إيران ترى نقاطا إيجابية في العرض الدولي وتريد توضيحات حول التخصيب

سعود الفيصل في طهران اليوم ولاريجاني يؤكد بالقاهرة استعداد بلاده للمشاركة في حوار إقليمي

TT

أكدت وزارة الخارجية السعودية لـ«الشرق الأوسط» امس ان الامير سعود الفيصل وزير الخارجية سيقوم بزيارة الى طهران لمدة يوم واحد، يجري خلالها مباحثات حول الملف النووي الايراني وقضايا اقليمية اخرى. وكان الناطق باسم الخارجية الايرانية أعلن أمس ان الأمير سعود الفيصل «سيلتقي وزير الخارجية منوشهر متقي ومسؤولين آخرين رفيعي المستوى».

يأتي ذلك بينما أعلنت ايران أمس انها تريد مباحثات «غير مشروطة» حول ملفها النووي، معتبرة ان العرض الدولي المقدم لها لتجميد تخصيب اليورانيوم يتضمن نقاطا غامضة مثل تلك المتعلقة بتخصيب اليورانيوم على اراضيها، ونقاطا ايجابية مثل بناء المفاعلات النووية السلمية من جهة أخرى. وكانت التصريحات التي ادلى بها رئيس مجلس الأمن القومي الايراني والمفاوض الرئيسي في الملف النووي علي لاريجاني أمس في القاهرة، أولى بوادر الرد الايراني على العرض الذي قدمه مسؤول العلاقات الخارجية خافيير سولانا لها الاسبوع الماضي. ويجتمع مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية اليوم في جلسة مغلقة في فيينا للتشاور حول المساعي لاقناع ايران على وقف تخصيب اليورانيوم.

وكانت زيارة لاريجاني الى القاهرة أمس نقطة مهمة في العلاقات المصرية ـ الايرانية، التي ظلت متوترة طوال الـ 25 عاماً الماضية، اذ التقى لاريجاني بالرئيس المصري حسني مبارك وتناولت المحادثات بينهما التي استمرت نحو 90 دقيقة الملف النووي الإيراني. كما التقى لاريجاني بوزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط وأمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى ورئيس المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان. وفي مؤتمر صحافي مشترك مع موسى عقب محادثاتهما، قال لاريجاني عن المقترحات الدولية: «هذه المقترحات تنطوي على نقاط ايجابية وفي نفس الوقت فيها اشكاليات ونقاط غامضة». وفي اشارة الى هذه النقاط الغامضة، قال لاريجاني: «على سبيل المثال، النقطة المتعلقة بعملية التخصيب في ايران، ينبغي ان يكون هناك توضيح بطريقة تتسم بالشفافية». واعتبر لاريجاني ان «تقديم مفاعلات نووية لايران من النقاط الايجابية في العرض». وكانت الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والمانيا قدمت الثلاثاء الماضي عرضاً فيه حوافز لتشجيع ايران على التخلي عن تخصيب اليورانيوم، واجراءات عقابية في حال رفضت ذلك. وكانت الدول الست اكدت على ان أي مفاوضات حول الملف النووي الايراني تعتمد على تجميد جميع الانشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم.

