إحالة صدام و6 آخرين من مساعديه إلى المحكمة في قضية الأنفال

الرئيس العراقي المخلوع متهم بإبادة أكثر من ربع مليون كردي في حملات قادها ابن عمه (علي كيمياوي)

TT

اعلنت المحكمة الجنائية العليا العراقية، امس، ان التحقيقات في قضية حملات الانفال التي استهدفت الاكراد منذ 20 عاما، قد انجزت وأحيلت الى المحكمة لمحاكمة الرئيس المخلوع صدام حسين وستة من معاونيه.

وقال رئيس قضاة التحقيق في المحكمة والمتحدث باسمها رائد جوحي في مؤتمر صحافي في بغداد، إن «الاجراءات التحقيقية الخاصة بقضية الانفال قد اكتملت والتي تم فيها قتل الآلاف من النساء والرجال ودفنهم في مقابر جماعية»، مشيرا الى ان انتهاء التحقيقات الأولية يعني ان صدام ومساعديه احيلوا الى محكمة الجنايات في هذه القضية. واشار الى ان المحالين مع صدام هم علي حسن المجيد التكريتي الملقب بـ(علي كيمياوي) وسلطان هاشم أحمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري عضو القيادة القطرية في حزب البعث، والذي عمل ايضا في جهاز المخابرات وحسين رشيد التكريتي عضو القيادة العامة للقوات المسلحة وطاهر توفيق العاني عضو القيادة القطرية لحزب البعث ووزير الصناعة سابقا وفرحان مطلك الجبوري.

وأعلن جوحي أنه في اطار التحقيقات جرى «الاستماع الى الآلاف من الشهود والمشتكين وتدقيق أعداد هائلة من الوثائق والمخاطبات الرسمية الخاصة بالنظام السابق». وأضاف جوحي ان «القضية هي حاليا بين الادعاء العام والمحكمة التي ستحدد الموعد المناسب للمحاكمة».

وقد أعلن الرئيس جلال طالباني في وقت سابق، امس، ان الرئيس المخلوع سيحاكم عن «كل الجرائم» قبل تنفيذ اي احكام تصدر بحقه. وأضاف «اعتقد ان المحكمة تسير على خطة ان كل الجرائم الاخرى يحاكم عليها وفي النهاية يتم تنفيذ القرار»، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

وكان المدعي العام جعفر الموسوي قد أكد السبت الماضي، ان التحقيقات حول دور الرئيس المخلوع في قضية حملة الانفال «استكملت» وسيتم التدقيق فيها «خلال يومين» على ان تحال الى «هيئة الجنايات (المحكمة)» في وقت لاحق.

ومن المقرر ان تستأنف اليوم محاكمة صدام وسبعة من معاونيه عن قضية اخرى هي قضية الدجيل 1982.

ويشتبه بمسؤولية صدام عن حملة الانفال التي أدت بين عامي 1987 و1989 الى مقتل نحو 100 ألف كردي معظمهم من المدنيين واختفاء 182 ألفا آخرين كلهم من المدنيين، تبين لاحقا انهم قتلوا ايضا، اضافة الى تهجير نحو 500 ألف من مناطق سكنهم وإجبارهم على السكن في مناطق غريبة عنهم.

وأواخر أغسطس (آب) الماضي، زار القاضي جوحي اقليم كردستان لجمع المزيد من الأدلة ضد صدام من ضحايا حملة الانفال وعن استخدام الاسلحة الكيميائية في مدينة حلبجة الكردية عام 1988، حيث قتل خمسة آلاف شخص من سكانها.

 وبدأت حملات الانفال في مارس (آذار) 1987 بقرار من مجلس قيادة الثورة برئاسة صدام حسين، وذلك بعد ان عين علي حسن المجيد، ابن عم صدام، مسؤولا عن تنظيمات حزب البعث في شمال العراق وحاكما عسكريا له مطلق الصلاحيات على المنطقة الكردية.

ووضع تحت تصرف المجيد الذي اشتهر بين الاكراد باسم (علي كيمياوي) الفيلقان الأول والخامس والقوات الخاصة وقوات الطوارئ والجحوش، وهم قوات غير نظامية شكلتها الحكومة العراقية من افراد العشائر الكردية.

وفي المرحلة الاولى للحملات والتي شاركت فيها طائرات الهليكوبتر والبلدوزرات جرى هدم أكثر من 700 قرية كردية ونقل سكانها الى مناطق عربية في الغرب والجنوب. وفي المرحلة الثانية التي جرت في يونيو(حزيران) 1987 محيت من الخريطة 1000 قرية أخرى، وذلك عقابا لسكانها على ما اعتبرته الحكومة دعما منهم للثورة الكردية.

وقد استعان علي حسن المجيد بالغازات السامة لإبادة سكان القرى والبلدات الواقعة في المناطق الجبلية النائية التي استعصي على القوات الحكومية الوصول اليها.

وفي سبتمبر (أيلول) 1987 وسع علي كيمياوي نطاق الحملات وعمد الى الاعتقالات الجماعية للذكور بين سن 12 و50 عاما في عشرات القرى والبلدات الكردية وحجزهم تعسفيا، حيث جرى نقلهم الى اماكن مجهولة ولم يظهر أي أثر لهم الى ما بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع صدام حسين، حيث عثر على مقابر جماعية في الصحراء الغربية للعراق ووجدت فيها رفاة الآلاف منهم وقد دفنوا أحياء بملابسهم.

وبلغت الحملات ذروتها في عام 1988 الذي شهد قصف مدينة حلبجة. وقد بلغ عدد القرى والبلدات التي محيت في اطار تلك الحملات نحو 4500 قرية وبلدة على طول الشريط الحدودي مع ايران في الشمال الشرقي ومع تركيا في الشمال.

وانطوت حملات الانفال على العديد من الجرائم التي تحرمها القوانين الدولية باعتبارها جرائم ضد الانسانية، ومنها جرائم الإبادة الجماعية (جينوسايد) وجرائم التهجير القسري، وارغام الاكراد، وكذلك بعض التركمان والآشوريين والكلدان على تغيير قومياتهم الى القومية العربية.