تخبط داخل الاتحاد الأوروبي في دهاليز السياسة الخارجية بعد أن رفض الفرنسيون والهولنديون مسودة الدستور

سولانا يفقد بريقه بعد أن أتعبته الجهود الدبلوماسية المكثفة

TT

الأمم المتحدة ـ رويترز: فقد خافيير سولانا التألق الذي كان باديا دوما في مشيته، واستند الى أحد أسوار مبنى الامم المتحدة ليريح فقرات ظهره المشدودة بعد أسبوع من الجهود الدبلوماسية المكثفة. وبدا وزير خارجية الاتحاد الاوروبي المستقبلي السابق وكأنه قد فقد بريق الحياة.

ومنذ أن رفض الفرنسيون والهولنديون مسودة الدستور الاوروبي في استفتاءات أجريت قبل نحو ثلاثة أشهر بدا أن فرص الدبلوماسي الاسباني المخضرم في أن يصبح الصوت الوحيد المعبر عن سياسة خارجية أوروبية متزنة قد ذهبت أدراج الرياح.

وقال أحد المقربين من سولانا «كان سولانا يتطلع حقا لان يصبح أول وزير خارجية لاوروبا، كانت ضربة قاصمة له».

ولو جرت الموافقة على الدستور وبدأ تطبيقه في عام 2007 كما كان مقررا له لكان سولانا قد حصل بالتأكيد على منصب وزير خارجية الاتحاد الاوروبي ليمثل التكتل المؤلف من 25 دولة على الساحة الدولية ويشرف على ادارة العاملين الدبلوماسيين فيها ويحصل على ميزانية قدرها مليارات الدولارات.

صاغ سولانا الذي عين في عام 1999 منسقا للسياسة الخارجية والامنية بالاتحاد الاوروبي وأعيد تعيينه العام الماضي، الاستراتيجية الامنية الاوروبية وشكل قوة عسكرية لادارة عمليات حفظ السلام وعين شبكة من المبعوثين الى مناطق الصراع.

ولكن أوروبا مضطرة الآن الى الاستمرار لاعوام أخرى ـ وربما لاجل غير مسمى ـ بالعمل بنظام تحديد السياسة الخارجية عن طريق لجنة حيث تجتمع مجموعة من المسؤولين في المساحة المخصصة لاوروبا في كل مائدة.

وفي حال حصل الاتحاد على وزير خارجية في نهاية المطاف، فانه من المرجح أن يكون الاوان قد فات بالنسبة لسولانا ،61 عاما، الذي شغل في السابق منصبي وزير خارجية إسبانيا والامين العام لمنظمة حلف شمال الاطلسي والذي تنتهي فترة ولايته في الاتحاد الاوروبي في عام 2009.

ويحفل جدول أعمال سولانا بجولات مرهقة تشمل متابعة الشؤون الدبلوماسية في الشرق الأوسط ومشاكل منطقة البلقان والتعامل مع أزمات أوكرانيا وأفريقيا الوسطى والاشراف على قوات حفظ السلام في اقليم اتشيه الاندونيسي.

ولكن عندما التقى الاتحاد الاوروبي بقوى أخرى في مقر الامم المتحدة كانت ممثلا بما يسمى «الترويكا» التي تضم أربعة مسؤولين يمثلون الحكومة التي تتولى رئاسة الاتحاد الاوروبي الدورية التي تستمر ستة أشهر وتشمل حاليا جاك سترو وزير خارجية بريطانيا ووزير خارجية النمسا التي ستتولى الرئاسة الدورية بعد بريطانيا والمفوضية الاوروبية وسولانا بصفته المنسق الاعلى للسياسة الخارجية، فلا عجب اذن أن يصاب باقي أطراف الحوار بالحيرة.

ونقل مبعوث أميركي سابق الى بروكسل عن الرئيس الأميركي جورج بوش سؤاله لاحد الموظفين قبل أول لقاء له مع «الترويكا» في عام 2001 «من هؤلاء الرجال يمثل أوروبا؟».

وكان سولانا على بعد عامين فقط من أن يصبح الاجابة على سؤال وزير خارجية الولايات المتحدة الاسبق هنري كسينجر الشهير «عندما أريد التحدث الى أوروبا بمن اتصل؟».

ولعل من المفارقات أن تتزامن الانتكاسة في جهود صياغة سياسة خارجية أكثر توازنا مع بدء تكيف الادارة الأميركية على العمل مع الاتحاد الاوروبي بعد أن اتسمت الفترة الرئاسية الاولى لبوش بالتحركات الفردية والخلافات مع فرنسا وألمانيا بسبب حرب العراق.

وحاول سولانا أن يقلل من أهمية هذه الانتكاسة قائلا ان على الاتحاد أن يستغل اجراءاته الناقصة للتعامل مع المطالب المتزايدة بدور أكبر له على المستوى الدبلوماسي وفي ارساء السلام من كوسوفو الى اتشيه ومن غزة الى الكونغو.

وصرح سولانا أمام حشد من الصحافيين في الاونة الاخيرة «علينا أن نستمر بشكل عملي فيما نملكه»، ولكن بعض المصادر المطلعة في بروكسل بدأت تشكك في ارادة سولانا على الاستمرار، معربة عن اعتقادها أنه سيتنحى قريبا.

وينظر الى وزير الخارجية الالماني المنتهية ولايته يوشكا فيشر على أنه مرشح بارز لخلافة سولانا في حال استقالته، ولكن من المرجح أن تطالب الدول الاوروبية الصغيرة بالمنصب لاحد رجالها، وقد يصر المحافظون الذين يهيمنون على البرلمان الاوروبي أن تشغل شخصية محافظة هذا المنصب بعد سولانا الاشتراكي.