خريجون جامعيون في العراق أصبحوا عالة على ذويهم

رووا لـ«الشرق الأوسط» معاناتهم للحصول على وظائف في الدولة العراقية الجديدة

TT

ثلاث صفات أو أكثر تجمعهم؛ فقد كانوا لاعبي كرة قدم في نادي الجيش، وهم من مواليد بغداد 1975، ويحملون شهادة الدبلوم العالي في اختصاصات مختلفة، إضافة الى انهم متزوجون حديثا وهم أيضا لا يملكون دورا سكنية في البلد الذي ولد فيه أجدادهم .إلا أن هذه الصفات والامتيازات التي يتمتعون بها لم تشفع لهم في الحصول على وظيفة في مؤسسات الدولة العراقية الجديدة بعد رفضهم الانخراط للعمل في مؤسسات الدولة أيام نظام صدام حسين وحكومة حزب البعث.

كل هذه الأمور لم تمنع حيدر ابراهيم وثائر صباح ورسول حسين من البحث عن فرصة عمل في القطاع الخاص، تساعدهم على إعالة عوائلهم المتكونة من (8) أفراد لكل منهم. قال حسين، 30 عاما، وهو خريج معهد الادارة والاقتصاد في بغداد لـ«الشرق الاوسط» إنه «بعد المعاناة التي تحملناها أيام النظام البائد، وما رافقها من مضايقات لنا ولعوائلنا، إلا اني غير سعيد اطلاقا لما جرى للعراق من احتلال وسيطرة جماعات وأحزاب لم نكن نعرفها أو حتى قد سمعنا بها. في السابق كانت مجموعة معينة هي التي تسيطر على البلاد وتسرق خيراته، أما الآن فهناك عدد كبير من هذه الجماعات والأحزاب التي تقاسمت الكعكة العراقية فيما بينها من دون اي تفكير من هذه الاحزاب التي تدعي أنها جاءت من أجل خدمة الشعب العراقي، فهذا أنا أحمل شهادة عليا منذ ست سنوات، ولم أتمكن من إيجاد تعيين في دوائر الحكومة العراقية لغاية الآن مع العلم ان هذه الدوائر ممتلئة بالموظفين وفي مناصب عليا، وهم لا يمتلكون أية شهادة، حتى الابتدائية لم يحصلوا عليها».

وأضاف حسين الذي كان يتحدث ونظرته التشائمية تجاه ما سيؤول اليه العراق غالبة عليه «في السابق كان يطلق علينا نحن الخريجين مقولة شهيرة وهي (خريج مريج بالبريج)، وتعني الشخص الذي يحمل شهادة عليا يساوي الشخص الذي لم يتعلم أصلا، أما في هذا الوقت وبعد التغييرات الكثيرة التي حصلت في البلاد، فأصبح الأمر أسوأ من ذلك، فـ(المريج) أصبح أفضل بكثير من الخريج الذي اصبح عالة على أهله والمجتمع والدولة، فهو عاطل دون عمل والحكومة عاجزة عن توفير فرص عمل لأصحاب الشهادات، والفساد مستشر في مفاصل الدولة ومرافقها، والبلد متجه نحو الأسوأ وفقا للافرازات والنتائج التي تخللتها الثلاث سنوات السابقة».

من جهته، وصف ثائر صباح الحالة التي يمر بها بلده بـ«الكئيبة» نتيجة الظروف والأوضاع التي مرت عليه في السنوات الثلاث الماضية قائلا «إن أوضاعنا نحن الخريجين خصوصا والشعب عموما تتحسن عندما تتحسن أوضاع العراق، وعندما تدير مؤسساته شخصيات مستقلة وكفوءة وغير منحازة لهذا الحزب أو ذاك أو هذه الجهة أو تلك، فالحكومات الثلاث السابقة كشفت لنا كيف أن الوزير يتبع حزبه وقوميته ومذهبه دون حكومته او رئيس وزراءه، وهذا الامر ينطبق ايضا على الموظفين الصغار في الوزارات كافة».

وأوضح صباح الحاصل على شهادة الدبلوم العالي في الكيمياء الحياتية، أنه تقدم بطلب تعيين له ولزوجته التي تحمل شهادة البكالوريوس في الفيزياء من جامعة بغداد، إلا ان طلبه لم تتم الموافقة عليه من قبل وزارة التربية العراقية او اية وزارة اخرى. وأشار صباح الى ان قبول الموظفين في الدوائر الحكومية يتم على أساس المحسوبية وليس على أساس الكفاءة أو الشهادة العلمية.

أما حيدر ابراهيم الذي يحمل شهادة الدبلوم في العلوم المصرفية، وهي الشهادة ذاتها التي يحملها زميله رسول حسين فقال «ياليت الايام تعود الى ما قبل الست سنوات الماضية، فلقد كنت طالبا في معهد الادارة والاقتصاد، وأنا كلي أمل أن أحصل على الشهادة العليا، ومن ثم أحصل على وظيفة محترمة تساعدني على إعالة عائلتي والاستقرار في بلد لا املك فيه مترا واحدا ولا حتى والدي المتوفي الذي خدم الدولة لأكثر من ثلاثين عاما، ونحن الآن نتسلم راتبه التقاعدي الذي لا يكفينا لمدة اسبوع واحد، اما اليوم والفوضى تعم البلاد، فانه من الصعب إيجاد وظيفة لأصحاب الشهادات من أمثالنا، فذلك يتطلب علاقات وواسطات في الوزارة من أجل قبولنا، إضافة الى الرشوة التي يطالب بها الموظفون المسؤولون على التعيينات مباشرة دون خجل أو خوف من أي شيء على، حد تعبير أحدهم».