كارثة العبارة: حريق.. وفقدان للاتزان.. وانقلاب مفاجئ

إنقاذ 376 بينهم 17 سعوديا و17 من الطاقم وانتشال 185 جثة و900 في عداد المفقودين

TT

قالت السلطات المصرية أمس إنه تم إنقاذ 376 شخصا من ضحايا العبارة المنكوبة «السلام 98» التي غرقت أول من أمس في البحر الأحمر، وانتشال 185 جثة في الوقت الذي بدأت فيه الآمال في العثور على ناجين جدد في التضاؤل مع مرور الوقت، مما أدى الى حالة احتقان لدى آلاف من المصريين الذين تجمعوا أمام ميناء سفاجا لمعرفة مصير نحو 900 شخص لايزالون في عداد المفقودين.

وتسارعت أمس وتيرة عمليات الإنقاذ التي شاركت فيها قطع عسكرية تابعة للبحرية المصرية والسعودية والأردنية وزار الرئيس المصري حسني مبارك الغردقة لمتابعة الموقف ولقاء الضحايا واصدر بيانا شاطر فيه أسر الضحايا العزاء ووجه الشكر والتقدير للسعودية وكافة الدول الصديقة التي بادرت إلى المشاركة في جهود البحث والإنقاذ.

وأوضح رئيس قطاع النقل البحري المصري شريف حسن ان الباخرة غرقت في المياه الدولية على بعد مائة كيلومتر من السواحل المصرية، مشيرا الى أنها كانت ترفع علم بنما ومن ثم تطبق عليها القوانين الدولية. وقال ان مندوبين عن هيئة السلامة البحرية البنمية سيشاركون في التحقيقات.

وأكد حسن أن وزارة النقل لم تتلق بلاغا رسميا بالحادث وأن القلق بدأ يدب لدى الشركة المالكة في الخامسة من فجر أول من أمس بعد انقطاع أخبارها، مشيرا إلى أنه كان مقررا وصولها في الثالثة فجرا وقد تتأخر حتى الخامسة إذا حدثت ظروف مناخية غير مواتية.

وأضاف «شب حريق في الباخرة بعد إقلاعها مباشرة وتمت السيطرة عليه إلا أنه تجدد مرة أخرى أثناء دوران العبارة في اتجاه ميناء سفاجا لعدم اخماده بشكل كامل، أو لأن اتجاه الريح اثناء الدوران ساهم في إعادة اشتعال الحريق». ومضى «في هذا التوقيت إزداد ميل العبارة وحاول قائدها إعادة الإتزان إليها بملء الصهاريج في الجانب المعاكس، مؤكدا أن شهادات الناجين تفيد بأنه لم يتمكن من إعادة الإتزان إلى الباخرة ولم يجد وقتا كافيا لإرسال إشارات الاستغاثة وإنزال قوارب النجاة حيث انقلبت السفينة». وأشارت تقارير أمس الى ان الحريق اندلع في احدى السيارات.

وأعلن اللواء محفوظ طه رئيس هيئة موانئ البحر الأحمر أنه تم إنقاذ 376 شخصا بينهم 17 سعوديا و17 من أفراد الطاقم، وسوري واحد والباقي من الركاب المصريين، مشيرا إلى أن جهود الإنقاذ متواصلة للعثور على ناجين خاصة أن ارتفاع الموج في البحر الأحمر لم يزد ارتفاعه أمس عن ثلاثة أمتار.

ومع مرور الوقت تضاءل الأمل في العثور على أحياء جدد وفي ظل وجود الآلاف من أسر الضحايا خارج ميناء سفاجا اقتحم عدة مئات الميناء ودخوله عنوة ولم تفلح الشرطة في إيقافهم وقال محافظ البحر الأحمر بكر الرشيدي لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نقدر الحالة النفسية لأهالي الضحايا ونتعامل مع الجميع برفق نظرا للظروف التي يمرون بها».

