المالكي يعلن حالة الطوارئ في البصرة ويتوعد بضرب المتلاعبين بأمنها «بيد من حديد»

رئيس الوزراء : بال الحكومة لن يستقر إنْ لم تستقر المدينة وتتجاوز الأزمة

TT

أعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي امس حال الطوارئ في مدينة البصرة لمدة شهر. ونقل التلفزيون العراقي الرسمي «العراقية» عن المالكي قوله «لقد أعلنا عن استنفار أمني واسع لمدة شهر ونأمل من الحوارات مع مختلف مكونات الشعب بالبصرة من انجاح خطة من اجل تطويق الازمة في المحافظة».

وتابع المالكي في مؤتمر صحافي مشترك مع نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي انه «بالاضافة الى خطة الطوارئ هناك معالجات لموضوع الحواجز والمتسللين وحتى حالات عدم الانضباط الموجودة داخل اجهزة الشرطة والاجهزة الامنية (...)، وتصل الى إلغاء بعض المديريات المتعلقة بالامن». وقال ان «هناك مجموعة من الاصلاحات لا بد ان تمشي بعضها الى جانب البعض الاخر، واذا ما وفقنا مع العاملين في المحافظة ورجال الدين والمسؤولين والعشائر في ايجاد هكذا تعاون سوف نجد ان الاوضاع قد تطورت كثيرا».

من جانبه، قال الهاشمي ان «الميليشيات ليست المسؤولة الوحيدة عن عدم استقرار الأمن في المدينة، وانما تسلح العشائر بأسلحة تفوق حالة الدفاع عن النفس (...) فهناك اسلحة متوسطة، هاون، وهي سبب رئيسي من اسباب شيوع الفوضى في المدينة». واشار الى ان «هناك لجنة امنية سوف تعمل على نزع فتيل الازمة في البصرة ابتداء من نزع السلاح من مختلف شرائح المجتمع خاصة الميلشيات والعشائر وسوف تقوم نقاط السيطرة لتفتيش السيارات وضبط الاسلحة غير المرخصة». وتابع «استمعنا الى مختلف الفرقاء السياسيين والكل يتأذى من هذا المشهد القائم في البصرة»، مؤكدا ان «الحل الأول والاخير هو بيد اهل البصرة وان السلطة المركزية لن تترد في مد يد العون وانقاذ اهل البصرة حتى تنجلي هذه الغمامة عنهم ويعاد الامر الى نصابه وتكون هذه المدينة رئة العراق للعالم».

وكان المالكي قد توعد في مدينة البصرة امس العصابات والمتلاعبين بأمن البصرة بضربهم «بيد من حديد». وقال المالكي في كلمة امام جمع من ممثلي اهالي البصرة «سنضرب بيد من حديد رؤوس العصابات والمتلاعبين بالأمن في المدينة». واضاف المالكي ان «مسؤوليتنا ان نقف بوجه كل من يريد ان يتجاوز حقوق الانسان فهذا عصر حقوق الانسان في العراق». واكد المالكي ان «العراق لا يمكن ان يستقر الا اذا احترم القانون وسيادة القانون»، واستنكر الصراعات بين ابناء البصرة وسأل «لماذا نسمع عن صراعات طائفية بين ابناء البصرة، متى كنا سنة وشيعة، ألم نكن جميعا مسلمين وعراقيين وأبناء المحنة التي مرت بنا في زمن الديكتاتورية؟».

وقال المالكي بغضب «الأمن اولا وثانيا وثالثا، ومن يصنع الأمن هم اجهزة الدولة وهم من يتحملون المسؤولية (...) عندما يتصدى مسؤول (امني) علينا رعايته وليس ملاحقته من قبل احزاب سياسية». ونسبت اليه وكالة الصحافة الفرنسية قوله «يجب ان يعمل رجل الامن من دون خوف من التدخلات السياسية لاننا اذا اردنا ان نعيش ونبني البلد لا بد من ان نولي رجل الامن كل الاحترام والرعاية».

