أهالي تلعفر يعانون الجوع والتشرد ويخشون العودة إلى مدينتهم

«الشرق الأوسط» تزور مخيمات النازحين

TT

جلس احمد بشار صباحاً امام خيمته التي اصبحت ملاذا لعائلته النازحة من تلعفر، يرسم صورة الذهاب الى المدرسة التي كان من المفترض ان ينتظم بها كباقي الطلاب العراقيين. الا انه لم يبدأ عامه الدراسي بسبب الظروف التي تمر بها مدينته. ولم يهنأ احمد، 12 سنة، بحلمه وهو يرسم، كما لم يهنأ بدوامه، لأن صوت شاحنة المساعدات كسرت عليه ما رسمته مخيلته الصغيرة، حيث عليه التوجه الى تلك الشاحنة لتسلم حصة عائلته من مواد الاغاثة.

هذا حال احد اطفال تلعفر في مخيم أقامه الهلال الاحمر العراقي في قرية «النخوة» على مشارف المدينة للفارين من العمليات العسكرية الاخيرة في مدينتهم. ويشارك أحمد في معاناته عشرات الاطفال في ذلك المخيم الذي زارته «الشرق الأوسط» والذي يبدو بائساً وفاقداً لأبسط مقومات الحياة الكريمة. تلوت طفلة لا تتجاوز العامين من العمر من الوجع وهي تعاني آلاما من الحساسية التي بدت آثارها واضحة ببقع حمراء على جسدها الصغير. واوضحت والدتها عائشة حسين انه، منذ وصولهم الى المخيم الذي وصفته بـ«المعتقل»، بدأت تظهر على جسد الطفلة مريم هذه البقع جراء الحرارة الشديدة، مضيفة ان ابنتها لا تستطيع النوم من شدة الحرقة التي تعاني منها. وعلى الرغم من توزيع بعض المساعدات إلا انها لا تكفي لآلاف النازحين المشردين.

واستطاعت العائلات النازحة، والاوفر حظاً، الوصول الى مدينة الموصل بدلاً من البقاء في المخيمات. وتنوع مكان اقامة تلك العائلات، فمنهم من كان له اقارب في هذه المدينة وآخرون سكنوا مع عائلات لم يعرفوها مسبقاً. وكان الحزب الاسلامي العراقي طبق نظام «المؤاخاة» لعدد من القادمين من تلعفر، واستطاع تأمين سكن لهم مع بعض اهالي الموصل. واصبحت المساجد او المدارس مأوىً لبعض النازحين، بينما لم تجد مجموعة من العالئلات غير مبنى قيد الانشاء يسترها ليكون بيتها الجديد.

وعلى الرغم من اعلان القوات العسكرية العراقية والاميركية بانها سمحت للنازحين بالعودة الى المدينة، غير ان الكثير لا يزال في المخيمات، إما خوفاً من الاعتقال أو لفقدانهم منازلهم بسبب القصف العسكري. وقال عبد الله حسن، وهو مدرس ثانوي عمره 32 عاماً، انه فر مع عائلته من منزلهم في منطقة «حسن كوي» بعد ان اشتد القصف يوم 9 سبتمبر (ايلول) الجاري. واضاف: «بعد السماح لنا بالعودة، عدنا الى الدار سيراً على الاقدام لمسافة تتجاوز 10 كيلومترات. وعند وصولنا لم نستطع التمييز بين دارنا ودار جيراننا لأن الاثنين اصبحا كومة من الانقاض». وتابع عبد الله، وعلامات التعب والحزن على وجهه:«أناشد كل شريف في هذا العالم بان ينظر الينا وما حل بنا».

وقال النازحون من تلعفر انهم بحاجة ماسة الى المواد الغذائية والطبية. وشكا عمر قنبر، 43 عاماً، من ان «مئات العائلات اصبحت في العراء، لا مأوى لها، والبعض اتخذ لعدة ايام ظل شجرة ليتقي حر الشمس نهاراً، غير انه لم يجد ما يتقي به برد الليل خاصة ان فصل الشتاء بدأ يطرق الابواب قبل ان يجد له مكاناً في احدى الخيم».

وطلب الهلال الاحمر العراقي أول من أمس من الهيئات والمنظمات الانسانية المحلية والدولية تقديم مساعدات عاجلة لحوالي 5000 عائلة نازحة من تلعفر. وذكر الهلال الاحمر في بيان له «يقدر عدد العائلات التي اضطرت الى الفرار من ديارها في تلعفر بنحو 5000 ، يعيش بعضها في قرى مهجورة او في مخيمات صغيرة حيث لا يمكنها الحصول على المواد الاساسية من طعام ومياه». وبدأ سكان الموصل بإغاثة منكوبي تلعفر وخاصة التجمعات مثل الوقف السني ورابطة العلماء المسلمين والحزب الاسلامي العراقي والجبهة التركمانية.