وقال القبطان مجدي قاسم المتخصص في عمليات الإنقاذ لـ«الشرق الأوسط» ان هناك صعوبة في معرفة اسباب غرق العبارة إذا لم يتم العثور على جهاز الـ«في دي أر» وهو ما يشبه الصندوق الأسود بالطائرات حيث يتم عليه تسجيل جميع البيانات الخاصة بالرحلة والماكينات وما يحدث في غرفة القيادة وهذا الجهاز مصمم لأن يكون ضد نفاذ الماء وإتلاف المعلومات الخاصة بالباخرة لمدة 48 ساعة.

واستبعد قاسم أن يكون طاقم الباخرة قد قام بعمليات إنقاذ بالمعنى المفهوم نظرا للطريقة التي غرقت بها الباخرة ويوحي بانقلابها وهو ما يسمى بحدوث عزم سالب لها بحيث تعجز عن الاحتفاظ باتزانها على الماء ومما يزيد الأمر سواء أن البحر الأحمر كان في حالة «الأزيب» وهو أن يصبح اتجاه الموج جنوب شرق وهو خطر جدا على السفن المارة في البحر الأحمر حيث يصبح اتجاه البوصلة من 90 إلى 180 وهو اتجاه يحطم في بعض الاحيان جدار البواخر وفي بعض الحالات يحرك «هلب» السفن الراسية على الشاطئ ويجعلها تصطدم بالرصيف اصطداما يؤدي الى خسائر كبيرة على عكس حركة الموج بالبحر الأحمر التي تصل إلى 320 درجة أي تيار شمال غرب.

وحول عمليات الإنقاذ قال قاسم ان الباخرة ربما تكون غرقت في عشر دقائق لذلك لم يبعث جهاز «الأيرب» الخاص بها إشارة إلى القمر الصناعي لكن في حالة العثور على إشارة الغرق سريعا فيعني أن إنقلابا مفاجئا حدث بسبب فقد الباخرة لتوازنها واصبح طول زمن الموجة مساو لزمن الموجة وهي أخطر حالات الإنقلاب وتحدث عندما يكون البحر «أزيب» وعند غرق السفينة يحدث ما يسمى بالدوامة المجبرة بحيث تغرق السفينة وعليها جميع قوارب النجاة الواقعة في مسافة مساوية لقطرها وهو ما يزيد عدد الضحايا.

وقال مسؤول بالشركة المالكة للعبارة أن الأمر سيستغرق وقتا قبل اكتشاف ما حدث للسفينة التي بنيت عام 1971 وانتقلت إلى ملكية الشركة عام 1998، لافتا إلى أن آخر اتصال بالسفينة تم الساعة العاشرة مساء الخميس وأن المراكز البحرية على الساحل لم تتلق إشارات استغاثة من العبارة.

وأعلن المتحدث باسم الرئاسة المصرية أنه سيتم صرف 30 ألف جنيه بشكل عاجل لأسرة كل مفقود و15 الف جنيه لكل ناج من حادث العبارة كما تم فتح حساب رقم 888 في بنك ناصر الاجتماعي لقبول التبرعات لصالح الضحايا واسرهم.

ووفقا لمصادر طبية في مدينتي شرم الشيخ وسفاجا فإن معظم الذين تم إنقاذهم إصاباتهم بسيطة وأنه تم السماح لأكثر من مائتين منهم بمغادرة المستشفيات. وأكد حمدي الطحان رئيس لجنة النقل والمواصلات بالبرلمان المصري أن البرلمان سيقرر خلال جلساته القادمة تشكيل «لجنة تقصى حقائق» حول غرق العبارة «السلام 98» لمعرفة أسباب الحادث وملابساته لتجنب حدوثه في المستقبل. وأوضح أن النقل البحري في مصر يجب أن يراجع لكثرة الحوادث التي وقعت خلال الفترة الماضية وكثرة الضحايا الذين راحوا نتيجة هذه الحوادث، مشيرا إلى أن الأمر يجب أن يقنن بضوابط صارمة حتى لا نتعرض لمثل هذه الأمور مرة أخرى.