بوش يريد أن تقلل إسرائيل من خطر سقوط قتلى وجرحى .. وشيراك يتساءل عما إذا كانت هناك نية «لتدمير لبنان»

المواقف الدولية تتأثر بالرد العسكري الإسرائيلي «غير المتكافئ»

TT

بدأت أمس مواقف العواصم الكبرى من المواجهة العسكرية بين «حزب الله» وإسرائيل تأخذ في الاعتبار الرد الإسرائيلي «غير المتكافئ» مع الأحداث، وخصوصا استراتيجية التدمير المتواصل للبنى التحتية اللبنانية التي بدأت ترجمة عملية لتهديد وزير الداخلية الإسرائيلي، برد لبنان «20 عاما الى الوراء».

وقد كانت هذه الضربات الاسرائيلية للمرافق المدنية في لبنان موضع اتصال هاتفي بين رئيس الحكومة اللبنانية، فؤاد السنيورة، والرئيس الأميركي جورج بوش، حيث نقل السنيورة عن الرئيس الأميركي، بعد ظهر امس «حرصه على الضغط على اسرائيل لتجنيب السكان المدنيين الابرياء الضرر».

وفيما أكد بيان لبناني أن الرئيس الاميركي هو الذي اخذ مبادرة الاتصال بالسنيورة وأعرب له «عن تفهمه الكامل لموقف الحكومة اللبنانية وتقديره وتأييده للمواقف والقرارات التي صدرت عن الحكومة اللبنانية في أعقاب ما جرى على الخط الأزرق»، أوضح البيت الأبيض أمس ان الرئيس الأميركي جورج بوش يريد ان تقلل إسرائيل الى ادنى حد ممكن خطر سقوط قتلى وجرحى في حملتها على جنوب لبنان لكنه «لن يضغط عليها لوقف عملياتها العسكرية». وقال المتحدث باسم البيت الأبيض توني سنو للصحافيين ان بوش تحدث هاتفيا مع رئيس وزراء لبنان وزعماء آخرين في الشرق الأوسط. وأضاف ان بوش «يعتقد ان الإسرائيليين لهم حق الدفاع عن أنفسهم وانهم في اطار ذلك ينبغي لهم ان يقللوا الي ادنى حد ممكن الأضرار الجانبية ليس فقط في ما يتعلق بالمنشآت ولكن بحياة الناس ايضا».

وسئل عما اذا كان وافق على طلب رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة بأن يطلب من الإسرائيليين الحد من عملياتهم العسكرية، قال سنو «لا. الرئيس لن يتخذ قرارات عسكرية بالإنابة عن اسرائيل».

وكان الرئيس الأميركي قد أجرى سلسلة من الاتصالات الهاتفية بزعماء الشرق الأوسط أمس، ساعيا لنزع فتيل أزمة بين اسرائيل ومقاتلي «حزب الله» في لبنان. وقال مسؤول بارز بادارة بوش ان الرئيس الأميركي أجرى اتصالا هاتفيا بالرئيس المصري حسني مبارك والملك عبد الله عاهل الأردن.

وفي لندن دعا رئيس الحكومة البريطانية توني بلير أمس للعودة الى تطبيق «خريطة الطريق» على اعتبارها «الوسيلة الوحيدة لتسوية الوضع في الشرق الأوسط».

وقال بلير في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره الكندي ستيفن هاربر «أريد ان اشدد على خطورة الوضع»، مضيفا انه «يتفهم تماما ضرورة تمكن اسرائيل من الدفاع عن نفسها». وأضاف «الا انني اتفهم ايضا العبء الذي يتحمله لبنان والحكومة اللبنانية من دون ان ننسى العديد من الفلسطينيين الذين يعيشون ايضا في معاناة». وقال ان ما يحصل في الوقت الحاضر «مأساوي بالفعل».

