هولندا: تقرير حكومي يدعو الاتحاد الأوروبي للنظر إلى الإسلام السياسي كحليف محتمل لدعم الديمقراطية

TT

اثار تقريرا قدمه المجلس العلمي للسياسات الحكومية في هولندا، حول التعامل مع الحركات الاسلامية السياسية جدلا واسعا في الاوساط الحزبية والبرلمانية والاعلامية.

وطالب اعضاء في البرلمان من مجموعات حزبية مختلفة بعقد ندوة عاجلة لمناقشة ما جاء في التقرير، وطالبوا بحضور رئيس الوزراء الهولندي بيتر بالكينيند للمناقشات، ومن بين هؤلاء الاعضاء هناك اعضاء من حزب الشعب من اجل الديمقراطية والحرية اليميني، الذي تنتمي اليه النائبة الصومالية الاصل هيرسي علي والتي شاركت في تنفيذ فيلم الخضوع الذي تناول وضع المرأة في الدول الاسلامية، واثار عرضه غضب الجاليات المسلمة وانتهى الامر بقتل مخرجه الهولندي على يد شاب من اصول اسلامية العام قبل الماضي. ومن بين المدعوين لحضور الندوة المقبلة، اعضاء من حزب قائمة «بيم فورتاين اليمينية» المتشددة ومجموعة خيرت ويلدرز البرلماني المتطرفة، المعروف بمواقفه من الاجانب والجاليات المسلمة، والذي سبق ان طالب باغلاق عدد من المساجد في هولندا وابعاد عدد من الائمة، والذين وصفهم بانهم دعاة الفكر المتطرف وايضا حزب قائمة بيم فورتاين المعروف بمواقفه من الاجانب». ويطالب التقرير الحكومي بضرورة قيام السلطات الهولندية بالعمل على تأسيس علاقات مع ذوي التوجهات الديمقراطية في الحركات الاسلامية السياسية. وتقول اذاعة هولندا الحرة التي قدمت عرضا للتقرير امس انه يشير الى ان مناخ الخوف والشكوك بين العالم الاسلامي والغرب في الاعوام الاخيرة اسهم في تشويه رؤية كل منهما للاخر وفي هذا المناخ يتم وضع الحركات الاسلامية السياسية في سلة واحدة مع الاصوليين المتشددين الذين يستخدمون العنف ويعادون الديمقراطية.

ويطالب التقرير بضرورة تعديل هذه الصورة، حيث يضم الاسلام السياسي في الواقع نطاقا اوسع من الرؤى والمواقف، ومن ثم فهناك بالتأكيد اصوليين مثل طالبان واتباع بن لادن الذين يعتمدون على التفسير الحرفي للقرآن ويرفضون الديمقراطية وحقوق الانسان ولكن الحركات الاسلامية السياسية تضم ايضا حركات تقدمية ومفكرين يشددون على روح النص القرآني اكثر من تفسيره الحرفي والذين يلتمسون غالبا التأسيس للديمقراطية وحقوق الانسان بناء على ارضية اسلامية.

كما يتناول التقرير الاشارة ايضا الى مسألة الشريعة الاسلامية، والتي يقول التقرير عنها ان العديد من الحركات الاسلامية السياسية تسعى الى تطبيقها ولكن هناك قراءات مختلفة للشريعة تتراوح من التفسير المتشدد الذي يتبنى العقوبات البدنية التي تتناقض مع الاعراق الدولية لحقوق الانسان والتفسيرات الحديثة التي تقترب من المعايير الحقوقية الدولية. ويقول التقرير ان هناك حقيقة مفادها ان العديد من الحركات الاسلامية النشطة مرت عبر السنين بمرحلة التحديث ومثال ذلك حركة الاخوان المسلمين في مصر في السبعينات من القرن الماضي كانت تنادي باسقاط الدولة العلمانية بوسائل راديكالية، ولكنها اليوم مثل اي حزب سياسي حقيقي مستعد للتفاوض مع الاخرين داخل حدود النظام الديمقراطي.

ويقول احد المشاركين في وضع التقرير الحكومي الهولندي وهو الدكتور ويندي اسبيك انه يجب تسليط الضوء على هذه الحقائق في هولندا. ويضيف «في الاعلام الهولندي نسمع الخبراء واصحاب الرأي يتحدثون عن ان الاصولية الاسلامية هي الجوهر النقي الوحيد للاسلام». وهكذا فان الدعوات المعارضة تظهر تنوع وديناميكية الاسلام السياسي. ويخلص التقرير الى ضرورة تعديل التوجهات في التعامل مع الاسلام وعلى هولندا والاتحاد الاوروبي، ان يتعلما النظر الى الحركات الاسلامية السياسية كحليف محتمل في محاولاتهم لدعم الديمقراطية وحقوق الانسان في العالم الاسلامي». ولا يستبعد التقرير ان يؤدي الدعم الغربي للحركات الاسلامية الى اضعاف التأييد الجماهيري الذي تحظى به تلك الحركات الاسلامية، وهو التأييد الذي جعل تلك الحركات اكثر جاذبية، ويدرك المشاركون في صياغة التقرير هذا الخطر ويقول الدكتور اسبيك ان هذه الاحتمالات محدودة بجانب الدعم المباشر، كما انه من الممكن ايضا ان تخلق ظروفا يزدهر فيها اسلام تقدمي ولكن في النهاية فان الديمقراطية لا بد ان تأتي من الداخل.