تحسن مفاجئ في علاقات الخرطوم وواشنطن.. والتطبيع الحقيقي سيبدأ في هولندا

وزير سوداني في العاصمة الأميركية إحدى ثمرات اتفاقية دارفور

TT

يوجد حالياً في واشنطن مسؤول سوداني في زيارة غير معلنة، ويعد علي كرتي وزير الدولة في وزارة الخارجية أول وزير في حكومة الرئيس عمر حسن البشير، يزور العاصمة الأميركية بعد التوقيع على اتفاقية سلام بين الخرطوم وحركة التمرد الرئيسية في أقليم دارفور المضطر، وهي حركة تحرير السودان، في حين رفضت حركتان التوقيع على هذه الاتفاقية، لكن ذكر ان ليس لهما ثقل ميداني.

ويلتقي كرتي مع مسؤولين في الادارة الاميركية، بيد أن مصدراً في وزارة الخارجية قال لـ«الشرق الأوسط»، إن برنامج كوندوليزا رايس لا يتضمن لقاءً مع كرتي، وهو ما يعني أن الوزير السوداني سيلتقي مسؤولين أقل درجة، ولم يتسن الحصول على أية معلومات من السفارة السودانية في واشنطن حول هذه الزيارة.

وتتزامن زيارة الوزير السوداني لواشنطن مع «تحسن مفاجئ» في العلاقات بين البلدين، اثر توقيع اتفاقية السلام في دارفور، حيث استجابت الحكومة السودانية لضغوط الادارة الاميركية بشأن الاقليم، الذي يقع قرب البلاد، وأعلن الرئيس الاميركي جورج بوش عن تقديم معونات للسودان بقيمة مائتين وعشرين مليون دولار، منها 150 مليون ستخصص لإعادة توطين اللاجئين، الذين فروا من الأقليم الى تشاد المجاورة، وكذا تقديم مساعدات غذائية للاجئين في الاقليم نفسه.

وتوقعت مصادر مطلعة أن تصل مجموعة من خبراء الناتو الى الإقليم تمهيداً لنشر قوات من «القبعات الزرق» لضمان حفظ الأمن في الاقليم وتجريد جميع الأطراف من سلاحها في حالة إقرار مجلس الأمن لمشروع قرار أميركي، وقدمت رايس أول امس، تفاصيل المشروع الذي ينص على نشر قوات أممية بمساعدة من حلف الناتو لضمان تطبيق اتفاقية السلام في دارفور، ويتوقع أن لا يواجه مشروع القرار أية معارضة، خاصة أن الخرطوم كانت قد اعلنت في وقت سابق أنها تقبل قوات أممية في حالة توقيع اتفاقية سلام مع حركات التمرد في دارفور.

يذكر أن الحكومة السودانية التزمت بتجريد مليشيات «الجنجويد» طبقاً لاتفاقية السلام من أسلحتها، لكن شكوكاً تحيط بامكانية التطبيق الفعلي لهذا الموضوع، إذ ستخشى هذه المليشيات تجريدها من السلاح في الوقت الذي ستحتفظ الحركات المسلحة بسلاحها لفترة قبل ان تسلمها بدورها كما تنص الاتفاقية، لذلك يعتقد هنا في واشنطن أن وصول القوات الأممية سيكون هو الحل للجانبين، إذ انها ستنزع سلاحهما معاً، لأن مشروع القرار ينص صراحة «على تولي القوات الأممية حماية المدنيين».

ودافعت رايس اول من أمس في نيويورك بشدة عن مشروع القرار، وشددت على ان الاتحاد الافريقي، الذي نشر قوات لحفظ سلام هش في دارفور، طلب في العاشر من مارس (آذار) الماضي، نشر قوات أممية لحماية سكان المنطقة. وقالت رايس، إنها تتوقع ان تصبح الحكومة السودانية جزءا من هذه الجهود، مشيرة الى ان دور حلف «الناتو» سيكون المساعدة. وعلى الرغم من الدعوات الملحة في واشنطن لإدارة الرئيس بوش بالتدخل في دارفور، فإن المؤكد حتى الآن أن الاميركيين يفضلون العمل تحت مظلة حلف الناتو.

وعلى صعيد العلاقات الاميركية السودانية، فإن «الاتصالات» التي تجري حالياً خلف أبواب موصدة، ستصبح علنية مع قرب تطبيع كامل للعلاقات بين البلدين، ويتوقع أن يحدث ذلك خلال مؤتمر سيعقد في هولندا قريباً، لبحث مسألة «تطوير وإعادة بناء إقليم دارفور».