إسرائيل تقرر التعامل مع السلطة الفلسطينية كدولة معادية

في ظل حكومة «حماس» المقبلة

TT

وضعت القيادات العسكرية والأمنية الإسرائيلية (الجيش والمخابرات، بأذرعهما المختلفة)، سلسلة توصيات أمام القيادة السياسية، حول سبل التعامل المستقبلي مع السلطة الفلسطينية في حال تسلم حركة حماس رئاسة الحكومة الفلسطينية أو المشاركة فيها. وتعتمد هذه التوصيات أساسا تحويل السلطة الفلسطينية الى دولة معادية، وعمليا اعلان الحرب عليها بكل ما تعنيه الكلمة.

ومع أن القيادة السياسية لم تبحث هذه التوصيات بعد وليس مضمونا أن تقبلها كاملة أو جزئيا، إلا أن مجرد طرحها في قيادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، سيترك أثره على التعامل الاسرائيلي مع الفلسطينيين، على الأقل في ميدان الاحتكاك بين الطرفين. فالجيش الإسرائيلي بحكم احتلاله للأراضي الفلسطينية ونصبه مئات الحواجز العسكرية، خلق نقاط احتكاك وصدام عديدة مع الفلسطينيين في كل مدينة وقرية ومخيم لاجئين. وكانت القيادات الأمنية الاسرائيلية قد صدمت في البداية من فوز حماس، واحتاجت الى كثير من الوقت حتى تستوعب نتائج الانتخابات. وانخرطت في مرحلة معينة في النقاش حول كيفية التعامل مع السلطة الفلسطينية في العهد الجديد، وساهمت في تحديد الموقف الرسمي القائل بانه طالما لم تعترف حماس باسرائيل وتقبل الاتفاقيات الموقعة بينها وبين السلطة الفلسطينية وتتخلى تماما عن السلاح والعمل العسكري، فإن اسرائيل لن تتعاون مع السلطة التي تشارك حماس في حكومتها.

وتطور هذا الموقف باتجاه عصبي متطرف في نهاية الأسبوع، إذ تقرر اعتبار حكومة كهذه بمثابة عدو. وقطع كل اتصال معها. وحسب مصادر اعلامية مقربة من وزارة الدفاع الاسرائيلية، فإن اسرائيل ستتخذ عددا من الاجراءات تجاه السلطة، منها:

> كل فلسطيني يدخل اسرائيل من دون تصريح سيعتقل ويحاكم بوصفه متسللا من دولة معادية، كما لو انه مواطن ايراني على سبيل المثال. علما بأن الفلسطينيين الذين كانوا يعتقلون في اسرائيل حتى اليوم، كانوا يعادون الى بلداتهم وقراهم من دون محاكمة وفقط نسبة ضئيلة منهم تمت محاكمتهم.

> يتوقف التعاون القائم حاليا بين الجيش الاسرائيلي وبين السلطة الفلسطينية وتغلق مكاتب الارتباط وتتوقف الخدمات المقدمة فيها للمواطنين الفلسطينيين، حال الاعلان عن تشكيل حكومة برئاسة حماس أو عضويتها.

> إغلاق الطريق بين قطاع غزة والضفة الغربية في وجه الفلسطينيين ومنع التنقل بين المنطقتين تماما، بما فيه للنواب الذين انتخبوا أخيرا، خصوصا نواب حركة حماس.

> التوقف عن اتصالات التنسيق الأمني بين الجيش والمخابرات الاسرائيلية وبين أجهزة الأمن الفلسطينية في أي مجال كان.

> في حال تولي حماس المسؤولية عن وزارة الداخلية وخضوع الأجهزة الأمنية الى سلطتها، تتحول هذه الأجهزة الى جيش معاد. وتصبح نقاط التفتيش التابعة للشرطة الفلسطينية (150 نقطة)، بمثابة مواقع عسكرية معادية لاسرائيل.

وقررت القيادات الأمنية الإسرائيلية أيضا توسيع نشاطها ضد حماس الى الساحة الدولية بتأليب أجهزة الأمن والمخابرات الغربية والعربية (التي تقيم علاقات مع اسرائيل) وغيرها على حماس والسلطة الفلسطينية. والهدف من ذلك هو التوضيح لتلك الأجهزة الأمنية بان حماس تقوم «بعملية خداع كبرى لدول العالم وتنصب لها المكائد والمصائد حتى تتمكن، وعندئذ تعود لطبيعتها الارهابية». وحسب تلك المصادر فإن الأمن الاسرائيلي يرى ان أول ضحايا الخداع عند حماس سيكون الرئيس الفلسطيني نفسه، محمود عباس (أبو مازن)، الذي يتعامل مع الحركة بمنتهى الديمقراطية والاحترام. فسيتيحون له أن يدير المفاوضات مع اسرائيل من دون تدخلهم، فيحافظون بذلك على موقعهم في الحكومة ويضطرون دول الغرب الى التعامل معهم. وفي الوقت الذي يستطيعون، سيتخلصون من الرئيس ويطرحون مرشحا خاصا من طرفهم مكانه. والمطب الثاني الذي يعده قادة حماس، حسب مزاعم الأمن الاسرائيلي، هو في ازدواجية الخطاب. فقد بات واضحا ان قادة حماس يوزعون الأدوار في ما بينهم. بعضهم يتكلم للعالم بلغة معتدلة وبعض اخر يتكلم بلغة متشددة للشارع الفلسطيني والعربي. وقال رئيس المخابرات في جلسة القيادة الأمنية إن لدى اسرائيل تسجيلات من اجتماعات داخلية لحركة حماس، جرى خلالها التذكير عدة مرات بالتجربة الايرانية. وقال ان طهران عرفت طول الوقت كيف تناور مع العالم. فعندما يشتد الهجوم عليها تختار رئيسا معتدلا مثل خاتمي وعندما تهدأ أوضاع العالم تجاه ايران يعودون الى حقيقتهم المتشددة.

ويعتبر العسكريون حتى امتناع حماس عن المشاركة في عمليات تفجير ضد اسرائيل بمثابة خديعة. ويقولون ان هذه مجرد هدنة مؤقتة هدفها كسب الرأي العام العالمي وستنتهي في أية لحظة يتمكنون فيها من الظهور على طبيعتهم.

ويرى العسكريون الاسرائيليون ان موقفهم المتشدد هذا هو الذي سيؤدي الى موقف متشدد في العالم، وأية مهادنة مع حماس ستؤدي الى تصدع الموقف الأميركي ـ الأوروبي الصارم تجاه حماس.