معاناة عام في العراق

TT

بعد حوالي شهرين تقريبا تحل الذكرى الثالثة للحرب على العراق. بينما لا يعلم أحد أعداد الضحايا المدنيين الذين سقطوا حتى الآن نتيجة العنف والتفجيرات. لا. وحتى السلطة العراقية فإن قليلين فيها يشغلون أنفسهم بحصر أعداد هؤلاء. البعض يقدر، مجرد تقدير، القتلى بعشرات الآلاف، أما المصابون فهم، على الأقل، ثلاثة أضعافهم. حتى الرئيس الأميركي جورج بوش نفسه تقول تقديراته إن القتلى المدنيين 30 ألف شخص، من بين حوالى 25 مليون يعيشون في العراق.

من دون أن ينشغل كثيرا بالأعداد، حاول آدم نيديل ، مصور النيويورك تايمز، على طريقته إلقاء الضوء على جانب من المآساة. قضى أسابيع في البحث عن وزيارة المصابين والناجين، من الهجمات وآخرين عصف العنف بحياتهم، في المستشفيات والمنازل والأحياء. وهدفه هو أن يحصل على إجابة للسؤال: ماذا تعني الحرب بالنسبة لهم؟.

غير أن سبب اختيار الصور والقصص التي وراءها لم يكن لأنها هى الأسوأ من غيرها. ولكن لأنها تعكس شيوع المآساة التي يكابدها العراقيون جميعا.

* «كنا قبل الحرب نعيش في مكان جيد، ولكنه أصبح غاليا بعد الحرب ولذلك انتقلنا. والآن بات كل شيء باهظ الثمن.. أسعار الايجارات مرتفعة جدا، والأكل ليس رخيصا. زوجي لا يستطيع الحصول على عمل ولهذا نعيش هنا. هذه الحرب لم تساعدنا إلا قليلا. نحن الآن في وضع أسوأ مما كنا عليه سابقا. ومما زاد الأمر سوءا أنني حامل مرة أخرى».

نهاد جبار جواد .

* تعيش في بناية مهجورة مع زوجها والأطفال «نزعت أنا وجدي ستائر نوافذ بيتنا حتى نتمكن من لف أجساد الأولاد الموتى بها. لم يكن يريد أن يبقوا مكشوفين في الشارع. في البداية قطعنا كل ستارة إلى نصفين. ثم ذهبت وجدي إلى الشارع وسوية غطينا أصدقائي القتلى. كنا معتادين على لعب كرة القدم بعدد 11 في كل فريق. الآن لم يعد غير ثلاثة لاعبين مقابل ثلاثة آخرين».

محمد ستار، 11 عاما شقيقه التوأم قتل في انفجار.

* «كنا قد بدأنا اللعب للتو. ثم أفقت في المستشفى. سمعت أن محمدا قد أصيب أيضا. ولا أعرف إن كان قد أصيب بحروق أو جروح. أنتظر خروجي من المستشفى لنعاود اللعب سويا. وطلبت من أمي أن تبلغ شقيقي بألا يلعب خارج البيت بعدها».

(حيدر رضا،11 عاما جرح عندما أشعلت قنبلة النيران في شاحنة وقود).

* «بعد توقف إطلاق النار، استمرت القافلة الأميركية بالحركة. ظننتُ أن السائق فقط تعرض للضرب. كانت جروحه خطيرة لكن لم تكن مهددة لحياته. وحينما نظرت إلى المقعد الخلفي، وجدت زوجتي وطفليّ تغطيهم الدماء. أدركت أن زوجتي قد ماتت. وابنتي أيضا. حاولت أن أرفع ابنتي فسقط جزء من دماغها. كان ابني الرضيع مغطى بالدماء والجروح. وقد نجا. لا أعلم لمَ أطلق الأميركيون النار علينا».

(أحمد مؤيد، مع ابنه حمزة) (قال إن عائلته تعرضت لإطلاق النار من قبل دورية أميركية حينما كانوا يسافرون في سيارة من بغداد إلى الأردن).

* «ابني شاهد رجلا. ارتاب في أنه مفجر. أمسك بالارهابي ولف ذراعيه حوله بينما نفذ الارهابي التفجير. كان هناك كثير من الناس في الشارع. أنقذ حياة كثيرين منهم».

(والد ناصر عبد محسن).

* «تدربت على مهنة الحلاقة. أولا ذهبت إلى المدرسة، ثم بدأت بالعمل في محل... أحببت العمل حقا... وذات يوم جاءوا وأخبروني أن علي أن أغلق المحل. لكننا لم نفعل. وعادوا ثانية ليهددونا. ولاحقا تم تدمير المحل بواسطة انفجار. والآن ألزم البيت طيلة ساعات اليوم. أفتقد عملي والخروج من البيت. لقد فقدت كل شيء عملت من أجله. كل شيء ذهب إلى الأبد».

فيفيان، 23 عاما (تقول إن العمل في الأماكن العامة أصبح خطيرا جدا).

* «أصيب ضابط الشرطة بثلاثة جروح في الصدر نتيجة هجوم إرهابي. وإصابته خطيرة. كان يموت. وكان هناك ثمانية، ثلاثة منهم أخصائيون، يعالجونه. وحينما أعلن عن موته، هاجم رفاقه من رجال الشرطة الأطباء والممرضات. إذ اعتبرونا مسؤولين عن موته. ثم قاموا بتدمير غرفة الطوارئ. خلال الأشهر الأخيرة القليلة أصبحت هجمات من هذا النوع طبيعية».

(الدكتور أحمد مظفر طبيب غرفة الطوارئ).

* خدمة «نيويورك تايمز»