ورداً على سؤال حول الكيفية التي ستتعامل بها ايران مع العرض الدولي، قال إن بلاده ستتعامل مع المقترحات لأن فيها نقاطاً إيجابية وأخرى سلبية، لكنه أضاف: «سبق أن قلنا دوماً بأننا نرحب بالمفاوضات من دون شروط مسبقة». واعلن عن استعداد بلاده للمشاركة في حوار بشأن الاستقرار الاقليمي، وهو من المقترحات المقدمة لايران. وشرح ان العرض تضمن اقتراحاً باجراء الدول الست «مشاورات مع ايران بشأن ترتيبات أمنية في المنطقة والاستفادة من القدرات الايرانية لمصلحة الاستقرار الاقليمي». وأضاف: «نحن مستعدون لتقديم هذا الحافز من أجل الأمن والاستقرار في المنطقة لان ايران قوة اقليمية». وسعى لاريجاني الى طمأنة الدول العربية قائلا إن «البرنامج النووي الايراني لا ينطوي على أي خطر لا بالنسبة للدول الاسلامية أو لغير الاسلامية أو العربية. لانها (المحطات النووية الايرانية) تنطوي على تقنية نووية سلمية». وأضاف: «لا نبحث عن القنبلة النووية. بالعكس هذا المشروع الايراني يساعد الدول العربية والاسلامية وسيكون عاملاً مساعداً لها». ونقلت رويترز عن لاريجاني قوله ان موسى ابلغه بأن الدول العربية يجب ان يكون لديها برامج نووية مماثلة للبرنامج الايراني. وشرح: «سمعت كلاماً معقولاً ومضبوطاً من عمرو موسى، وهذا الكلام عندما قال بأن على الدول العربية أن تتخذ خطوات مدروسة وجادة في مجال التوصل الى التقنية النووية السلمية»، مضيفاً: «هذا طريق مشترك نحن نسلكه جميعاً. يعني ان نجاحنا نجاح لجميع الدول العربية، فلا تناقض في هذا المجال أبداً».

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الايراني حميد رضا اصفي قال من طهران أمس ان بلاده ترى أن بعض العناصر في المقترحات الدولية غير مقبولة وانها ستطرح تعديلات عليها. وترفض طهران دوما النقطة المحورية في المقترحات وهي تخليها عن تخصيب اليورانيوم. وصرح اصفي بأن «هناك نقاطا غير مقبولة وان هناك نقاطا غامضة وهناك نقاطا نرى أنه ما كان ينبغي أن توجد»، من دون تحديدها. وحول ما اذا كانت طهران تنوي الاستجابة الى طلب الدول الكبرى بتعليق نشاطات تخصيب اليورانيوم «لن نساوم حول حقنا ولن نتخلى عنه».

ومن فيينا، سعت الولايات المتحدة وأوروبا الى اقناع باقي الدول الاعضاء في مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذين سيجتمعون في فيينا على حث ايران على بدء مفاوضات حول برنامجها النووي، وتحذيرها من اتخاذ اجراءات ضدها في حال رفضت ذلك. واطلعت وكالة «اسوشيتد برس» على وثيقتين تعكسان الجهد الغربي في اقناع اعضاء المجلس الـ35 لدعم العرض الذي قدمته الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والمانيا الى ايران للحد من برنامجها النووي. وتظهر الوثيقتان الاصرار الغربي على تجميد بعيد الأمد للنشاط المتعلق بتخصيب اليورانيوم.

واصدرت الولايات المتحدة احدى الوثيقتين اللتين وزعتا على اعضاء مجلس الحكام قبل اجتماعهم اليوم، بينما اصدرت بريطانيا وفرنسا والمانيا الوثيقة الثانية. وتدعو الاولى «جميع الاعضاء في مجلس الحكام الى اصدار تصريحات صارمة لايران»، للتفاوض بشأن العرض الدولي. وتشير الوثيقة الى ان الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا والمانيا «قررت اتباع اجراءات، بما فيها اجراءات في مجلس الأمن، للضغط على النظام الايراني ليغير مساره»، بما يخض البرنامج النووي. وحذرت الوثيقة الاوروبية من انه في حال رفض طهران للعرض الدولي الذي قدم لها الاسبوع الماضي «لن يبقى امام مجلس الأمن خيار سوى تصعيد الضغط على ايران». واعتبرت لندن وباريس وبرلين ان «اهم خطوة لبناء الثقة الدولية (حيال البرنامج النووي) هو امتناع ايران عن جميع الانشطة المتعلقة بالتخصيب»، بحسب الوثيقة. وقال دبلوماسيون مطلعون على العرض الدولي لـ«اسوشيتد برس» ان المطالبة بـ«اعادة الثقة الدولية» هي عبارة عن المطالبة بتجميد الانشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم التي قد تستمر لسنوات بعد انتهاء اية محادثات بناءة مع ايران. وأضاف احد الدبلوماسيين ان التجميد الطويل الأمد للتخصيب والتأكد من هذا التجميد هو «خط أحمر» للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين.