المستوطنون يتفاوضون مع أولمرت لتثبيت عدد من المستعمرات غير القانونية

يتوجهون للمحكمة العليا بطلب هدم 30 ألف منزل فلسطيني بإسرائيل والقدس

TT

بعد يوم واحد من اخلاء مستوطنة «عمونا» في الضفة الغربية التي ظهرت فيها حكومة رئيس الوزراء بالوكالة ايهود اولمرت حازمة ضد قوى الاستيطان، بدأت هذه الحكومة نفسها مفاوضات مع مجلس المستوطنات الأعلى، بهدف التوصل الى اتفاق لإخلاء بعض المستوطنات من دون مقاومة مقابل موافقة الحكومة على اعطاء الصبغة القانونية لمستوطنات أخرى.

وتدير هذه المفاوضات من طرف الحكومة، وزيرة الخارجية، تسيبي لفنة، التي عقدت جلسة سرية أول من أمس، في مكتبها في تل أبيب، مع كل من رئيس مجلس المستوطنات في الضفة الغربية، بنتسي ليبرمن، ومدير منظمة «أمناة» (ميثاق) التي تعمل على شراء الأراضي الفلسطينية لغرض تهويدها. وتباحثت معهما حول امكانية التفاهم على اتفاق في الموضوع ومدى قدرتهم على السيطرة على النشطاء المتطرفين الذين يقودون المعارك الميدانية ضد الإخلاء.

يذكر انه بالاضافة الى 240 مستوطنة معترف بها من طرف الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية، توجد عشرات البؤر الاستيطانية التي أقيمت بمبادرة المستوطنين المتطرفين من دون تصاريح من الحكومة. وأقيمت تلك البؤر ضمن مخطط أداره رئيس الوزراء، أرييل شارون، عندما كان في المعارضة وقبل ذلك عندما شغل منصب وزير للاسكان. فقد دعا شارون الى اقامة مستوطنة جديدة ردا على كل عملية فلسطينية مسلحة. وعندما لاحظ ان البيوت المقامة فيها كانت مؤقتة، صاح بهم «أين الاسمنت المسلح؟». واستمعوا الى نصيحته وبنوا بيوتا ثابتة في عشرات المواقع. وكشفت عن هذا البناء حركة «سلام الآن» اليهودية في اسرائيل واعدت تقريرا حوله كشفت فيه أن عدد البؤر الاستيطانية الجديدة يبلغ 224 نقطة. وسلمت هذا التقرير الى الادارة الأميركية عبر سفارتها في تل أبيب، مطالبة بهدم هذه المستوطنات الجديدة. وعندما توجهت واشنطن الى شارون للاستفسار حول الموضوع، وعد باجراء فحص موضوعي والعودة بأجوبة. وتعهد أمام الأميركيين بإزالة كل بؤرة استيطانية غير قانونية على حد قوله (أي لم تأخذ التصاريح اللازمة من الحكومة). ووعد شارون باعداد تقرير آخر حول الموضوع، فأقام لجنة خارجية برئاسة المهندسة طاليا ساسون، التي خرجت باستنتاجات أقسى من استنتاجات «سلام الآن»، وقالت في تقرير لها ان حوالي نصف هذه البؤر أقيمت بدعم مباشر من حكومات اسرائيل، خصوصا حكومة شارون، رغم انها غير قانونية.

بناء على ذلك بدا شارون حملة لازالة هذه البؤر. وتمت ازالة معظمها، خصوصا الصغيرة منها. إلا ان هناك حوالي مائة منها ما تزال قائمة اليوم. معظمها تقوم على أراض فلسطينية خاصة اغتصبت من أصحابها بالقوة. وقررت الحكومة ازالتها، لكنها لا تسارع في تنفيذ وعدها. وازالة البؤرة في «عمونا» في الأسبوع الماضي، جاءت كخطوة تظاهرية للعالم بالأساس، حتى يبدو اولمرت منسجما مع الارادة الدولية في مقاومة الاستيطان «غير الشرعي» (وكأن الاستيطان الباقي شرعي) وفرض سلطة القانون (اٌظهار الفلسطينيين بالمقابل في حالة فوضى وانفلات على سلطة القانون).

إلا ان اولمرت بدا، أول من أمس، مفاوضات مع المستوطنين ترمي الى ازالة بعض هذه المستوطنات فقط وبالمقابل إجازة عدد آخر من هذه المستوطنات لتصبح شرعية حسب القانون الاسرائيلي. وقد وضعت الوزيرة لفنة تحديا أمام المستوطنين أن يتمكنوا خلال مدة قصيرة من شراء الأراضي من أصحابها الفلسطينيين. واعترف بنتسي ليبرمن بوجود هذه المفاوضات وقال: «نحن نعرف أن الحكومة قادرة على إخلاء جميع تلك المستوطنات بالقوة. ولذلك فإننا وافقنا على الدخول في هذه المفاوضات حتى ننقذ ما يمكن انقاذه منها والإبقاء على أكبر عدد من المستوطنين والمستوطنات في هذه المنطقة من أرض اسرائيل». من جهة أخرى يواصل المستوطنون في الضفة الغربية معركتهم الجماهيرية ضد حكومة أولمرت بسبب إخلاء مستوطنة «عمونا». وسيقيمون مظاهرة كبرى في القدس، اليوم، تحت عنوان: «أولمرت سيىء لليهود». وسيعقد الكنيست (البرلمان الاسرائيلي) جلسة خاصة للبحث في الموضوع، يوم الأربعاء المقبل، سيكون في مركزه انتقاد الشرطة على استخدام العنف الزائد في قمع المستوطنين. ويقوم المستوطنون بجمع المعلومات والصور التوثيقية التي تدين الشرطة في عدوانها، تمهيدا لاقامة لجنة تحقيق. ومع ان هذه النشاطات تبدو معادية للحكومة، إلا انها في الوقت نفسه تصب في صالحها أمام العالم، حيث انها تظهرها «حكومة سلام»، في مواجهة المتطرفين، ويساعدها ذلك على التوصل لاتفاق مع المستوطنين حول اضفاء الشرعية على المستوطنات غير الشرعية.