الزرقاوي كان مشغولا بتحويل شبكته إلى عالمية وتحدي بن لادن والظواهري

300 تدربوا على أعمال الإرهاب في العراق وعادوا إلى بلدانهم بانتظار تنفيذ عمليات

TT

في وقت موته كان ابو مصعب الزرقاوي ما يزال يحاول تحويل تنظيمه من تنظيم يركز على التمرد العراقي الى شبكة عالمية قادرة على توجيه ضربات ابعد كثيرا من الحدود العراقية، وفقا لما يقوله خبراء في الاستخبارات هنا ويتفق معهم غربيون.

وقال مسؤولون امنيون اردنيون كبار، ان مساعي تجنيده المقاتلين والانصار كانت ثلاثية الابعاد. فقد سعى الى تجنيد متطوعين للقتال في العراق وآخرين ليصبحوا مفجرين انتحاريين هناك. وبين هؤلاء ما يقرب من 300 شخص ذهبوا الى العراق للتدرب على اعمال الارهاب وعادوا الى بلدانهم الاصلية، حيث ينتظرون اوامر لتنفيذ ضربات.

وكانت هناك تقارير متفرقة تشير الى ان العراق كان قد اصبح مركز تدريب للمتطرفين، ولكن الاردن كان اول من يقدم ارقاما دقيقة. ومن بين طائفة من خبراء الاستخبارات من الولايات المتحدة واوروبا والاردن ممن جرت مقابلتهم بشأن مدى نفوذ الزرقاوي لم يقدم سوى الاردنيين مثل هذه التفاصيل.

وقال مسؤولو مكافحة الارهاب في الولايات المتحدة انهم ايضا رأوا تدفقا للارهابيين الى العراق من بلدان اخرى، بينها السعودية ومصر، وهم يسعون الى التدريب على يد الزرقاوي ومساعديه. ولكنهم قالوا انهم يعتقدون ان عدد الاشخاص الذين تدربوا واعيدوا الى بلدانهم بانتظار الاوامر ربما كان اقل بكثير من 300 شخص.

وقال ستيفن سايمون، الموظف السابق في مجلس الامن القومي والذي يعمل حاليا في مجلس العلاقات الخارجية، ان «تقديري هو ان الخطوة المقبلة ربما تكون تعبئة شبكات لمهاجمة الاوروبيين. وهذا احد الاسباب التي تجعل من موته حدثا هاما».

وكان الاردنيون يتمتعون، على نحو خاص، بتركيز استخباراتي قوي على الزرقاوي، فهو مواطن اردني. وظلت استخباراتهم تتابعه لفترة تقرب من عقدين من الزمن، وتعززت الملاحقة بعد ان اعلن مسؤوليته عن ارسال مفجرين انتحاريين الى ثلاثة فنادق اردنية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مما ادى الى مصرع العشرات. وامر العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني في حينه بتأسيس وحدة استخباراتية جديدة تحمل اسم «فرسان الله» آملا في ان تحد من نشاطات الزرقاوي. وارسل افراد الوحدة الاستخباراتية الجديدة الى العراق ودول مجاورة، وصدرت اليهم اوامر بشن هجمات فيما كان اكثر من معركة بين وحدة الاستخبارات الاردنية والزرقاوي. ووافق المسؤولون الاردنيون على الحديث عن نشاطه ومنظمته والعملية التي ادت اخيرا الى مقتله شريطة ان لا تجري الاشارة الى اسمائهم بسبب الطبيعة السرية لعملهم.

وقالوا انهم تعرفوا على اماكن تواجد الزرقاوي قبل شهرين وكانوا قادرين على تأكيد المعلومات الاستخباراتية الخاصة للولايات المتحدة التي اشارت الى مكان الزرقاوي في اليوم الذي قتل فيه.

ووصفوا الزرقاوي بأنه زعيم قوي منظم كان يغير روتينه عندما يلقى القبض على اي من اتباعه، واسس ترتيبات عملياته في سورية وايران وليبيا لادخال المتطوعين الى العراق.

وبينما بات التمرد يقاد بصورة متزايدة من جانب العراقيين عبر الزرقاوي عن اهتمامه بنشر نفوذه عالميا، متحديا، في الواقع الفعلي، اسامة بن لادن وأيمن الظواهري باعتباره زعيم حرب الارهاب العالمية.

