البيت الأبيض يعد بنشر نتائج التحقيقات في مقتل 24 مدنيا برصاص «المارينز» في حديثة

البنتاغون يجري تحقيقين أحدهما في الحادث والثاني في اتهامات بـ«التغطية» عليه

TT

تواجه الإدارة الأميركية فضيحة يعتبرها المراقبون أخطر من فضيحة انتهاكات سجن أبو غريب، تتعلق بمقتل 24 مدنيا على الاقل بأيدي القوات الاميركية في حديثة، بمحافظة الانبار غرب العراق في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وفيما تجري وزارة الدفاع الاميركية تحقيقين، احدهما في حادث القتل والثاني في مزاعم عن محاولة للتغطية على ما جرى، وعد البيت الابيض بنشر نتائج التحقيقين.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض توني سنو مساء اول من امس، إن قوات المارينز قامت «بدور ناشط وجريء في التحقيق في الادعاءات التي تناولتها»، حسبما افادت وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف «ان كل التفاصيل ستكون متوفرة للجمهور». وجاء تصريح البيت الأبيض، بعد ان اتهم النائب الديمقراطي عن بنسلفانيا جون مورتا مجددا، القوات الاميركية بتغطية مقتل 24 مدنيا على الاقل في البلدة (280 كلم غرب بغداد) اثر مقتل احد جنود مشاة البحرية الاميركية «المارينز» في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وجاءت اتهامات مورتا بعدما ذكرت مجلة «تايم» نقلا عن مجموعة عراقية للدفاع عن حقوق الانسان، وسكان في حديثة في 27 مارس (آذار) الماضي، ان جنودا من مشاة البحرية القوا قنابل يدوية على منزل في هذه البلدة مما أدى الى مقتل 14 عراقيا بينهم نساء واطفال. وجدد مورتا اول من امس اتهاماته للسلطات العسكرية الاميركية، موضحا انها دفعت تعويضات لأسر الضحايا. واعتبر أن ذلك يدل على انها اعترفت بمسؤوليتها عن قتل المدنيين. وأكد سنو أن الرئيس جورج بوش مهتم بهذه المعلومات، لكنه أوضح أن الرئيس الأميركي لم يطلع على القضية سوى من مستشاره للأمن القومي ستيفن هادلي، وبعد ان نشرت مجلة «تايم» مقالا عن القضية في مارس الماضي. وأضاف «اعتقد ان اي شخص سمع بهذه القضية، اهتم بها بدرجة ما، ومن المستحيل الا يكون الامر كذلك». وتابع «لكن الرئيس يسمح لسلسلة القيادة ايضا بأن تفعل ما عليها ان تفعله في وزارة الدفاع، وهو استكمال التحقيق»، مؤكدا ان «المارينز يقومون بدور نشيط وجرىء في هذا الامر».

وتتعلق هذه القضية بمقتل 24 مدنيا عراقيا في بلدة حديثة في 19 نوفمبر، بعد مقتل جندي اميركي في انفجار عبوة ناسفة على حافة الطريق. وقتل خمسة عراقيين في سيارة اجرة و19 شخصا آخر هم نساء واطفال رجال داخل وحول اربعة منازل، عندما اقتحم جنود اميركيون البلدة، حسبما ذكرت وسائل الاعلام. ويقوم العسكريون الاميركيون بتحقيق جنائي في قتل جنود من المارينز مدنيين عراقيين في حديثة، وبتحقيق آخر حول محاولة التغطية على هذا الحادث.

وتبين امس ان محققا عسكريا كان قد كشف في فبراير(شباط) ومارس الماضيين، أدلة تتناقض مع مزاعم المارينز القائلة إن المدنيين العراقيين الذين قتلوا في حديثة في نوفمبر الماضي كانوا ضحايا انفجار قنبلة موضوعة على جانب الطريق، حسبما قال مسؤول عسكري رفيع في العراق.

ومن بين الأدلة التي تم جمعها والتي تتعارض مع القصة التي قدمها المارينز، شهادات الوفاة التي تظهر أن كل الضحايا العراقيين قتلوا بسبب إصابتهم بطلقات وجهت في أغلب الأحوال إلى رؤوسهم وصدورهم، كما قال نفس المسؤول. وهذا التحقيق الذي ترأسه الكولونيل غريغوري وات، استغرق ثلاثة أسابيع، وأثار أيضا أسئلة حول ما إذا كان رجال المارينز قد اتبعوا قواعد مسبقة تتعلق بالكيفية التي يمكن تشخيص التهديدات المعادية، حينما هاجموا البيوت القريبة من موقع انفجار القنبلة التي قتلت جنديا من المارينز. ولم يكشف من قبل عن نتائج التحقيق التي قام بها الكولونيل وات العامل في العراق، والتي بدأت يوم 14 فبراير الماضي. وقال المسؤول الرفيع معلقا حول استنتاجات تحقيق الكولونيل وات «هناك قدر كاف من التناقضات التي تجعل المعلومات السابقة غير مقنعة». وتضمن تحقيق وات، استجوابات لأفراد من المارينز يعتقد أنهم كانوا طرفا في أعمال القتل، إضافة إلى عدد من الضباط الكبار في الوحدة التابعة للكتيبة الثالثة ضمن فوج المارينز الأول. ومن بينهم هناك الرقيب فرانك ووتريتش الذي كان واحدا من المشتركين في الدورية والكولونيل جيفري تشيساني آمر الكتيبة، حسبما قال المسؤول الرفيع. وتم إقصاء الكولونيل تشيساني من منصبه منذ أبريل (نيسان) الماضي، بعد مغادرة الوحدة للعراق وعودتها إلى الولايات المتحدة.

وحسب شهاداتهم للكولونيل وات، قال رجال المارينز إنهم شاهدوا نيران رصاص تأتي من البيوت الخمسة الأولى التي دخلوها بالقرب من موقع القنبلة، حسبما قال مسؤول عسكري رفيع. وقال المسؤول إن جنود المارينز تذكروا انهم سمعوا «أصوات أسلحة تهيأ كي تستعمل ضدهم».

* خدمة «نيويورك تايمز»