البرادعي: أمام إيران شهر لتجنب إحالة ملفها النووي إلى مجلس الأمن

اتفاق بين أعضاء الوكالة الدولية للطاقة باستمرار الدبلوماسية.. وأحمدي نجاد ينفي أن تكون بلاده معزولة

TT

قال محمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية امس، ان إيران أمامها شهر لتستعيد ثقة المجتمع الدولي فيها وتجنب إحالة ملفها النووي إلى مجلس الامن الدولي بسبب برنامجها النووي. فيما كررت ايران تهديداتها بخفض تعاونها مع الوكالة الدولية اذا ارتكبت «الخطأ التاريخي» واحيل ملفها النووي الى مجلس الامن الدولي.

واوضح البرادعي للصحافيين عقب اجتماع طارئ لمجلس محافظي الوكالة، عقد في فيينا امس لمناقشة مسألة إحالة الملف الايراني إلى مجلس الامن: «الوضع حرج لكنه لا يمثل أزمة ولا تشكل إيران تهديدا فوريا». وأضاف: «لا يزال أمام إيران مهلة لتوقف جميع نشاطات تخصيب اليورانيوم لديها حتى أصدر تقريري يوم 6 مارس (اذار) المقبل».

وأرجأ مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية اجتماعه امس من دون اتخاذ قرار حول الملف النووي الايراني، وفق ما افاد متحدث باسم الوكالة الذرية في فيينا. وقال المتحدث ان ممثلي الدول الاعضاء الـ35 سيجتمعون مجددا اليوم لإتاحة المجال امام مناقشات حتى هذا الموعد تتناول مشروع قرار تقدم به الاوروبيون.

وعقد مجلس أمناء الوكالة صباح امس اجتماعا استثنائيا لدوله الاعضاء (35 دولة) بمبادرة من الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن، لمناقشة قرار اتخذته هذه المجموعة بالاضافة الى المانيا، يدعو المدير العام للوكالة ابلاغ مجلس الامن الدولي بتطورات القضية النووية الايرانية بسبب القلق من انها تحاول صنع قنابل ذرية تحت ستار برنامج مدني للطاقة النووية.

وحث البرادعي ايران مواصلة تعاونها مع الوكالة الدولية مهما كان القرار الذي سيتخذ بشأن ملفها النووي، لكنه أشار الى ان غالبية اعضاء مجلس الأمناء مع اخطار مجلس الأمن عن النشاط النووي الايرانى الذي وصفه بانه وصل مرحلة «حرجة» وان لم تصبح «كارثة» مؤكدا ان الغالبية مع ارسال رسالة واضحة وصريحة لايران بضرورة ان تعمل على اعادة ثقة المجتمع الدولي بها بتجميد تخصيب اليورانيوم وكل ما يتعلق به.

وقال البرادعي: ان اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية كان بشأن الضغط على ايران لتطمين المجتمع الدولي حول نياتها النووية قبل تقرير حاسم، من المقرر ان يقدمه في اجتماع عادي لمجلس المحافظين في السادس من مارس (اذار) المقبل. وقال «اننا نصل الى مرحلة حيوية لكنها ليست موقف ازمة. انها بشأن بناء الثقة وليست بشأن تهديد وشيك».

وقال البرادعي «كل الذين تحدثوا بشأن هذه القضية، حتى اولئك الذين يؤيدون ابلاغ مجلس الامن أوضحوا تماما انه لم يطلب من مجلس الامن في هذه المرحلة ان يتخذ أي عمل «يمكن ان يؤدي الى عقوبات» وبالتأكيد ليس قبل ان اقدم تقريري في مارس. جميعهم يقولون ان هذا ببساطة استمرار للدبلوماسية».

واضاف «أعتقد ان ما يحاول مجلس المحافظين عمله هو ان يرسل اشارة واضحة جدا الى ايران لكنه يقدم أيضا نافذة فرصة. الرسالة الواضحة هي ان.. ايران تحتاج الى اتخاذ مزيد من اجراءات بناء الثقة». لكنه قال انه يجب على ايران ان تفهم ان تحركها في الشهر الماضي لاستئناف تخصيب محدود لليورانيوم، وهو وقود رئيسي للمفاعلات النووية أو لصنع قنابل «لا يؤدي الى استعادة الثقة الدولية في طموحاتها النووية».

