طالباني يدعو الجعفري إلى «الرضوخ لموقف الشعب».. والسيستاني يلتزم الحياد

الرئيس العراقي وجه الدعوة لافتتاح البرلمان الجديد الأحد المقبل

TT

من المفترض ان يكون الرئيس العراقي جلال طالباني قد ابلغ امس زعماء الكتل السياسية التي ستشكل البرلمان الجديد دعوته لعقد الجلسة الاولى يوم الاحد المقبل، فيما اكد مصدر في مكتب المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني ان هذا الاخير يلتزم الحياد في شأن الازمة الناشبة حول ترشيح رئيس الوزراء المنتهية ولايته ابراهيم الجعفري لتولي رئاسة الحكومة الجديدة. واعلن الرئيس طالباني في مؤتمر صحافي مشترك عقده امس ببغداد مع رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني «سندعو اليوم (امس) رؤساء القوائم والكتل البرلمانية الى عقد جلسة مجلس النواب في الثاني عشر من الشهر الحالي». واوضح ان الثاني عشر من الشهر الحالي «هو آخر يوم يسمح به الدستور بعقد جلسة مجلس النواب»، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

وينص الدستور العراقي على ان تعقد الجلسة الاولى للبرلمان بعد اسبوعين من اعلان نتائج الانتخابات الرسمية المصادق عليها. وفي حال لم تعقد الجلسة لسبب من الاسباب يمكن تأجيل انعقادها لاسبوعين اخرين. واعلنت النتائج في العاشر من الشهر الماضي.

وتأخرت الجلسة الاولى لمجلس النواب بعد رفض ثلاث قوائم رئيسية، هي التحالف الكردستاني وكتلة التوافق العربية السنية والقائمة العراقية الوطنية (علمانية)، مرشح الائتلاف العراقي الموحد (شيعي) ابراهيم الجعفري لتولي رئاسة الحكومة.

وقال الرئيس العراقي «نريد ان تجتمع حول رئيس الوزراء المقبل كل الكتل والقوائم البرلمانية لتكون حكومته حكومة وحدة وطنية». وشدد على ضرورة ان يحظى الرؤساء الثلاثة (رئيس الدولة ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان) بالاجماع وقال «انا مثلا اذا لم أنل ثقة الائتلاف او ثقة جبهة التوافق فسأنسحب». وتابع ان «المسألة ليست مسألة شخصية بل مسألة التوافق الوطني».

واكد طالباني أهمية الرضوخ لموقف الشعب العراقي في هذا الخصوص قائلا «رغبتنا ستكون متفقة مع رغبة الشعب العراقي».

وحول تصريحات البعض بان ابراهيم الجعفري يعكس وجهة نظر الشارع العراقي، تساءل طالباني «اي شارع ؟ السليمانية ام العمارة ام كركوك ام الرمادي؟ لان هناك الكثير من الشوارع في العراق».

واكد طالباني انه متفائل بايجاد حل لهذه المسألة، وقال «نعتقد ان علاقاتنا متينة واستراتيجية مع الائتلاف وبامكاننا الوصول الى حل يرضي الطرفين لهذا فنحن لسنا متشائمين بل متفائلون».

واوضح ان الوفد الكردي الذي زار مدينة النجف اول من امس والتقى عددا من المراجع والشخصيات الشيعية، وبينها السيستاني، «عرض موقف التحالف الكردستاني بشأن ترشيح الدكتور الجعفري لرئاسة الوزراء في الحكومة المقبلة، وعاد مطمئناً ومرتاحاً».

من جانبه قال نيجيرفان بارزاني «تبادلنا وجهات النظر مع الرئيس طالباني حول الاوضاع في العراق وتوحيد الادارتين في كردستان بالاضافة الى الامور السياسية الاخرى التي تخص العراق». واعرب عن الاسف لعدم وجود آلية معينة ترتب العلاقة مع الحكومة المركزية ببغداد قائلاً «هذا من شأنه ان يوّلد مشاكل كثيرة عبرنا عنها سابقا ونعيد التأكيد عليها في الوقت الحاضر»، ودعا إلى وضع «آلية شفافة تحكم العلاقة بين الإقليم وحكومة المركز».

وردا على سؤال بشأن أداء حكومة الدكتور الجعفري، قال بارزاني «مع الأسف لم نر من حكومة الدكتور الجعفري أي خطوة مطمئنة»، ودعا إلى التقيد ببنود الاتفاق المبرم سابقا بين الائتلاف والتحالف الكردستاني.

من ناحية اخرى اكد حامد الخفاف، الناطق الرسمي باسم اية الله السيستاني في اتصال لـ«الشرق الاوسط» معه عبر الهاتف من مكتبه في بيروت أمس أن المرجع الشيعي لا يتدخل في القضية الناشبة حول ترشيح الجعفري، وقال ان السيستاني «يؤكد أولا على وحدة الائتلاف، وثانيا ان أي اختلاف في وجهات النظر لمعالجة أي أزمة داخل الائتلاف يفترض ان تعتمد الآليات المنصوص عليها في الائتلاف من أجل اتخاذ القرار المناسب».

كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر في مكتب السيستاني في مدينة النجف امس تأكيده ان «السيستاني لم يصدر أي رأي بخصوص الأزمة القائمة حاليا حول ترشيح الجعفري لمنصب رئاسة الوزراء». ونفى المصدر الانباء التي تناقلتها وسائل الاعلام في العراق حول صدور فتوى من السيستاني تلزم بضرورة اعادة الترشيح او انه طالب بتنحي الجعفري.

من جهته أكد رضا جواد تقي، القيادي في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية، الذي يترأسه عبد العزيز الحكيم أن السيستاني لا يتدخل في التفاصيل، وقال «حسب معلوماتنا الخاصة ان السيد السيستاني لا يتدخل مطلقا في أي تفاصيل ويقتصر تدخله في الشأن العام مثل التشجيع على خوض الانتخابات والدفع باتجاه تشكيل الحكومة».

وحول ما ذكرته مصادر في حزب الدعوة الذي يتزعمه الجعفري من ان السيستاني بارك ترشيح الجعفري، قال تقي «للاسف هذه التصريحات لم تكن دقيقة».

ويرى تقي، وهو مسؤول العلاقات الخارجية في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية، ان «المجلس يصر على فتح باب الحوار والتفاهم مع القوائم والتيارات السياسية العراقية المختلفة لايجاد حل لموضوع ترشيح الجعفري لرئاسة الحكومة المقبلة» مشيرا الى ان «نقاشات عميقة جرت داخل الائتلاف حول هذا الموضوع وتوصلنا الى طريقين لا ثالث لهما، الاول هو الا نتخلى عن اختيارنا للجعفري كمرشح اختير وفق آليات محددة داخل الائتلاف، والثاني الذي نريد تسليط الضوء عليه هو ان نبقي باب الحوار والنقاش مفتوحا مع بقية القوائم والتيارات السياسية الرافضة لهذا الترشيح».

وفيما اذا اصر الجعفري على عدم الانسحاب او اصر الائتلاف على مرشحه، قال تقي «اتوقع في هذه الحالة حدوث أزمة سياسية»، واستدرك قائلا «عندما يصر طرفان على موقفين مختلفين فان المجال يكون للحلول الوسط، ونحن نعمل على ايجاد قواسم مشتركة، منها ان نذهب الى البرلمان ونطرح المشكلة هناك بحثا عن حل دستوري، وأتصور انه بعد ان نستنفذ المفاوضات مع القوائم الاخرى يمكن ايجاد حل داخل الائتلاف».

واعتبر تقي أن «المصلحة الوطنية ومواصلة العملية السياسية ضروريتان جدا وسيتم تغليبهما على المصالح الشخصية والفئوية والحزبية والطائفية اذ لا يمكن ادخال البلد في مأزق سياسي اضافي، وهذا ما تؤكده أطراف عديدة في الائتلاف».

وتابع تقي قائلا إن «الشعور داخل الائتلاف يتطور باتجاه ان وحدة الوطن ومصلحة الشعب العراقي والعراق تأتي في المقدمة وان الجميع سيعمل لصالح المصلحة الوطنية العليا». وشدد تقي على ان «الرئيسين جلال طالباني ومسعود بارزاني حاولا ان يفعلا شيئا من دون ان تتصدع علاقة الاكراد مع الشيعة وعلاقة التحالف الكردستاني مع المجلس الاعلى، وعملا على حصر المشكلة في الاعتراض على أداء شخص وألا يكون هذا الموضوع سببا في تدمير علاقة دامت اكثر من عقدين».

واقترح تقي على قادة الكتل والقوائم السياسية ان «تبادر الى عقد اجتماع عاجل وحاسم لتداول مشكلة ترشيح او عدم ترشيح الجعفري وايجاد حل عاجل لها لا سيما اننا على ابواب الاجتماع في مجلس النواب الذي من المحتمل تأجيله بسبب المشاكل العالقة التي لا نتوقع لها حلا سريعا». اما خضير الخزاعي، القيادي في حزب الدعوة (تنظيم العراق) والعضو في الائتلاف العراقي الموحد، فأعرب عن امل قائمته بأن ينجح رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني في تغيير موقف التحالف الكردستاني الرافض لتولي الجعفري رئاسة الحكومة القادمة، وقال انه اذا لم يحصل ذلك لن يتم تجديد ولاية الرئيس طالباني. واكد الخزاعي في تصريح للصحافيين في قصر المؤتمرات امس ان هناك اصرارا كبيرا من قائمته على ترشيح الجعفري، وقال ان «بعض الاطراف» تتجه للانضمام الى الائتلاف الذي سيحصل في هذه الحالة على النسبة المطلوبة داخل البرلمان لتثبيت ترشيح الجعفري.

وفي ذات السياق اكدت مصادر قريبة من الائتلاف انه لا توجد اي صيغة لتغيير الجعفري إلا من خلال قيام الجعفري نفسه بالتنازل عن هذا المنصب.