البرلمان الصومالي يحسم مسألة تدخل القوات الأفريقية اليوم

رئيس المحاكم الإسلامية ينفي وجود مقاتلين عرب أو أجانب في ميلشياته

TT

نفى رئيس المحاكم الشرعية، الشيخ شريف احمد، وجود مقاتلين عرب أو أجانب في صفوف ميلشياته. وفي غضون ذلك طرحت الحكومة الانتقالية الصومالية علي البرلمان خطة لمشروع الأمن الوطني الذي يهدف الي طلب قوات تدخل أفريقية لحفظ السلام في الصومال ومساعدة الحكومة في نزع سلاح المليشيات وبسط سيطرتها علي كامل البلاد. وقد أحيت الحكومة الصومالية الانتقالية مشروع الاستعانة بقوات تدخل أفريقية لحفظ السلام في الصومال بعد عام من الانقسام حوله أدى الي حد القطيعة بين أركان الحكومة الانتقالية. ويتضمن مشروع الأمن الوطني الذي أعدته الحكومة الاستعانة بقوات أفريقية تقوم بفرض الأمن في البلاد وتدريب القوات النظامية الصومالية وتنظيم أجهزة الشرطة ثم نزع سلاح المليشيات القبلية ومساعدة الحكومة في تشغيل مؤسساتها المعطلة منذ تشكيلها قبل 18 شهرا. وبعدما قرأ وزير الإعلام الصومالي، محمد عبد حاير، المشروع أمام النواب سلمهم نسخا منه لدراسته قبل البدء في مناقشته اليوم بحضور الرئيس الصومالي عبد الله يوسف أحمد الذي وضع ثقله وراء المشروع لاعتماده من قبل البرلمان.

وكان الرئيس أحمد قد دعا عقب انتخابه لمنصب الرئاسة في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) 2004 الى تدخل أفريقي عسكري في الصومال وإلا فإن الحكومة لن تتكمن من العمل في البلاد التي تنتشر فيها عشرات الآلاف من المليشيات المسلحة التابعة للقبائل وزعماء الحرب الصوماليين. ومن بين الفقرات الكثيرة التي تضمنها مشروع الأمن الوطني فإن مقترح التدخل العسكري الأفريقي سيثير الجدل الأكبر داخل البرلمان. وعلى الرغم من إقالة عدد من الوزراء من أكبر المعارضين للتدخل الأفريقي من الحكومة مؤخرا، إلا أن موضوع القوات الأجنبية شديد الحساسية داخل الأوساط الشعبية، ولا شك أنه سيثير حفيظة «اتحاد المحاكم الشرعية» الذي يسيطر على الوضع في العاصمة مقديشو. وكان عدد من القياديين الإسلاميين المتشددين في الصومال أعلنوا عن مقاتلة أية قوات أجنبية بمجرد وصول أول جندي منها الي الأراضي الصومالية. لكن ومع تغير الأوضاع في العاصمة وتراجع سيطرة أمراء الحرب، فإنه لم يصدر رد من الإسلاميين حتي الآن.

من جهة أخرى، وبعد أيام من تبادل التصريحات الملطفة بين المحاكم الشرعية وبين الحكومة الصومالية الانتقالية، عُقدت أول جلسة للحوار بين الجانبين في العاصمة مقديشو بمشاركة وزيرين في الحكومة ونائب في البرلمان من جانب الحكومة وكذلك رئيس المحاكم الشرعية وعدد من مساعديه.

وقال عثمان عاتو، وزير الأشغال العامة في الحكومة الذي قاد الجانب الحكومي في المفاوضات، إن الطرفين تناولا سبل إجراء حوار حقيقي بين الحكومة الصومالية والمحاكم الإسلامية لبحث كل التفاصيل المتعلقة بالوضع في مقديشو والصومال عموما والعلاقة المستقبلية بين الحكومة والمحاكم الإسلامية. من جانبه قال الشيخ شريف شيخ أحمد إنه لمس اهتماما حكوميا بالوضع في مقديشو، وسيواصلون حوارهم معها بدون شروط مسبقة. لكنه أبلغ الفريق الحكومي رغبة المحاكم في توسيع دائرة الحوار لتشمل القيادات الشعبية المختلفة من رجال الدين ووجهاء القبائل والقيادات الأخرى في العاصمة. وأفاد مصدر مقرب من المفاوضات لـ«الشرق الأوسط» بأن الجلسة الأولى كانت عبارة عن تعارف واستطلاع مواقف الجانبين حول القضايا المطروحة، ولكن المفاوضات الحقيقة لم تبدأ بعد، ومن المتوقع أن يعود الفريق الحكومي الي بيداوة حيث مقر الحكومة الانتقالية لمزيد من التشاور ثم العودة الي العاصمة لمواصلة الحوار مع المحاكم الإسلامية. من جهته نفى الشيخ شريف وجود أي عناصر عربية أو أجنبية في صفوف ميليشيات المحاكم الشرعية. كما نفى تلقي المحاكم الشرعية أي تمويل من الخارج وقال إن المحاكم تعتمد على التمويل الذاتي وما يجود به الصوماليون أنفسهم.

واعتبر شريف في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» من مقديشو أنه لا يعتزم إطلاق أي دعوة لحضور متطوعين عرب إلى الصومال، معتبرا أن ذلك من شأنه أن يثير المزيد من المتاعب والبلبلة، وقال «نحن ممتنون لكل هذه الدعوات، ولكننا لسنا في حاجة إلى متطوعين من الخارج حتى لا يتهمنا أحد بإشراك عناصر أجنبية في معركتنا ضد أمراء الحرب».

وجاءت تصريحات شريف ردا على دعوة بعض المواقع الإلكترونية المعروفة بعلاقتها بتنظيم «القاعدة» إلى نصرة المحاكم في الصومال وإرسال متطوعين عرب للانضمام إليها ضد التحالف الذي تدعمه الإدارة الأمريكية والذي يضم أمراء الحرب وزعماء الميليشيات، وقال إن الموقف العربي من الأزمة الصومالية يرجع إلى ما وصفه بالخلط الإعلامي وعدم الإلمام بها، مشيرا إلى أنه باستثناءات قليلة فإن معظم الدول العربية لديها ملفات داخلية أو خارجية مفتوحة على مصاريعها.

من جهة أخرى، نقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن شهود أن مليشيات المحاكم الإسلامية اطلقت النار في الهواء وقطعت الكهرباء عن دور السينما المؤقتة لمنع الصوماليين من مشاهدة مباريات كأس العالم، وأضافوا أن بعض السكان ينوون ترتيب مظاهرات ضد هذا الحظر.

وأوضح الشهود أن «اتحاد المحاكم الشرعية» فرق تجمعات لمشاهدة مباريات كأس العالم السبت. وقال آدم حاشي علي، وهو شاب مراهق من مقديشو «بعدما سيطر الإسلاميون على الأمن في مدينتنا، اعتقدنا أننا سنصبح أحرارا. ولكنهم منعونا من مشاهدة مباريات كأس العالم».

وقد وقعت الاضطرابات في وقت ذكر الشيخ شريف انه لا يريد فرض حكومة علي غرار طالبان، وهو تغيير في تصريحاته السابقة التي طالب فيها بحكومة إسلامية متشددة. وقال «لا نريد فرض الشريعة. وسنقبل وجهات نظر الشعب الصومالي».