الإرهابيون يفضلون «الاستراحات» لسهولة إجراءات الاستئجار

TT

لم يكن اختباء عدد من المطلوبين الأمنيين بإحدى الاستراحات الواقعة شرق الرياض صباح أمس بالأمر الغريب، ففي أحداث إرهابية سابقة استخدم المتورطون عددا من الاستراحات للاختفاء عن الأعين، وإخفاء ما لديهم من أسلحة ومتفجرات، وهي التي ابتكرها السعوديون كوسيلة ترفيه يقضون فيها أيام عطلهم الأسبوعية، وأحيانا مناسباتهم الاجتماعية.

والاستراحة مصطلح يطلق على مكان تجتمع بداخله العائلات، أو الأصدقاء، بهدف إمضاء وقت من التسلية والراحة بعيداً عن مشاغل الحياة، وبالخصوص في مواسم العطلات، وتكون بالعادة خارج المدن أو في الأحياء الجديدة التي ما تزال تحت الإنشاء كحي اليرموك الذي تمت به مداهمة المطلوبين يوم أمس.

وتلاقي الاستراحات في العاصمة السعودية الرياض رواجا كبيرا لدى أهالي وسكان المدينة، وتتراوح أسعارها فترة نهاية الأسبوع ما بين 600 إلى 1000 ريال، ولكن سعر الإيجار السابق يرتفع حين ترتفع مزايا الاستراحة بوجود مسابح، وملاعب كرة قدم، ومخيم، وحين يكون منفصلا إلى قسمين، أحدهما للرجال، وآخر للعوائل، حيث يصل سعرها ما بين 1200 وحتى 1500 ريال سعودي.

وظاهرة تخفي الإرهابيين داخل الاستراحات ظهرت للمرة الأولى في 20 من شهر مايو (ايار) 2004، حين قامت قوات الأمن بمحاصرة خمسة من المطلوبين الأمنيين على القائمة 26 الأولى لوزارة الداخلية، في قرية خضيراء التابعة لمدينة بريدة في منطقة القصيم.

وعثر خلال المداهمة للاستراحة على سيارتين تم استخدامهما في هجمات على الأمن السعودي، وبالإضافة إلى أحواض حديدية لتحميل الشاحنات بالمتفجرات، مع كميات من المتفجرات ومواد تدخل في تصنيعها وخلاط كبير للمتفجرات ومبلغ 19320 ريالا، وأسلحة متنوعة.

وجاءت استراحة أخرى في منتصف عام 2004، ولكن هذه المرة بحي السويدي في الرياض، وتلى ذلك استراحة أخرى تقع في شرق الرياض، وغيرها من الاستراحات التي تم اكتشاف أسلحة ومتفجرات بها في عدد من القرى والهجر السعودية.

وتطرح حادثة المداهمة لاستراحة صباح أمس أسئلة حول الاجراءات القانونية لاستئجار مثل هذه الاستراحات، ودور المكاتب العقارية التي تقوم بدور التأجير للاستراحات، والشقق السكنية، وشكل الإجراءات التي يتم من خلالها التأجير، وماهي الطريقة لاكتشافهم؟.

ويبين أحد مالكي الاستراحات في مدينة جدة «فضل عدم ذكر اسمه حين علم أن القصة تتعلق بالإرهاب»، أن طريقة الإيجار تتم إما عبر مالك الاستراحة أو احد المكاتب العقارية التي يوكل لها المالك عملية الإيجار، مضيفا «بالنسبة للأشخاص الذين لا يعتمدون على مكاتب عقار، فاعتمادهم يكون على حارس أو عامل الاستراحة، والذي في أحيان كثيرة يكون ليس من الجنسية العربية».

ويعتبر مالك الاستراحة أن المشكلة تبدأ من هذا العامل ولا تتوقف، موضحا أن العامل قد يعتمد على المستأجر في إملاء عقد الإيجار والسندات.

ويقول: «والإيجارات والسندات التي يعتمد عليها في هذه الاستراحات، يتم للأسف في أوقات كثيرة شراؤها من المكتبات، فسعر دفتر عقود إيجار يحصل عليه بمبلغ 6 ريالات فقط، ولا أنسى أن كثيرا من هذه الأوراق تنقصها الأختام، ولا يتم عرضها على عمدة الحي».

ويعتبر عبد الله القحطاني، عمدة حي الربوة (شمال جدة)، أن العُمد يعانون من تجاهل مكاتب العقار في إبلاغهم عن المستأجرين أو تزوديهم بعقود الإيجار، قائلا: «للأسف لا نرى أصحاب هذه المكاتب أو المُلاك إلا عند وقوع مشكلة بينه وبين المستأجر، وذلك بالرغم من أن هناك نظاما واضحا من وزارة الداخلية بتزويدنا بمعلومات حول المستأجرين».

ويتمنى القحطاني أن يكون هناك تفعيل لدورهم بربط مكاتب العقار إجباريا بهم، مؤكدا «نحن وفقا للتعميم الذي لدينا من وزارة الداخلية نقوم بإبلاغ الشرطة بالمكاتب التي لا تتعاون معنا، ولكن من دون جدوى ليس بسبب الشرطة بل لتجاهل مكاتب العقار».

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بعدد من أصحاب مكاتب العقار للتأجير والبيع للاستفسار عن سبب عدم تزويدهم لعُمد الأحياء، والجهات المعنية بأوراق المستأجرين إلا أنه لم يتجاوب أحدهم مع القصة.

ويدعو المهندس وليد الهزاع، رئيس اللجان العقارية بغرفة جدة للتجارة والصناعة (ومكاتب العقار تدخل ضمن اختصاص عمل هذه اللجنة)، وزارة الداخلية السعودية إلى ربط مكاتب التأجير والبيع العقارية عبر شبكة إلكترونية باللجان العقارية المتخصصة في الغرف التجارية، وكذلك بوزارة الداخلية السعودية.

ويلخص المهندس الهزاع مقترحه بالقول: «حين يتم ربط مكاتب العقار باللجان ووزارة الداخلية عبر شبكة إلكترونية، بحيث يصبح لدى كل مكتب جهاز كومبيوتر يتم من خلاله إدخال كافة معلومات البطاقة الشخصية للمستأجر، وبذلك يتسنى لوزارة الداخلية وللموظف في المكتب معرفة ما إذا كان الشخص نزيهاً أو متورطا بعمل ما».

ويوضح رئيس اللجان العقارية بغرفة جدة أن تصريحات مكاتب العقار يتم استخراجها بواسطة وزارة التجارة والصناعة، وأن عمليات التأجير تتم بإحضار المستأجر لورقة تعريف من جهة العمل أو عبر عُمد الأحياء، معتبرا أن كل تلك الإجراءات قابلة للتزوير.