ويقول مسؤولون بالوكالة الدولية للطاقة الذرية ودبلوماسيون غربيون ان ايران أخفت نشاطها النووي عن الوكالة الدولية لمدة 18 شهرا حتى عام 2003 وأخرت باستمرار أو راوغت في التحقيقات منذ ذلك الحين. وتقول ايران انها تريد الطاقة النووية فقط لاستخدامها في مفاعلات الطاقة النووية. ولم تعثر الوكالة الدولية على ادلة ملموسة تشير الى عكس ذلك لكن التحقيقات مستمرة.

وذكر البرادعي «ان احدا لا يتشكك في حق ايران امتلاك تقنية نووية لاستخدام سلمي»، مشددا ان الغرض من حديثه «ليس تهديد ايران بل التأكيد لها ان الدبلوماسية هي الوسيلة الوحيدة لحل الازمة» وان الحوار والتفاوض سيغيران من المواقف اذا ما هيأت لهما ايران وبقية الاطراف فرصة. لافتا النظر الى حقيقة ان ايران وحتى اللحظة تسمح للوكالة بالقيام بمهامها بصورة عادية داخل ايران.

وتفيد متابعات «الشرق الاوسط» ان الدول المؤيدة للقرار تسعى بشدة للحصول على اجماع على القرار دون عرضه للتصويت بينما تحاول الدول المؤيدة لايران احداث تعديل وتخفيف في لغة القرار، وان كان ولا بد من اجازته، ان يتم ذلك بالتصويت.

وتشير مصادر ان انقساما قد ظهر بين المؤيدين لايران، وأقواهم مجموعة دول عدم الانحياز التي اكدت في بيان لها وزعته امس اصرارها على حل قضية الملف الايراني داخل اطار الوكالة الدولية الا ان بعض هذه الدول بدأت تلمح لاحتمال تصويتها بجانب الدول الغربية وذلك حفاظا على مصالحها رغم تأكيدها على العلاقات الحميمة التي تربطها بايران. في وقت تواصل فيه ايران تهديدها من محاولات تحويل ملفها الى مجلس الامن.

وأكد البرادعي أن الاقتراح الروسي بتخصيب اليورانيوم الايراني في روسيا يمثل «بارقة أمل» لطهران وحلا انتقاليا حتى يتم بناء الثقة في الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الايراني. وأضاف أنه لا يوجد أحد في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ينكر حق إيران في الحصول على الطاقة النووية و«لكن الان ليس الوقت المناسب للتخصيب (اليورانيوم) خاصة أن لديهم (الايرانيون) إمدادات تكفي العمر كله من المواد لمفاعلهم النووي الوحيد».

وقال متحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة للصحافيين مع بدء اجتماع مجلس المحافظين امس إن إيران ستضطر للانتظار حتى يوم غد (اليوم الجمعة) لتعرف ما إذا كانت الوكالة الدولية ستحيل ملف طهران النووي لمجلس الامن الدولي أم لا. وهددت ايران امس بخفض تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية اذا ارتكبت «الخطأ التاريخي» باحالة ملف طهران النووي على مجلس الامن الدولي، حسبما جاء في نسخة من خطاب للسفير الايراني في الوكالة الدولية علي أصغر سلطانية وزع امس. من جهته نفى الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ان تكون بلاده معزولة على مستوى ملفها النووي. وقال ان «القوى الظالمة.. تقول ان الدولة والشعب الايرانيين يريدان عزل انفسهم، لكني اقول لهم انهم هم الذين سيعزلون انفسهم». واضاف احمدي نجاد ان «القوى الظالمة لا تريد ان يقال ان الشعب الايراني وصل الى قمة العلم في مجال التكنولوجيا النووية، لذلك يضعون العثرات في طريقنا».