جنرالات أميركا يصعدون حملتهم ضد رامسفيلد لإجباره على الاستقالة

البيت الأبيض دافع عن وزير الدفاع وقال إنه يؤدي عمله على أكمل وجه

TT

تزايدت الانتقادات لدونالد رامسفيلد وزير الدفاع الاميركي، في الاوساط العسكرية الاميركية، بعد ان قام العديد من الضباط المتقاعدين بدعوته الى الاستقالة، وحملوه مسؤولية الاخطاء المرتكبة في العراق واتهموه بالتعجرف.

ويرى عدد من كبار الضباط في الجيش الاميركي، ان اتساع دائرة مطالبة رامسفيلد بالاستقالة من قِبل بعض الجنرالات المتقاعدين، يعتبر خطوة غير عادية من المحتمل ان تشكل تحديا لقيادة رامسفيلد. وأصبح تشارلس سواناك، الذي كان قائدا للفرقة 82 المحمولة جوا في العراق حتى عام 2004، خامس جنرال متقاعد يطالب علنا بإبعاد رامسفيلد من موقعه. وكان الجنرال المتقاعد جون ريغز قد انضم يوم الخميس الى مجموعة الجنرالات المتقاعدين المطالبين بتقديم رامسفيلد استقالته. وقال الجنرال سواناك، خلال لقاء هاتفي اجري معه حول هذه القضية، ان الولايات المتحدة «في حاجة الى مواصلة خوض حربها العالمية ضد الارهاب وابقائها بعيدة عن شواطئها»، وأضاف قائلا انه «لا يعتقد ان وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، هو الشخص المناسب لقيادة هذه الحرب في ظل اخفاقاته في إدارة الحرب ضد صدام حسين في العراق». وكان قائد عسكري سابق في العراق، هو الجنرال المتقاعد دون باتيست، الذي قاد فرقة المشاة الأولى، وجه انتقادات علنية يوم الاربعاء الى رامسفيلد. وفي مارس (آذار) الماضي، اعلن الجنرال المتقاعد بول ايتون، الذي كان مكلفا تدريب الجيش العراقي بين 2003 و2004 ان «على رامسفيلد ان ينسحب»، وذلك في مقالة نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز». واتهم ايتون وزير الدفاع بأنه «اظهر قلة كفاءة من الناحية الاستراتيجية والعملانية والتكتيكية»، معتبرا انه مسؤول، اكثر من اي شخص اخر، عن المصاعب التي تواجهها الولايات المتحدة في العراق. وبعده، قام اربعة ضباط متقاعدين آخرين خدموا في العراق او شغلوا مناصب مهمة ضمن التراتبية العسكرية، بمطالبة وزير الدفاع بالاستقالة ايضا.

واعتبر الجنرال انطوني زيني، الذي يحظى باحترام واسع في الجيش الاميركي، انه تم ارتكاب «سلسلة من الاخطاء الكارثية» في العراق. اما الجنرال غريغ نيوبولد الذي كان مدير العمليات ضمن هيئة اركان الجيوش الاميركية، فدعا العسكريين الذين لا يزالون يخدمون في الجيش الى التعبير علنا عن اعتراضهم.

كذلك هاجم جنرال متقاعد اخر، هو برنارد تراينور وزير الدفاع في كتاب ألفه مع المراسل العسكري لصحيفة «نيويورك تايمز» مايكل غوردون. واتهم الكتاب الصادر بعنوان «كوبرا 2: القصة الحقيقية لغزو واحتلال العراق»، رامسفيلد والجنرال تومي فرانكس، الذي قاد عملية الاجتياح، بوضع سيناريوهات متفائلة تبين انها خطأ تماما.

ووسط تصاعد لهجة الانتقادات، قام رئيس هيئة اركان الجيوش الاميركية الجنرال بيتر بيس، يوم الثلاثاء بالدفاع عن رامسفيلد، مؤكدا انه لا يتم اسكات العسكريين الذين يعبرون عن اراء مختلفة.

