أزمـــة سياسية في الأردن على خلفية مشاركة إسلاميين في عزاء الزرقاوي

الأوبزرفر: المخابرات الأردنية جندت عملاء من الفلوجة والرمادي.. والكربولي كان بداية النهاية

TT

اتخذت قضية مشاركة أربعة من أعضاء مجلس النواب الاردني طابع التحدي والمواجهة بين حزب جبهة العمل الاسلامي الذي ينتمي إليه هؤلاء النواب وبين الحكومة الاردنية، والمتوقع في ضوء هذه التحديات المتبادلة ان تأخذ المواجهة بين الطرفين طابعاً أكثر سخونة. وفي هذا الإطار علمت «الشرق الاوسط» من مصدر أردني مسؤول ان القيادات الأردنية السياسية والأمنية، من الصف الأول، عقدت امس اجتماعاً سرياً لم يتم الإعلان عنه لتدارس التطورات المحتملة بعد مقتل الزرقاوي والاتفاق على موقف موحد تجاه مشاركة نواب حزب «جبهة العمل الإسلامي» في البرلمان الأردني في عزائه. يذكر أن أربعة من نواب حزب «جبهة العمل الاسلامي» في البرلمان الاردني هم المتشدد محمد أبو فارس، وعلي أبو السكر، وإبراهيم المشْوخي، وجعفر الحوراني، تحدوا توجهات السلطات الاردنية وذهبوا الى بيت العزاء الذي أقامته عائلة الزرقاوي في حي معصوم في الزرقاء على بعد نحو 20 كيلومتراً الى الشرق من عمان وأدلوا بتصريحات اعتبروا فيها الزرقاوي أحد أبطال الإسلام والمسلمين. وحسب معلومات المصدر الأردني المسؤول، فإن اجتماع القيادات الاردنية السياسية والأمنية الذي عقد أمس، وعلى مستويات عليا ناقش قضايا في غاية الاهمية من بينها ردود الفعل المتوقعة على الساحة الاردنية بعد مقتل الزرقاوي وفي حال إعادة جثمانه من العراق ليدفن في مسقط رأسه في الأردن. وتتحدث أوساط رئيس مجلس النواب الاردني الفريق المتقاعد عبدالهادي المجالي، الذي يعتقد أنه حضر اجتماع القيادات الأردنية العليا، عن أن هناك احتمالين للتعامل مع النواب الاربعة الذين تحدوا السلطات الأردنية، وتحدوا مشاعر الذين قتلوا في انفجارات فنادق عمان الثلاثة نهاية العام الماضي، وهو إما الاكتفاء بتوجيه توبيخ لهم على ما فعلوه من قبل رئاسة مجلس النواب او من المجلس نفسه، وإما السعي حسب نصوص بنود الدستور الأردني للحصول على موافقة ثلثي أعضاء هذا المجلس أي 73 صوتاً من أصل 110 أصوات لفصلهم وإنهاء عضويتهم من هذا المجلس المذكور. وحسب توقعات أوساط رئاسة مجلس النواب الأردني فإنه إذا فاز اقتراح فصل هؤلاء النواب الاربعة من عضوية المجلس، فإن الأردن سيتعرض لأزمة سياسية طاحنة وان بقية ممثلي جبهة العمل الاسلامي في البرلمان ومعهم نحو عشرة آخرين سوف يستقيلون، وإذا استقالوا فإن انتخابات تكميلية ستجري وفي هذه الحال فإن التيار الإسلامي سيقاطعها وأنه في ضوء هذا كله قد يجري التمديد لمجلس النواب الذي تنتهي ولايته الحالية بعد نحو عام لمدة عامين جديدين. ومن جهة اخرى طالبت عائلات قتلى التفجيرات التي هزت فنادق في العاصمة الاردنية عمان اواخر العام الماضي اربعة نواب اسلاميين زاروا عائلة الزرقاوي لتقديم العزاء لمقتله بالاعتذار لما اعتبرته اساءة لها. ونقلت صحف اردنية امس عن بيان صدر عن اهالي شهداء التفجيرات «ساءنا ان تخرج مجموعة من نوابنا تدعي تمثيلها للشعب الذي رفض الارهاب وأدانه وأجمع على مكافحته وملاحقة صناعه على هذا الاجماع بالمبادرة للمشاركة في عزاء هذا المجرم الارهابي والتهنئة بمقتله باعتباره شهيدا مجاهدا».

