الفاتيكان ينتقد «إهانة» المعتقدات الدينية.. وأنان يدعو لقبول اعتذارات الصحيفة

متظاهرون يشعلون النار بسفارات الدنمارك والنرويج والسويد في دمشق .. وسورية تعتذر

TT

اتخذت قضية الاحتجاجات على نشر صحف غربية رسوماً مسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) منحى جديداً أمس، باشعال متظاهرين غاضبين النار في مبنى يضم سفارتي الدنمارك والنرويج في دمشق, وطالت النيران سفارتي السويد وتشيلي. ودعت كل من النرويج والدنمارك مواطنيها الى مغادرة سورية التي اعتذرت عما حصل.

وفيما تواصلت مظاهرات الاحتجاج في عواصم عربية واسلامية، أعلن الفاتيكان امس في اول تعليق على الجدل الذي اثاره نشر الرسوم الكاريكاتورية، أن الحق في حرية التعبير لا يشمل الحق في «إهانة» المعتقدات الدينية. كما دعا الامين العام للامم المتحدة كوفي انان المسلمين الى قبول اعتذارات الصحيفة الدنماركية التي كانت اول من نشر الرسومات.

وأدان وزراء الاعلام العرب الذين عقدوا اجتماعاً استثنائياً أمس في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة ما نشر في صحف أوروبية من رسوم كاريكاتورية تحمل إهانة للرسول الكريم واعتبروا ذلك خارج نطاق حرية التعبير.

وكشف الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى عن مشاورات مع منظمة المؤتمر الإسلامي لعقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية للدول الاسلامية يهدف إلى بلورة موقف إسلامي موحد للتعامل مع هذه الحملة الشرسة ضد الإسلام.

وفي طهران، اعلن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد أمس انه اعطى تعليمات بفسخ عقود اقتصادية ابرمتها ايران مع الدنمارك والدول التي نشرت فيها الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد. وفي جاكرتا أدان الرئيس الاندونيسي سوسيلو بامبانج يودويونو أمس الرسوم ووصفها بأنها «انعدام حس صريح». الى ذلك ندد بطريرك القدس لطائفة اللاتين ميشال صباح في ابو ظبي بالرسوم ورأى ان نشرها والمواقف المسيئة للاسلام عموما تصدر عن القسم «الذي لا يؤمن» في الغرب.

وفي دمشق أحرق متظاهرون سوريون مساء أمس السفارة الدنماركية والنرويجية بدمشق احتجاجاً، حيث هاجم مقر السفارتين الموجودتين في مبنى واحد أكثر من عشرة آلاف من المواطنين الغاضبين، بعدما حطموا السور الحديدي المحيط بالمبنى واستخدموه كسلالم تسلقوها ودخلوا المبنى، الذي كان خالياً من الموظفين، وأحرقوه بالكامل.

ولوحظ أن قوة حفظ النظام التي كانت موجودة في محيط المبنى لم تستطع كبح جماح الكتلة البشرية الكبيرة التي هاجمت السفارتين اللتين أدى إحراقهما إلى إلحاق أضرار كبيرة بالسفارتين السويدية والتشيلية الموجودتين في البناء ذاته. ووصف وزير خارجية النرويج يوناس غار ستور احراق مقر سفارة بلاده في دمشق بانه «مرفوض بالكامل»، وقال ان السلطات السورية قدمت اعتذارها. كما قالت وزيرة الخارجية السويدية ليلا فريفالز انها استدعت السفير السوري في استوكهولهم امس واحتجت رسمياً على احراق سفارة بلادها. الى ذلك، منعت قوات الامن السورية مساءً متظاهرين من الوصول الى مقر السفارة الفرنسية في دمشق، وعمدت الى تفريقهم مستخدمة خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع. وفي عمان، احال المدعي العام الاردني رئيس تحرير صحيفة «شيحان» جهاد المومني الى التحقيق على خلفية إعادة الصحيفة نشر الرسوم التي ظهرت في الصحيفة الدنماركية. وفيما اغلق مكتب رئيس تحرير الصحيفة، قرر مجلس ادارة «الطباعون العرب» في ختام اجتماع عقده أمس إجراء تغيير شامل على المطبوعة الاسبوعية شكلاً ومضموناً، بحيث تلتزم «الثوابت القومية والوطنية والاسلامية». كما استنكر عاملون في الصحيفة إعادة نشر الرسوم واعتبروها «مشينة ومسيئة». وفي مصر اتسعت أمس دائرة الاحتجاجات وشملت العديد من الهيئات والفعاليات السياسية والسياحية حيث وجه وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط رسائل إلى وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة الثماني الصناعية الكبرى، مشيرا إلى التبعات السياسية والاقتصادية والنفسية الناجمة عن نشر «الرسوم المسيئة للاسلام». ودعا إلى التمييز بين حرية التعبير عن الرأي التي تكفلها الدساتير والشرائع وبين دعاوى الكراهية والتعصب.

وقررت نقابة المرشدين السياحيين المصرية في اجتماعها إخطار أعضائها بوجوب مقاطعة مصاحبة الوفود السياحية الدنماركية والنروجية. وأعلن مجلس النقابة تضامنه بمسلميه ومسيحييه مع هذا الموقف الذي استفز مشاعر الأمة وقررت عدم مصاحبة وفود البلدين المشار إليهما حتي يصدر اعتذار رسمي عنهما. وأرسلت صورة من القرار إلى سفارتي البلدين بالقاهرة لإخطار شركات السياحة هناك قبل تنظيم رحلات لمصر.

وفي نيويورك، اعرب انان مجددا الجمعة عن «قلقه» و«حزنه» للجدل القائم حول الرسوم, لكنه دعا «اصدقائي المسلمين» الى قبول اعتذارات الصحيفة الدنماركية. وقال «اشاطر اصدقائي المسلمين حزنهم اذ يعتبرون ان هذه الرسوم تهين ديانتهم. وادافع ايضا عن حرية الصحافة. لكن هذه الاخيرة ليست مطلقة فهي تشتمل على مسؤوليات. المهم هو ان الصحيفة التي نشرت الرسوم الكاريكاتورية اعتذرت».

وفي لندن احتج نحو 400 شخص امام سفارة الدنمارك في لندن أمس، ودعوا كل الدول الاوروبية الى «ممارسة الضغط» على وسائل اعلامها.