مشاهدات في بيروت: لبنانيون ينتقدون «حزب الله» ويشجبون الغارات الإسرائيلية

الناس في بيروت ازدحمت أمام المتاجر مستعيدة أيام الحرب الصعبة

TT

أضيء نور الشقة وخرجت ثلاث سيدات الى الشرفات لمعرفة ما الذي يجري. ثم وقع انفجار هائل سمع على بعد 6 كيلومترات جنوب الروشة في الأحياء الجنوبية للعاصمة معقل «حزب الله». ووقعت أربعة انفجارات أخرى بعد صوت المقاتلات النفاثة. وفي الوقت ذاته، كان بإمكاننا مشاهدة، من أسطح العمارات، طلقات المدافع المضادة للطائرات.

وأخيرا في حوالي الساعة 5:15 دقيقة، ومع شروق الشمس، كان يبدو ان الهدوء قد عاد، وبدأنا نسمع زقزقة العصافير فوق الاشجار. وشوهدت اطقم تلفزيون المستقبل يركبون شاحنات في طريقها نحو جنوب العاصمة المعروف باسم الضاحية. غير ان الهدوء كان مؤقتا بعدما استأنفت اسرائيل هجماتها.

وأوضح موريس، مدير مطعم في بيروت الشرقية، انه لم ينم ليلة أمس: «بقيت أدخن وأنا أتابع الأخبار. لا يمكننا فهم الحياة هنا في لبنان. يجب نزع سلاح حزب الله».

وخلال النهار، بدأت تصل أنباء بأن طريق دمشق لبنان مغلق. وأنباء عن فرض حصار بحري على مدينة طرابلس الساحلية. بينما تتعرض مدينة صور الجنوبية ومخيم الراشيدية الى إطلاق نار.

ومع انتشار الأخبار، بدأت السوبر ماركت في الازدحام حيث تدافع الناس لتخزين الاغذية.

وأوضح سايمون، وهو مدير سلسلة سوبر ماركت، انه حتى قبل فتح ابواب المحل كان هناك «ما يقرب من 40 شخصا ينتظرون أمام المحل».

واستمر سايمون قائلا: «بدأ الناس في تخزين أشياء مثل الحليب والزيوت والمياه المعدنية والسكر والقهوة واللحوم والأغذية المحفوظة...».

وقالت زينة، التي كانت تقف خارج المحل، غاضبة: «لا أعتقد أن حزبا واحدا يجب أن يتخذ قرارات لوحده، ويعرض أمن البلاد للخطر».

وأضافت: «أنا ضد حزب الله، ولكني ضد رد الفعل الاسرائيلي. هناك ملايين من المدنيين في لبنان... ومرة أخرى، وكما هي العادة، تدمر بنيتنا الأساسية أولا. ويبدو الأمر وكأنه من مصلحة اسرائيل الإضرار بالشعب اللبناني. أنا غاضبة».

وعندما تحدثت مع زينة عن الإجراءات التي تتخذها خلال ذلك الوقت، قالت: «لقد عشنا خلال الحرب، ليس هذا ما يقلقني، بل ان ما يحدث في البلاد خطأ».

وقال زوجان يقفان أمام قسم الخضروات في السوبر ماركت، ان ما يحدث يختلف عما كان يحدث خلال الحرب: «ليس نفس الأمر. الناس هذه المرة أكثر وعيا بخصوص الموقف».

إلا ان امرأة أخرى طلبت عدم الكشف عن هويتها فقد كانت مترددة: «أتمنى أن ينتهي هذا الموقف بسرعة، ولكن ينتابني شعور سيئ. لقد عدنا 10 سنوات للوراء». في اشارة الى الهجمات الاسرائيلية الاخيرة عام 1996.

لقد كان الموقف متوترا. لقد أشار مصدر دبلوماسي اميركي إلى ان على الناس الاستعداد للأيام الثلاثة القادمة التي ستكون صعبة.