وقال بيس، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الدفاع، «ان الرجل الواقف الى يساري خدم هذا البلد بطريقة استثنائية». كذلك دافع الضابط المتقاعد مايكل ديلونغ عن رامسفيلد واصفا اياه بانه «رئيس مجلس ادارة شركة خاصة تعمل بطريقة فعالة». واكد البيت الابيض، اول من امس، ان رامسفيلد يحظى بثقة بوش الكاملة، قائلا ان «الرئيس يرى ان الوزير رامسفيلد يقوم بعمل جيد جدا في فترة صعبة من تاريخ بلادنا». وقال سكوت ماكليلان، المتحدث باسم البيت الابيض، للصحافيين ان الرئيس جورج بوش يعتقد ان رامسفيلد يؤدي عمله على اكمل وجه، خلال مرحلة تشكل تحديا في تاريخ الشعب الاميركي. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع (البنتاغون)، ايريك روف، ان رامسفيلد لا ينوي الاستقالة.

جدير بالذكر ان رامسفيلد ظل طوال السنوات السابقة محل انتقادات وهجوم سياسي، إلا ان اهمية الانتقادات الأخيرة تكمن في انها صادرة عن جنرالات شاركوا في غزو واحتلال العراق تحت قيادة رامسفيلد بوصفة وزيرا للدفاع.

وتضمنت الانتقادات التي وجهت الى رامسفيلد، مؤشرات الى ان الشعور بالقلق ازاء قيادته لوزارة الدفاع أزاح جانبا تكتم الجنرالات المتقاعدين والضباط السابقين، الذين شاركوا في حرب العراق لينتقدوا مشروعا شاركوا فيه. وقال ضباط حاليون وسابقون في الجيش الاميركي الا علم لديهم بأي حملة منظمة لإبعاد رامسفيلد من موقعه، لكنهم تحدثوا عن سيل من المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الالكتروني، في الوقت الذي كان ينظر فيه الجنرالات المتقاعدون في سلبيات وايجابيات انضمامهم الى حملة الانتقادات الموجهة الى رامسفيلد. وحتى في ظل الحديث والتصريحات العلنية لزملائهم المتقاعدين حول أداء وزير الدفاع، دونالد رامسفيلد، كان لا بد من التأكيد لهم على ضمان عدم الكشف عن هويتهم قبل دخولهم في مناقشات او التعبير عن وجهات نظرهم الشخصية حول السبب وراء ازدياد الانتقادات. وربط واحد من الجنرالات المتقاعدين بين الانتقادات الموجهة الى رامسفيلد وانتهاء ولاية الرئيس بوش الثانية، في اقل من ثلاث سنوات، وقال معلقا ان المد بدأ يختلف وإن البعض بات يرى نهاية الإدارة الحالية. لم ينضم لحملة المطالبة بإقالة رامسفيلد، أي من الضباط والعسكريين الذين يعملون في الجيش الاميركي على اساس نظام التفرغ الكامل. وأعرب بعض الضباط العاملين حاليا عن عدم ارتياحهم ازاء هذه الحملة ضد رامسفيلد بقيادة الجنرال آنتوني زيني، الذي كان قائدا للقيادة الاميركية الوسطى، خلال فترة نهاية التسعينات قبل تقاعده من مشاة البحرية. وأعرب ضباط آخرون عن مخاوف من ان يؤدي هذا الجدل الى تسييس الجيش ونسف المبادئ الاخلاقية للمهنة. من جانبه قال الجنرال جون فاينز، قائد القوات المحمولة جوا، انه يقف الى جانب وزير الدفاع. وجاء تعليق فاينز عندما سئل يوم اول من امس عن موقفه ازاء الأصوات المطالبة بتقديم رامسفيلد استقالته، وأضاف قائلا، انه اذا اختلف علنا مع قيادته المدنية، فإنه سيتقدم باستقالته. ويعود تاريخ التوتر بين رامسفيلد والضباط الى توليه وزارة الدفاع مطلع عام 2001. وكانت مقترحات رامسفيلد ومناشداته بتشكيل قوات اقل حجما وأكثر سرعة قد قوبلت بشعور يغلب عليه عدم الثقة من جانب الكثير من كبار الضباط.

*خدمة «نيويورك تايمز»