وقال البيان ان احد النواب التابعين «لجبهة العمل الاسلامي» وهو اكبر الاحزاب وأكثرها تنظيما اشاد بالزرقاوي في خطبة الجمعة ووصفه «بالشهيد المجاهد». وقال البيان «اننا نستغرب هذا الموقف من حزب اردني مرخص يدعي انه ينهض بالرسالة الدعوية الاسلامية الصحيحة». واضاف «اننا نعتبر هذه الخطوة مباركة صريحة وتأييدا لا يقبل التأويل للاعمال الاجرامية التي يرتكبها حملة الفكر التكفيري المشوه ونرى انها بمثابة فتوى تضفي الشرعية على هذه الاعمال القذرة».

وقال النائب علي ابو السكر وهو احد نواب الجبهة الذين قدموا العزاء لرويترز ان ما قاموا به كانت له دواع اجتماعية ودينية وكان وقوفا الى جانب عشيرة اردنية وهي عائلة الزرقاوي.

وقال ان زيارة بيت العزاء لم يكن «خطأ» من جانبهم. واقامت العائلة في مدينة الزرقاء خيمة عزاء علقت عليها لافتة تقول «عرس الشهيد البطل». الى ذلك كشفت صحيفة «الاوبزرفر» البريطانية في عددها الصادر امس ان اعتقال المخابرات الاردنية محمد الكربولي يوم 22 مايو (ايار) الماضي، بتهمة تسهيل دخول انتحاريين من العراق الى الاردن، لتنفيذ تفجيرات عمان الارهابية في التاسع من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وأودت بحياة 60 شخصاً وإصابة أكثر من 100 بجروح، كان بداية النهاية لسقوط الزرقاوي زعيم «القاعدة في بلاد الرافدين».

وقالت الاوبزرفر «ان ضباط من المخابرات الاردنية سعوا الى تجنيد عملاء من الفلوجة والرمادي وكذلك من عشيرة الدليمي في اعقاب تفجيرات فنادق عمان». واوضحت نقلا عن مصادر اردنية ان المعلومات التي تم الحصول عليها من استجواب الكربولي، كانت تنقل بصفة منتظمة الى المحققين الاميركيين الذين كانوا يسعون الى اختراق تنظيم الزرقاوي. وتحدث التقرير الأمني عن كشف الكربولي عن قائمة بـ 17 منزل أمن لـ«القاعدة» في بغداد وغرب العراق. ورغم ان الكربولي لا يعتبر كادرا متقدما في هرم تنظيم الزرقاوي في العراق إلا انه اعتبر بمثابة صيد ثمين بسبب حجم الأسرار والمعلومات الداخلية المهمة التي أدلى بها. وذكر التقرير ان ضباط أمن اردنيين متخصصين في مكافحة الارهاب من الوحدة «71 المقاتلة» دخلوا العراق من اجل تعقب قيادات تنظيم الزرقاوي، وانهم عرفوا بخبرتهم السابقة في الاراضي العراقية. وتحدث التقرير عن التقنيات الإلكترونية التي استخدمتها المخابرات الاردنية لتعقب قيادات تنظيم «القاعدة في بلاد الرافدين» والتي ادت الى التعرف على صوت عبد الرحمن المرشد الروحي للزرقاوي عبر هاتف الثريا الذي كان يستخدمه، مما ادى الى استدعاء الاميركيين لطائرتين بلا طيار من طراز «بريدتور» لاقتفاء اثر عبد الرحمن الذي كان يستعد للاجتماع بالزرقاوي.