وحددت السلطات في اوروبا عشرات من الشباب المقاتلين ممن غادروا اوروبا للقتال في العراق او انهم اوقفوا اثناء اعتزامهم القيام بذلك. وقالت القوات الاميركية في العراق ان ثلاثة مواطنين فرنسيين على الاقل كانوا من بين عشرات من المقاتلين الاجانب الذين القت القبض عليهم هناك.

ومن ناحية اخرى، القت السلطات الالمانية القبض على 18 شخصا يشتبه في عضويتهم في جماعة انصار الاسلام المتطرفة وشبكة الزرقاوي منذ ديسمبر (كانون الاول) 2004، بينهم 3 عراقيين اتهموا بالتآمر لاغتيال اياد علاوي خلال زيارته لالمانيا في العام الماضي، عندما كان رئيسا لوزراء العراق.

والهجمات الوحيدة الذي يعتقد ان الزرقاوي نفذها خارج العراق كانت في الاردن، طبقا لما قاله مسؤول اميركي في مكافحة الارهاب، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته. وتشمل تلك الهجمات مقتل الدبلوماسي الاميركي لورانس فولي في عام 2002، ومحاولة فاشلة في عام 2004 لشن هجوم على السفارة الاميركية ومقر الاستخبارات الاردنية، ونسف ثلاثة فنادق في عمان في شهر نوفمبر الماضي التي أدت الى مقتل 60 شخصا.

واعرب مسؤول فرنسي كبير في مكافحة الارهاب عن اعتقاده بأن الزرقاوي كان يعمل اقليميا في الشرق الأوسط، ولا يعتقد المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته في مناقشات قضايا ارهابية ان موت الزرقاوي سيؤدي الى تأثير ملحوظ على التهديدات في اوروبا.

غير ان عددا من المسؤولين الفرنسيين في مكافحة الارهاب قالوا انهم عثروا على آثار لنشاط الزرقاوي في خلية ارهابية في ضواحي باريس دربت في الشيشان، تم القضاء عليها في ديسمبر 2002. وعثر على مواد كيميائية ومواد لصناعة القنابل وملابس للحماية من الاسلحة الكيميائية مع مواد لتشغيل مفجرات عن بعد. كما ذكر مسؤولون اردنيون ان ليبيا وتونس اتخذت خطوات ضد عمليات للزرقاوي.

واعربوا عن اعتقادهم انه بسبب قوة شخصية الزرقاوي القيادية، فان القاعدة في العراق ستنقسم الى جماعات صغيرة يسهل مواجهتها. واوضح مسؤول «كان يتخذ القرارات ولم يكن احد يختلف معه ونتوقع ان المنظمة ستنقسم وستضعف».

غير ان مدى انتشار الزرقاوي دوليا يعتمد، في جزء منه، على عوامل غير متبلورة، مثل النداء الذي وجهه الى المجندين من الشباب.

وذكر البعض ان الموت، هو ما يرغب فيه انصاره، لانه طبقا لمفهومهم للاسلام، لا يوجد شيء اعظم من الموت شهيدا.

وقال مروان شحادة وهو ناشط اسلامي في الاردن «يسعى كل مجاهد للقتل، ارضاء لله، ويسعى لمرتبة اعلى في الجنة». واشار شحادة الى شعارات يفضلها اتباع الزرقاوي من بينها «مصداقيتنا تأتي من مقتل قادتنا». و«موتانا يذهبون للجنة، وموتاكم للجحيم». واشار لونزو فيدينو مؤلف كتاب «القاعدة في اوروبا»، الذي صدر في العام الماضي، انه يعتقد ان مقتل الزرقاوي لن يؤدي بالضرورة الى انهاء التهديدات التي تمثلها قنوات التجنيد التي ساهم في تأسيسها. وقال فيدينو ان السلطات الايطالية كشفت، في شهر ابريل (نيسان) الماضي، عن جماعة مغاربية سافرت الى سورية للانضمام الى مقاتلي الزرقاوي في العراق. ويعمل فيدينو محللا في «مشروع التحقيقات، وهي جماعة ابحاث في مجال مكافحة الارهاب في واشنطن».

وطبقا لفيدينو قال لهم ممثلو الجماعة في دمشق «لا نحتاجكم في العراق. من الافضل عودتكم لايطاليا وتنفيذ عمليات هناك».

* خدمة «نيويورك تايمز»