غداء في المكتب البيضاوي غيّر اتجاه بوش تجاه إيران

رايس أبلغت الرئيس أن التحالف ينهار والاستراتيجية الجديدة تتضمن 3 ألوان لـ 3 مواعيد

TT

قبل شهرين، وفي ظهيرة يوم ثلاثاء تحديدا، جلست وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس لتناول الغداء في غرفة الطعام الخاصة بالرئيس الاميركي جورج بوش في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، وقدمت أخبارا غير سارة لرئيسها: التحالف ضد ايران يواجه خطر الانهيار.

وروى بعض الحاضرين في ذلك الغداء، ان رايس أبلغت بوش بأن لقاءها في برلين قبل أيام مع وزراء الخارجية الأوروبيين كان كارثة. وأضافت رايس، ان ايران تستغل الانقسامات بين الأوروبيين وروسيا بدقة، وتمضي في مجال تخصيب اليورانيوم. وتجهم وجه الرئيس الاميركي وسأل رايس منزعجا: «ما هو الحل؟».

وغير النقاش في ذلك الغداء، اتجاه مساع استغرقت شهرين كانت ترمي للتوصل الى استراتيجية مختلفة تماما، وعبرت عن ذلك جملة واحدة كتبتها رايس في مذكرة سرية بعد أسبوعين من الغداء. وطرحت فكرة أن تنهي الولايات المتحدة سياستها التي استمرت ما يقرب من ثلاثة عقود، والقاضية بعدم إجراء محادثات مباشرة مع ايران.

ونادرا ما يصف مساعدو بوش النقاشات التي تجري في المكتب البيضاوي بتفصيل واسع. ولكن في الحديث عن قراراته في هذه الحالة، بدا المساعدون راغبين في تصويره باعتباره مصمما على اعادة بناء تحالف مزعزع تأثر بسبب العراق، ولإيجاد مخرج من الوضع حيث شعر البيت الابيض بأن «الايرانيين حققوا فوزا»، كما قال أحد مساعدي لبوش.

وتدريجيا أصبح بوش أكثر ارتياحا لفكرة إجراء محادثات مع دولة يعبترها الأولى الراعية للارهاب. وجاءت هواجس بوش المبكرة بشأن الطريق الذي يفكر فيه بمجموعة من المكالمات الهاتفية مع رايس وستيفن هادلي، مستشاره للأمن القومي. وترك بوش خيار رفض الفكرة بأسرها مفتوحا حتى صباح الأربعاء الماضي، وفقا لما قاله ثلاثة من كبار المسؤولين الذين تحدثوا مشترطين عدم الاشارة الى اسمائهم. ولم يتخذ القرار النهائي الا بعد أن جعلته مكالمات هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل يتوصل الى استنتاج أنه اذا رفضت طهران التوقف عن تخصيب اليورانيوم، أو تباطأت في وقت لاحق، فإنهما سيدعمان سلسلة متصاعدة من العقوبات ضد إيران في الأمم المتحدة يمكن أن تؤدي الى مواجهة.

وحتى بعد أن حرر بوش البيان الذي كان مقررا ان تلقيه رايس الأربعاء الماضي قبل ان تتوجه الى فيينا لتشجيع أوروبا وروسيا على التوقيع على حزمة نهائية من المبادرات لايران، والعقوبات في حالة رفضها العرض، أرادت رايس أن تدقق البيان مرة اخرى. واتصلت ببوش، متسائلة عما اذا كان واثقا من قراره النهائي. وقيل انه أجاب بالإيجاب.

وقد فعلت رايس ما أراده بوش، ولكن النتائج ما تزال غير واضحة. فلم تعط ايران أية اشارة على أنها ستوافق على شرط بوش، القاضي بتخليها عن انتاج الوقود النووي. وقال الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد الجمعة الماضي انه سيعارض «أي ضغط لحرمان شعبه من حقه» في تنفيذ برنامج نووي سلمي.

ويبدي المحافظون الاميركيون، وبعضهم في داخل الادارة، قلقا من أن بوش قد يرغم على تقديم تنازلات أخرى، بما في ذلك السماح لايران في الاستمرار بانتاج مستوى مخفض من انتاج الوقود النووي. ويخشى آخرون من أن التعهدات التي يعتقد بوش انه أخذها من بوتين وميركل والرئيس الفرنسي جاك شيراك يمكن أن تتآكل.

وفي عطلة عيد الفصح كانت رايس تجلس في شقتها وأعدت مسودة اقتراح لاستراتيجية جديدة تتابع ثلاثة مسارات: التهديد باتخاذ «إجراءات إلزامية» عبر الأمم المتحدة، واجراء مفاوضات مع ايران تشتمل ما أسمته رايس مبادرات «جريئة» لايران تحملها على التخلي عن انتاج كل الوقود النووي، ومسار ثالث يشمل مجموعة مستقلة من الاستراتيجيات لفرض عقوبات اقتصادية اذا ما أخفق مجلس الأمن في اتخاذ قرار بشأن ايران.

وارفقت رايس هذه الخيارات بمواعيد اشرت عليها رايس بثلاثة ألوان، كل واحد منها يخص مساراً معيناً، وهو ما قال عنه هادلي بأنه «رائع ونابض بالحيوية وعميق تماما».

* خدمة «نيويورك تايمز»