وبدأت البلاد تواجه عزلة تدريجيا مع انتشار شائعات حول احتمال انقطاع خدمة الهاتف، علما بأن بيروت بدأت مسبقا تعاني من انقطاع التيار الكهربائي. تغير المزاج العام في الشارع خلال اليومين الماضين، وانتشر التشاؤم والتخوف من المستقبل المجهول. بدأ الناس قبل أول من أمس محاولة التوصل الى ما يمكن أن يحدث نتيجة للهجمات الاسرائيلية. وفي فندق «انتركونتينينتال فونيشيان» جلس النزلاء يوم اول من امس منذ الصباح الباكر في ردهة الفندق الرئيسية بحقائبهم يستعدون للمغادرة. قابلت مجموعة من النساء من دول الخليج كن يقضين عطلة في لبنان ويستعددن الآن للمغادرة، والرأي السائد بينهن هو انهن لا يعرفن ماذا يمكن أن يحدث، وأدت الأحداث التي وقعت خلال اليوم بعد ذلك ومساء نفس اليوم الى قطع العطلة قبل اسبوع من موعد انتهائها المقرر، لكنهن حتى لحظة حديثي معهن لا يعرفن كيفية المغادرة، إذ ان الخروج عن طريق سورية واحد من الخيارات، ولكن يتعين عليهم الانتظار ومعرفة ما يمكن أن يحدث في هذا الصدد. اتضح بعد ذلك، انه عقب ضرب مطار بيروت والحصار البحري الاسرائيلي على لبنان لم يعد هناك خيار في الخروج سوى الطرق البرية. فعلى طول الحدود مع سورية يوجد ازدحام شديد بسبب محاولة آلاف الأشخاص الفرار، واستغرق الانتظار للحصول على تأشيرة دخول حوالي ست ساعات، وارتفعت ايضا اسعار النقل وتذاكر السفر. فسيارات الاجرة التي تنتظر لتنقل المسافرين الى دمشق تفرض على المسافرين مبلغ 250 دولارا اميركيا، علما بأن كلفة التذكرة في الأوضاع العادية تتراوح بين ما يعادل 10 و20 دولارا. نصف المتاجر في منطقة الحمرا التي تعج بالحركة أغلقت، وبدت حركة السير غير مألوفة في مثل هذا الوقت بشارع الحمرا. وفي شارع متفرع من شارع الحمرا لا يزال زكريا يفتح محله الذي يبيع الزهور، ويقول انه اعتاد على ردود الفعل الاسرائيلية. وأضاف قائلا انه كان في هذا المكان عندما غزت اسرائيل لبنان عام 1982 ولم يغادر بيروت ولن يغادر الآن. تبدو حركة السير خفيفة باتجاه منطقة وسط المدينة على الرغم من وجود عمال ومشاة على جانبي الطريق. يقول إلياس، 22 سنة، انه ليس مع «حزب الله»، لكنهم أسروا جنديين اسرائيليين وسيعاني الكثير من اللبنانيين من النتائج المترتبة على ذلك. لا أحد يعرف على وجه التحديد ماذا ستكون الخطوة التالية، ولا ما ستفعله الحكومة اللبنانية. والشعور العام فيما يبدو هو الجلوس والانتظار لمعرفة ما سيحدث. بدا طابور من السيارات خلال الصباح في محطة للوقود، قال مديرها انهم خدموا ثلاثة اضعاف عدد السيارات التي يقدمون لها خدمات الوقود في الاوضاع العادية، ويقدر عدد السيارات التي قدموا لها خدمات الوقود بحوالي 1000 خلال فترة لا تتعدى 11 ساعة. ولدى سؤاله حول كيفية الحصول على وقود والحركة في الميناء متوقفة، أجاب قائلا ان هذه الأزمة لن تستمر أكثر من أسبوع، وقال انهم سيحصلون على الوقود مجددا.