رايس تعلن استعداد واشنطن للحوار مع طهران.. بعد تخليها عن تخصيب اليورانيوم

اجتماع حاسم لوزراء خارجية الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن

TT

في تطور جديد في العلاقات الايرانية ـ الأميركية، وفي خطوة جديدة لتشجيع ايران على التخلي عن تخصيب اليورانيوم، أعلنت واشنطن أمس عن استعدادها للتفاوض مع طهران مباشرة حول برنامجها النووي المثير للجدل شريطة ان تتخلى طهران عن التخصيب. وعلى الرغم من تمسك النظام الإيراني بالنشاط النووي، أكدت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أمس، ان مشاركة بلادها في محادثات مباشرة مع ايران تعتمد على تعليق كل الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليوارنيوم قبل بدء المحادثات، محذرة طهران من «الثمن الباهظ» لتحدي المجتمع الدولي. الا ان نائب رئيس المنظمة الايرانية للطاقة الذرية محمد سعيدي، أعلن صباح أمس أن الأوروبيين يجب أن يقبلوا بـ«واقع» البرنامج النووي الايراني، وأن «لا رجوع عنه». وقالت رايس في مؤتمر صحافي في واشنطن: «تأكيداً لالتزامنا التوصل الى حل دبلوماسي، وتعزيزاً لفرص النجاح، ستشارك الولايات المتحدة في المحادثات مع دول الترويكا الاوروبية (بريطانيا، فرنسا، المانيا) للقاء ممثلين ايران، ما ان تعلق ايران بشكل تام ويمكن التحقق منه أنشطة التخصيب (اليورانيوم) واعادة المعالجة». وجاء عرض رايس لاجراء اول محادثات مع ايران منذ انقطاع العلاقات بين بلادها والجمهورية الاسلامية قبل 26 عاماً قبل التوجه الى فيينا للمشاركة في اجتماع حاسم لوزراء خارجية الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والمانيا، لمناقشة ملف ايران النووي. ومن المقرر أن يجتمع الوزراء اليوم لوضع اللمسات الأخيرة على العرض الأوروبي الذي يتضمن اجراءات تحفيزية تجارية وتكنولوجية وأمنية لإيران، وعقوبات اقتصادية لحملها على وقف برنامجها النووي المثير للجدل.

ووعدت رايس إيران بمزيد من التعاون الاقتصادي، اذا تخلت عن خططها التي تهدف للحصول على أسلحة نووية، مضيفة «من حق طهران أن تكون لها قدرة نووية مدنية».

وعلى الرغم من استعداد الولايات المتحدة للاجتماع مع طهران، شددت رايس على ان استئناف العلاقات مع ايران ليس مطروحاً في الوقت الراهن. ورأت رايس ان امام طهران خيارين، بين التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو رفضها الاستجابة لمطالب مجلس الأمن، قائلة: «الاختيار السلبي هو أن يبقى النظام (الايراني) على نهجه الحالي في السعي لامتلاك أسلحة نووية في تحد للمجتمع الدولي والالتزامات الدولية، اذا فعل النظام ذلك فسيتكبد ثمنا باهظاً». ورداً على سؤال عما اذا كان هناك خيار عسكري ضد ايران لحل الازمة الخاصة بالبرنامج النووي الايراني، قالت رائيس: «الرئيس (الاميركي) لن يبعد أية خيارات عن الطاولة بشكل مؤقت أو غير مؤقت».

وأكد مسؤولون اميركيون لوكالة «اسوشييتد برس»، ان وزارة الخارجية الاميركية استدعت السفير السويسري لدى واشنطن لتسلمه نسخة من تصريحات رايس ليوصلها الى ايران. وبعد انقطاع العلاقات بين طهران وواشنطن عام 1979، تشرف السفارة السويسرية في طهران على المصالح الاميركية. ورحب الاتحاد الأوروبي بتصريحات رايس وأعلن المنسق العام للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا، ان «مشاركة اميركية مباشرة (في المحادثات مع ايران)، ستكون اشد علامة على عزمنا المشترك للتوصل الى اتفاق مع ايران». من جهتها، دعت وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت، ايران الى «الرد ايجابياً على هذه الفرصة». وفي بيان تسلمت «الشرق الاوسط» نسخة منه، قالت بيكيت إن: «العرض الأميركي سيعطي ثقلاً اضافياً لمناقشات فيينا»، معلقة: «أرحب بحرارة باقتراح الولايات المتحدة، مشاركة بريطانيا وفرنسا والمانيا بأية محادثات جديدة». وجاءت تصريحات رايس، بعدما افاد دبلوماسيون في فيينا ظهر أمس، ان الولايات المتحدة ابدت للمرة الاولى استعدادها للتفاوض مع ايران، اذا وافقت موسكو وبكين على مبدأ فرض عقوبات محتملة على طهران في حال رفضت وقف نشاطاتها النووية الحساسة. وقال دبلوماسي غربي لوكالة الصحافة الفرنسية ان الولايات المتحدة «توافق على الجلوس الى طاولة (المفاوضات) مع الايرانيين، في اطار الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن والمانيا ومناقشة مجمل الاقتراحات» التحفيزية والرادعة التي يعدها الأوروبيون لطرحها على ايران.

