جماعات مسلحة متشددة تلاحق لابسي السراويل القصيرة لقتلهم

شكل جديد للموت في بغداد

TT

اعتاد نصير، وهو من سكان حي القادسية الراقي ببغداد، ان يتجول داخل منطقته في موسم الصيف بسرواله القصير، لكنه فجأة غير سلوكه، الذي كان يقول عنه انه ضمن حدود حريته الشخصية، ليبدل ثيابه القصيرة بأخرى طويلة، عندما تلقى تهديدا واضحا عبر منشورات وزعت في منطقته، تقول ان من يلبس السراويل القصيرة سيقتل ومن يطيل شعره سيقتل.

يقول نصير، البالغ من العمر 23 عاما، الذي يعمل في احدى الشركات الاهلية، ان اثنين من ابناء منطقته قتلا لهذا السبب فقد كانا يتجولان في المنطقة بسراويل قصيرة، وجاءت سيارة تحمل المسلحين واطلقت النار عليهما، ثم قطعت ارجلهما، مشيرا الى ان الحلاق في المنطقة قد تلقى تهديدا واضحا ايضا، عندما حضر اليه مسلحون وابلغوه بقرارهم في حالة عدم امتثاله لاوامرهم، التي تقضي بعدم حلاقة الشعر على الطريقة الغربية وعدم تنظيف الوجه بالخيط.

وفي منطقة المنصور اختطفت فتاة تبلغ من العمر 22 عاما، وهي ابنة لاحد الذين تولوا وزارة المواصلات في فترة من فترات حكم صدام حسين. وتقول عائلة المخطوفة ان الخاطفين اجبروها على صعود السيارة بعد ان ركلوها على قدميها لانها كانت تلبس البنطال ولا ترتدي الحجاب.

وقال احد شهود العيان، ان عددا من السيارات التي تحمل المسلحين تدور في مناطق بغداد، خصوصا الراقية منها لتوزع المنشورات التي تهدد من يخالف اوامر تلك الجماعة التي تقول انها تلتزم بالدين الاسلامي وتحذر من مغبة المخالفة ونتيجتها القتل.

مصدر في وزارة الداخلية العراقية، رفض الكشف عن اسمه، لم ينف توزيع تلك المنشورات داخل بغداد، ولكنه نفى ان تكون مراكز الشرطة قد تلقت معلومات عن اي نوع من انواع هذا القتل، مشيرا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» الى ان «الارهابيين قد يتخذون اية طريقة لتنفيذ جرائمهم بغض النظر عن السروال القصير او الطويل»، مؤكدا سعي وزارته للسيطرة على كل انواع القتل التي تبدو مختلفة الاهداف، لكنها في جوهرها واحدة، وهي ارعاب الشعب ليتخذ قراره، إما بالركون الى البيت او الرحيل بعيدا عن العراق.

لكن الدكتور ناظم، وهو اختصاصي في الامراض النفسية وحاصل على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع، قال لـ«الشرق الاوسط»، ان مثل هذا النوع من القتل هو نتيجة حتمية للانفلات الأمني الذي يفرز عناصر متطرفة في كل الجوانب، وستنحسر هذه الظاهرة بالسيطرة على ذلك الملف الذي اقلق كل مكونات الشعب العراقي، وان التطرف الذي تحمله تلك الجماعات لم يكن موجودا بهذا الشكل في العراق ابدا، لكن انفتاح الحدود ادخل العديد من الظواهر الغريبة عن المجتمع، التي ستتحول مع الايام الى ظاهرة بارزة، ان لم يتم السيطرة عليها.

وعلى ما يبدو فإن متابعة ملابس الشبان والشابات لم تقتصر على الشارع والازقة فقط، بل انها امتدت الى الجامعات العراقية فهناك العديد من الطالبات يدخلن الى الحرم الجامعي بالعباءة، وعندما سألناهن عن الاسباب التي ادت بهن الى التحجب بهذا الشكل، قالت العديدات انهن تلقين تهديدات واضحة من بعض الجماعات، بينما هناك العديد من الطالبات فضلن الجلوس في البيت خوفا من تهديد الجماعات المتطرفة، التي تبحث عن الملابس التي تعتبرها غير محتشمة.