وتساءل المالكي «ما هذه الاغتيالات، وما هذا القتل، وما هذه العصابات التي تخطف، ما هذا الذي يجري في هذه المدينة التي ضحت عبر التاريخ وما زالت تقدم الشهداء». واضاف «لا يمكن لهذه المدينة التي دفعت ثمن ارادتها وصمودها عبر التاريخ ان تستمر في دفع مزيد من النزف نتيجة وجود عصابات».

وخاطب رئيس الوزراء العراقي اهالي البصرة «قولوا لنا ماذا تريدون لمواجهة التحديات، وسنكون حاضرين للتجهيز والدعم والاسناد بكل ما اوتينا من قوة من اجل حماية هذه المدينة التي تمثل ثغر العراق السياسي والاجتماعي والاقتصادي». واضاف «اقول لكم بكل ثقة إن بال الحكومة والعراقيين الغيارى على شعبهم ووطنهم لن يستقر ان لم تستقر البصرة وتتجاوز الأزمة».

وتشهد البصرة ثاني اكبر مدن العراق اعمال عنف ارتفعت حدتها خلال الاسابيع الاخيرة، وقتل في مطلع ابريل (نيسان) الماضي في هجوم ستة افراد من عائلة واحدة بينهم طفل في عامه الرابع. كذلك قتل في حوادث اخرى عقيد بحري متقاعد ومستشار امني في وزارة الداخلية وضابط في مغاوير الداخلية وعاملان في قطاع الكهرباء.

من جهته، اكد طارق الهاشمي الذي زار البصرة برفقة المالكي ان «هناك حملات وأجندات خبيثة لتعميق الفرقة بين العراقيين على خلفية التنوع المذهبي من اجل الاحتراب وتقسيم البلد». واضاف «اذا سمحنا لهذه الاجندات الخارجية الخبيثة بأن تمضي كما خطط لها فسيكون هناك خطر كبير على هذا البلد». واكد الهاشمي «اننا (كحكومة) نعطي أسبقية للبصرة ليعود الأمن والاستقرار الى الناس».

وقال صفاء الصافي، وزير الدولة لشؤون مجلس النواب، من قائمة الائتلاف العراقي الموحد (شيعة)، الذي رافق الوفد ان «الوحدة بين ابناء البلاد هي مفتاح الامن الذي هو مفتاح السلام والاستثمار والتنمية والرفاه». ووعد بالعمل مع الحكومة على تلبية كل متطلبات اهل البصرة «حتى لا تكون مدعاة للتوتر في البلاد». ووعد المالكي اهل البصرة بدعم مدينتهم وقال «هناك مبالغ هائلة مرصودة للبصرة ولبقية محافظات العراق، ولكن ساعدونا وساعدوا انفسكم والعراق في التصدي للذين يخلون بالأمن».

وكان الرئيس العراقي جلال طالباني قد دان في وقت سابق «الفلتان الامني السائد وشيوع حالة الفوضى» في البصرة، مطالبا الهيئات الحكومية والقوى السياسية والدينية «بتولي مسؤولياتها في ضبط الامن والنظام وحماية ارواح الناس والمساجد والحسينيات».

وحسب وكالة رويترز أجرى المالكي محادثات مع محافظ البصرة ومسؤولين آخرين بالمدينة وقال بعد المحادثات ان حكومته مهتمة بالامن أولا وأخيرا. وتدهورت الاوضاع الامنية بشدة في البصرة على مدار العام المنصرم حيث يدور صراع بين فصائل متناحرة تنتمي للاغلبية من الشيعة للحصول على نصيب من السلطة التي حصل عليها الشيعة بعد اطاحة الولايات المتحدة بادارة الرئيس المخلوع صدام حسين التي كان يهيمن عليها السنة. وتشكل عائدات البصرة من النفط معظم عائدات العراق وتتطلع الى الهيمنة عليها معظم الاحزاب العراقية.

والفصائل الرئيسية المتناحرة المتورطة في صراع السلطة هي «ميليشيات بدر» المسلحة و«حزب الفضيلة» الذي ينتمي اليه محافظ البصرة وميليشيا الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر. وحذر مصدر قريب من حزب الفضيلة الاسبوع الماضي من انه قد يوقف صادرات النفط.