ولكنه اضاف أن الولايات المتحدة اشترطت من أجل ذلك، ان توافق روسيا والصين اليوم على النقاط الأساسية في (رزمة) الاجراءات، وبعضها ينص على فرض عقوبات في المستقبل إذا رفضت طهران العرض وواصلت عمليات تخصيب اليورانيوم.

وعلى الرغم من اعلان ايران أن عمليات تخصيب اليورانيوم هي خاصة لانتاج وقود للمحطات النووية المدنية، الا ان الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تخشى من ان يكون البرنامج النووي غطاءً لبرنامج عسكري. ورفضت روسيا والصين الشريكتان التجاريتان لإيران حتى الآن، ادراج مبدأ العقوبات في قرار يصدر عن الأمم المتحدة حول البرنامج النووي.

وأفاد مسؤول غربي بأن الخلاف الرئيسي مع موسكو وبكين يتمحور حول المهلة التي سيتم تحديدها لايران من اجل تلبية مطالب الأسرة الدولية وحول آلية العقوبات المحتملة. وأفاد مسؤولون اميركيون وأوروبيون لصحيفة «نيو يورك تايمز»، بأن ادارة الرئيس الأميركي جورج بوش، وافقت على استبعاد صيغة التهديد باستخدام القوة العسكرية ضد ايران، وذلك في إطار سعيها لكسب تأيد روسيا لقرار من مجلس الأمن حول موقف ايران من برنامجها النووي.

ويرى دبلوماسيون اوروبيون أن الموافقة الأميركية ساعدت على تحسين فرص موافقة روسيا على القرار المحتمل اتخاذه بشأن ايران.

ووافقت الولايات المتحدة، ضمن مساعيها لاسترضاء روسيا، على تطبيق المادة 41 من الفصل السابع، بدلاً عن مواد الفصل بكامله. ولا تشير المادة 41 الى الاستخدام المحتمل للقوة، وتكون الولايات المتحدة قد قدمت لروسيا بذلك ما يشجعها على تأييد القرار المتحمل ضد ايران. وبحسب الصحيفة الاميركية، ينص القرار على مناشدة طهران بتعليق عدة نشاطات نووية.

وفي اتصالات هاتفية أول من أمس، طلب الرئيس الاميركي من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي جاك شيراك والمستشارة الألمانية آنجيلا ميركيل بالضغط من اجل التوصل على اتفاق حول قرار من مجلس الأمن، يطالب ايران بوقف تخصيب اليورانيوم أو مواجهة عمل تأديبي في حال رفضها.

وأجرت دول الترويكا الأوروبية بدعم أميركي متزايد مفاوضات مع ايران استمرت حتى اغسطس (آب) الماضي حين اعلنت ايران وقف تعليق نشاطات تخصيب اليورانيوم. غير ان واشنطن رفضت حتى الآن اجراء محادثات مباشرة مع ايران التي صنفتها الادارة الأميركية في «حور الشر»، من اجل اعطاء وزن اكبر للمفاوضات، الامر الذي يدعو اليه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي.

من جهته، أعلن نائب رئيس المنظمة الايرانية للطاقة الذرية محمد سعيدي أمس، ان «الدول الاوروبية في محادثاتها حول البرنامج النووي الايراني، يجب ان تقبل بواقع النشاطات النووية الايرانية، وبأن لا رجوع عنها». وأضاف: «في حال لا يأخذ الاوروبيون بالاعتبار، التقدم النووي الذي احرزته ايران، سيواجهون مشاكل في المستقبل». واضاف «ن الممكن الوصول الى تسوية اذا قاموا باقتراحات منطقية وعقلانية».