شارون مصرّ على تنفيذ عملياته الحربية ضد الفلسطينيين لأسابيع طويلة

إسرائيل تحظى بـ«تفهم» غربي والمستوطنون يواصلون الضغط لاحتلال الخليل

TT

لم تكتف الحكومة الإسرائيلية بزعامة أرييل شارون بالغارات على رام الله وقطاع غزة، أول من أمس، وبعمليات القصف والقتل التي أسقطت، أمس، خمسة قتلى فلسطينيين جدد بينهم طفلان وامرأة في الخمسين من العمر، فأعلن إصراره على تنفيذ عملياته الحربية ضد الفلسطينيين المعروفة بـ«خطة المائة يوم».

فقد أخذ شارون صلاحية مفتوحة من المجلس الوزاري الأمني المصغر، بأن يواصل تلك العمليات كما يقرر هو ووزير الدفاع، بنيامين بن اليعزر، وقيادة الجيش، من دون الرجوع إلى الحكومة. وأبدت قيادة الجيش ارتياحها البالغ لطريقة تعامل شارون مع اقتراحاتها لضرب الفلسطينيين. فيما واصل المستوطنون اليهود المستعمرون في المناطق الفلسطينية المحتلة، ضغوطهم لكي يقدم شارون على إعادة احتلال حي أبوسنينة في الخليل، الذي أطلقت منه الرصاصات التي قتلت الطفلة اليهودية شلهيفت باس، يوم الاثنين الماضي. وأعلنوا أنهم لن يدفنوا جثمان الطفلة إلاّ إذا تم احتلال هذا الحي.

وكانت «الشرق الأوسط» قد نشرت تفاصل خطة «المائة يوم» قبل أسبوعين ونشرت قائمة بالأهداف التي وضعتها قيادة الجيش أمام شارون لتنفيذها في العمليات الحربية ضد الفلسطينيين. وفي يوم أمس، الخميس، نشرت صحيفة «معريب» الإسرائيلية هذه القائمة على النحو التالي:

ـ اغتيال عدد من القادة الميدانيين لتنظيم «فتح» و«القوة 17» (الحرس الرئاسي) و«حماس» و«الجهاد الإسلامي»، الذين تعتقد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أنهم يقفون وراء العمليات العسكرية.

ـ اغتيال عدد من ذوي المرتبات العالية في قيادات الأجهزة الأمنية الفلسطينية، مثل قائد «القوة 17» في رام الله، محمد حمزة، وأمين سر حركة «فتح» في الضفة الغربية، مروان البرغوثي (وزير الخارجية الإسرائيلي، شيمعون بيريس، نفى ذلك، وقال: لن نقدم على اغتيال قادة فلسطينيين. وسنضرب فقط من ثبت أنهم وقفوا وراء أعمال إرهابية ضدنا).

ـ قصف مقرات أساسية للسلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، بما في ذلك مقر رئيس المخابرات في رام الله، توفيق طيراوي، ومراكز التدريب العسكري، إضافة إلى مواقع «القوة 17».

ـ تدمير عدد من البيوت الفلسطينية في حي أبو سنينة وبيت جالا وخانيونس، التي تعتقد إسرائيل أنها تستخدم لإطلاق الرصاص على مواقع استيطانية يهودية.

وعندما سئل وزير الدفاع، بنيامين بن اليعزر، عن هذه الأهداف، قال: «من الآن فصاعداً، كل شيء مباح. من يعمل ضدنا سيدفع الثمن. انتهى وقت ضبط النفس. وجاء وقت الحساب. فإذا لم يوقف عرفات العنف والإرهاب تماماً سنواصل ضرب قواته الشريكة في أعمال الإرهاب».

وأكد بن اليعزر أن هذه العمليات تحظى بتأييد كاسح من الشعب في إسرائيل، وخصوصاً خبراء الأمن والجنرالات في الاحتياط، بمن في ذلك مؤيدو المسيرة السلمية. وبالفعل، خرج أحدهم، يوسي بيلد، الذي كان قائداً للواء الشمالي في الجيش مسؤولاً عن قوات الاحتلال الإسرائيلي في لبنان والجولان السوري، وعمل مساعداً لإيهود باراك، بتصريح يقول: «علينا أن نجعل عرفات يصيح: لقد أصيب اليهود بالجنون».

ونشرت «معريب» أمس نتائج استطلاع رأي دل على أن 65% من المواطنين في إسرائيل يؤيدون الحكومة في ضرباتها للفلسطينيين مقابل 29% فقط يعارضون.

وقد رد الفلسطينيون على هذه الجريمة الإسرائيلية بالاستنكار الشديد. وقال الرئيس عرفات، الذي عاد إلى رام الله، أمس، بمروحية أردنية (إذ أن إسرائيل تمنع طائرته من الدخول)، ان هذه العملية العسكرية خطوة أولى في خطة المائة يوم التي أعدها أرييل شارون حتى قبل أن يتسلم الحكم. وهي لا علاقة لها أبداً بالعمليات الفلسطينية الأخيرة. وليست رداً على شيء. إنما هي خطوة حربية يفتشون لها عن حجة يتذرعون بها.

وأصدرت حركة «فتح» بياناً رسمياً، أعلنت فيه أمس، أنها سترد على العمليات الإسرائيلية بقسوة، تجعل كل مواطن في إسرائيل يذوق المعاناة التي يلاقيها الفلسطينيون..

وانتقد وزير الإعلام الفلسطيني، ياسر عبد ربه، موقف الولايات المتحدة المساند لإسرائيل. وقال ان شارون يقتل الأطفال الفلسطينيين، ليس فقط بالسلاح الأميركي، بل بغطاء رسمي سياسي ومعنوي ومالي وعسكري شامل، من الإدارة الأميركية الجديدة. ودعا القادة العرب، ذوي العلاقات الجيدة مع إدارة بوش، و«الأخوة العرب الذين رحبوا بفوز بوش وثمنوه». أن يتحركوا الآن، ويثبتوا له «أن الكرامة العربية موجودة. وأن الضمير العربي صاح. وأن الأمة العربية لا تقبل بهذه التصفيات المدمرة للشعب الفلسطيني وحقوقه ومقدساته».

يذكر أن أنباء نشرت في إسرائيل، صباح أمس، مفادها أن شارون اتصل مع المسؤولين في البيت الأبيض وأوروبا ومصر وأبلغهم بالهجوم على غزة ورام الله قبل وقوعه. إلاّ أن مكتب شارون حرص على إصدار بيان توضيحي أمس، يقول فيه إن شارون أبلغ أولئك المسؤولين فقط بانتهاء عملية القصف، وذلك لكي يحافظ على عنصر المفاجأة.

بالمقابل، بدأ وزير الخارجية، بيريس، أمس، في سلسلة لقاءات مع مساعديه من أجل إعداد خطة إعلامية واسعة، لشرح الموقف الإسرائيلي في العالم.