عراقيون متضررون من العنف الطائفي يروون قصصهم

أسرة سنية تركت منزلها ليضربه بعد حين صاروخ.. وشيعي نزح بعد تلقيه زجاجة دم تحذره

TT

بغداد ـ رويترز: عندما وجد أبو كاظم رسالة بجوار زجاجة بها دم، عند الباب الخارجي لمنزله، علم أن هذا سيكون آخر يوم له في المنزل. وقال كاظم، 37 عاما، ان الرسالة «افادت بأن الدم الموجود في الزجاجة، هو دم آخر شيعي قتلوه، وأن دمي سيحل محله اذا بقيت في التاجي»، مشيرا الى معقل للمقاتلين السنة شمال بغداد.

ويعيش ابو كاظم وهو من الأغلبية الشيعية في العراق منذ 25 عاما في التاجي. واحتدمت التوترات بين الشيعة والسنة منذ تفجير مزار شيعي يوم 22 فبراير (شباط) في سامراء شمال التاجي. ودفع الهجوم العراق الى اقرب نقطة من الانزلاق الى حرب أهلية، منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للبلاد عام 2003.

وخوفا من الهجمات الانتقامية الطائفية التي قتل فيها المئات، فرت الأسر الشيعية والسنية من المناطق أو البلدات التي تختلط فيها الطوائف في مختلف ارجاء العراق، ونزحوا الى مناطق تسيطر عليها الطائفة التي ينتمون لها. وعلى الرغم من أن الهجرة الطائفية تتم على نطاق محدود نسبيا حتى الآن في العراق، الا أن العملية تذكر بالتطهير العرقي في يوغوسلافيا السابقة اثناء حروب البلقان.

وقال علي الاديب العضو البارز في الائتلاف الشيعي الحاكم، ان هذه الهجرة تمثل مشكلة خطيرة وأن الحكومة تكثف جهودها للتعامل معها. وأضاف أنها خطة من جانب «الارهابيين» لتقسيم العراقيين ويجب العمل على افشالها.

وفي حي اليرموك بغرب بغداد، احتشد في احد المساجد عدد من النازحين السنة في الفترة الأخيرة لطلب المساعدة من مسؤول في أكبر حزب سني في البلاد. وقال مصطفى عبد الحق، وهو سني، ان الشيعة في حي الحرية الذي يسكنه في بغداد، وصفوا أسرته بأنها «ارهابية»، لأن والده أطلق لحيته فأصبح يشبه بعض المقاتلين السنة الملتحين. وقال «تركنا منزلنا في نفس اليوم، الذي وقع فيه تفجير سامراء عندما وجدنا سنة آخرين يتعرضون للهجوم في المنطقة». واضاف «جيراننا أبلغونا أن المتشددين أطلقوا قذيفة صاروخية على المنزل، بعد دقائق من مغادرتنا له».

وغادر البعض العاصمة بغداد، وهي مدينة متعددة الطوائف يقطنها نحو سبعة ملايين نسمة، وانتقلوا عائدين لمحافظاتهم الاصلية التي تهيمن طوائفهم عليها. لكن غيرهم لا يجد مكانا يذهب اليه. وفي الاسبوع الماضي، تدفقت بعض الأسر المشردة على مكاتب الزعيم الشيعي مقتدى الصدر والحزب الاسلامي العراقي السني، للحصول على الاساسيات من اقامة وغذاء.

وتوثق سجلات مكتب الصدر في حي الشعلة ببغداد، حالات أكثر من 500 اسرة شيعية مشردة، أغلبها من مناطق قرب أبو غريب، وهي بلدة غرب بغداد، كانت معقلا للمقاتلين السنة. وقال مسؤول من مكتب الصدر، رفض الإدلاء باسمه قائلا، انه تلقى تهديدات بالقتل «ما نشهده هو قمة جبل الجليد. نأخذ بصماتهم وصورا من وثائق هوياتهم، لنتحقق من أوضاعهم».

وفي مقر الحزب الاسلامي العراقي، سجلت 43 أسرة سنية على الأقل، طلبات للمساعدة بعد نزوحها. وقال عمر الجبوري مسؤول حقوق الانسان بالحزب ان الأسر التي وصلت حصلت على أغطية وغذاء و35 دولارا كدعم مؤقت. وأضاف انه يجب الا يسمح العراقيون للقوى الخارجية بتقسيم البلاد، وناشد زعماء العشائر والطوائف في المناطق السنية والشيعية حماية الاقليات في مناطقهم.

ودفع سعي الاسر للحصول على سكن، في أحياء أكثر أمنا، اسعار العقارات للارتفاع، اذ تستغل الشركات العقارية الازمة. وقال أبو احسان الذي يعمل بشركة عقارية، ان الطلب على المنازل في حي المنصور الآمن نسبيا في غرب بغداد، دفع الاسعار للارتفاع بنسبة بلغت 50 في المائة خلال عام. وأضاف «أغلب الأسر تأتي من العامرية والدورة والمناطق التي تشهد مشكلات أمنية».

وقال سني يبلغ من العمر 35 عاما، ذكر ان لقبه المشهداني، انه فر من بلدة الحسينية الشيعية شمال بغداد، بعد يوم من مقتل شقيقه لدى مغادرته مسجدا سنيا. وأضاف «لا يمكننا العودة لهذه المنطقة لأنني خائف».

وهذا الانقسام الطائفي، جاء نقمة على بعض العراقيين. ففي حين يمثل الشيعة الاغلبية، الا انه كانت هناك زيجات كثيرة بين الشيعة والسنة، وفي عديد من المدن خاصة بغداد، هناك احياء بها تنوع طائفي.