالب هي: تقديم اعتذار رسمي معلن وتعويض المتضررين وإعادة بناء مبنى الشرطة والامتثال للقانون العراقي. وصوت مجلس المحافظة المكون من 41 عضوا بالاجماع أول من أمس لمقاطعة القوات البريطانية. وأشار الوائلي الى ان الحكومة المركزية في بغداد أعلمت بكل التفاصيل وانها ستتخذ الاجراءات اللازمة.

وقال ناظم الجابري، الناطق الاعلامي لمجلس المحافظة، لوكالة الصحافة الفرنسية ان «كل اللقاءات الدورية بين المحافظة والقوات البريطانية ألغيت، ولن يسمح لأي جندي بريطاني ان يدخل الى مبنى المحافظة، وذلك ينطبق على كل مؤسسات الدولة الاخرى».

ومن جانبه، قال الميجور ستيف مالبورن، الناطق باسم القوات البريطانية: «ندرك بأن هناك تقارير تتحدث عن موضوع المقاطعة، ولكننا لا نزال ننتظر للتأكد منها وحينها نخطط للتعامل مع الموضوع».

وفي بغداد، قال رئيس الوزراء «انه من الصعب ان نبت او نقرر بأن هناك فجوة قد حصلت بين القوات متعددة الجنسية وبين القوات العراقية وان هذه الحادثة لم تحصل في السابق». وأشار الجعفري الى ان وجود القوات البريطانية في البصرة مضى عليه أكثر من عامين وكانت المدينة تتمتع بهدوء نسبي قبل هذه الحادثة، مضيفا بأن الحكومة بصدد التثبت منها.

وأوضح رئيس الوزراء العراقي خلال مؤتمر صحافي عقده في مبنى رئاسة الوزراء أمس، بأنه سيلتقي بالسفير البريطاني في بغداد، ويليام باتي، وقائد القوات البريطانية في مدينة البصرة، وقائد القوات المسلحة العراقية، لمعرفة تفاصيل الحادث ومتابعة عقباته. وعن مدى تأثير هذا الموضوع على العلاقات العراقية ـ البريطانية والتنسيق الميداني بين القوات العراقية والاجنبية، قال الجعفري: «سنتجاوز هذه العقبة في طريق العلاقات بين الطرفين». وكرر الجعفري ان «العراق يتمتع بسيادة والقوات متعددة الجنسية لها نمطية ليست نمطية احتلال، تتعامل من خلال القرار العراقي والاحهزة العراقية». وأكد سكان البصرة الذين التقتهم «الشرق الأوسط» في جولة في المدينة، ان أهل البصرة لم يجتمعوا على قضية منذ سقوط النظام السابق مثلما اجتمعوا هذا الاسبوع، باعتبار انتهاك القوات البريطانية بالقوة لمبنى مديرية الجرائم في البصرة وإطلاق سراح الجند يين الموقوفين، هو انتهاك صريح لسيادة العراقيين وكرامة أبناء شعبه.

وشرح ضابط شرطة في مديرية الجرائم التي تعرضت للاعتداء الحادث لـ«الشرق الأوسط»، وقال الضابط، الذي طلب عدم ذكر اسمه، انه بعد القبض على مدنيين اجنبيين، مجهولي الهوية، لارتكابهما جريمة محاولة اغتيال شرطي عراقي، حصلت الشرطة على موافقة قاضي التحقيق على حجزهما، ولكن فوجئ العاملون في مبنى المديرية بتطويقها من قبل قوات مدرعة بريطانية، يسندها عدد من الطائرات المروحية، مطالبة بإطلاق سراح الموقوفين باعتبارهما من الجنود البريطانيين. وتابع الضابط: «طلبنا تعزيزات من قيادة قوات الشرطة لقلة أعداد القوة الموجودة داخل المركز، إلا ان المديرية لم تستجب، فأخذت الحمية عشرات الشبان الذين كانوا يتفرجون على المشهد وهاجموا القوات البريطانية المدرعة وتمكنوا من إحراق دبابتين». واعتبر الشرطي ان «القوات البريطانية تعاملت بتعسف وحماقة عندما هاجمت المبنى». وقال أستاذ جامعي، فاخر الياسري، ان الحادثة تعد سابقة خطيرة، و«كشفت فيها القوات البريطانية عن وجهها الحقيقي، فهي قوات احتلال، لا تخشى ولا تحترم القوانين والأعراف المحلية». ورأى الياسري ان الحادث هو «الشعرة التي قصمت ظهر البعير بعد ان مل العراقيون من التبريرات الحكومية بضرورة بقاء هذه القوات لحفظ الأمن في وقت تحقق فيه الأمن منذ مدة طويلة».

واعتبر ضابط متقاعد، نعيم عبد الهادي، ان «الحادث كشف النقاب بما لا يقبل الشك عن قيام القوات البريطانية بأعمال إرهابية داخل المحافظة»، مضيفا بأنه لا يوجد تبرير لـ «تنكر اثنين من جنودها بلباس عربي والتجوال داخل المدينة بسيارة مدنية وإطلاق النار على رجل شرطة من دون مسوغ سوى محاولة اغتياله، إضافة الى ما كانا يحملانه من أجهزة حديثة للاتصال وأخرى لتحديد الموقع وأسلحة ومتفجرات».