وفي موسكو استهل الرئيس الروسي بوتين اعمال «قمة الكبار» بلقاء استمر حتى فترة متأخرة من مساء امس مع الرئيس الأميركي جورج بوش الذي كان وصل مبكرا عن بقية زعماء القمة. وقالت المصادر ان الرئيسين ابديا اهتماما خاصا بانفجار الاوضاع في الشرق الأوسط، فيما اعرب الرئيس الروسي عن موقف متشدد سبق وأعلنت عنه وزارة الخارجية الروسية في بيانها الصادر بهذا الشأن. وقال بوتين أمس بينما كان يخاطب جماعة دولية من الشبان«نرى أنه ينبغي على جميع أطراف الصراع أن توقف أعمالها العسكرية على الفور. ينبغي أن يكون ذلك نقطة الانطلاق نحو حل جميع المشكلات».

وكانت الخارجية الروسية قد أدانت اختطاف العسكريين الإسرائيليين وقصف الأراضي الإسرائيلية، مؤكدة في نفس الوقت انها تعتبر أن العمليات العسكرية الإسرائيلية واستخدام القوة تهدد سيادة ووحدة أراضي لبنان والاستقرار والسلام في كل المنطقة. وطالبت الخارجية باتخاذ الاجراءات الفورية لوقف التصعيد العسكري، فيما دعت اسرائيل الى وقف غزو لبنان وتدمير البنية المدنية ورفع الحصار عن أراضيه. وإذ أشارت الخارجية الروسية في بيانها الى ضرورة امتناع «حزب الله» عن الأعمال المعادية لإسرائيل والتي تهدد مصالح بلاده، طالبته بالإفراج عن العسكريين الإسرائيليين المختطفين، ووقف قصف الأراضي الإسرائيلية واحترام «الخط الأزرق» الذي حددته الأمم المتحدة. وكشفت موسكو عن اجراء العديد مع الاتصالات مع الأطراف المعنية ومنها كوفي أنان الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة، ووزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط، ووزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي. وأعرب سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسية، عن تأييده لقرار انان ايفاد لجنة خاصة بهدف الاتصال مع الأطراف الإقليمية والبحث عن الحلول المناسبة لوقف تصعيد النزاع، فيما قرر ايفاد مبعوثه الخاص ياكوفليف للتنسيق بين الاطراف المعنية واعضاء مجموعة الرباعية الدولية ولجنة الأمم المتحدة. وكان موقف فرنسا أمس الأكثر ادانة بين الدول الغربية للعمليات الإسرائيلية ضد لبنان، فقد تساءل الرئيس الفرنسي عما اذا كانت هناك «نية لتدمير لبنان»، واصفا «الردود الحالية» في الشرق الأوسط بأنها «غير متكافئة»، وذلك في مقابلة تلفزيونية أجريت معه لمناسبة العيد الوطني الفرنسي.

وقال الرئيس الفرنسي «نحن في وضع خطير بالفعل في الشرق الأوسط».

وكان قد طلب في اتصال هاتفي مع الامين العام للأمم المتحدة أول من أمس ارسال وفد من الأمم المتحدة الى المنطقة. وقال في المقابلة «اقترحت عليه مبادرة، وأنا سعيد انه اخذ بها، وتقضي بإرسال وفد من الامم المتحدة بشكل سريع الى المنطقة، وفد يمثل الأمين العام وقادر على التواصل مع الجميع».

وأضاف الرئيس الفرنسي ان على الوفد ان «يذهب الى لبنان اذا تمكن من الوصول، إنما عليه أن يذهب أيضا الى إسرائيل ورام الله والى ابرز الدول العربية المعنية... والانتهاء بسورية».

وتابع أن «الجميع مسؤول» عن تصاعد العنف في المنطقة، معربا عن «ذهوله مما يجري حاليا في الشرق الأوسط» بعد العملية العسكرية الإسرائيلية في لبنان التي تسببت حتى الآن بسقوط أكثر من ستين قتيلا مدنيا.

وقال الرئيس الفرنسي «هناك نوع من الآلية التي يعتمدها «حزب الله» و«حماس» والتي تندرج في اطار الاستفزاز الذي يقابله القمع»، مضيفا ان «هؤلاء الأشخاص لا يتمتعون بحس المسؤولية على الإطلاق». وتابع «لا يمكن ان يكون «حزب الله» و«حماس» تفردا بهذه الخطوات»، مشيرا الى ان «هناك دعما في مكان ما من هذه الدولة او تلك». وبدورها أعربت ايطاليا أمس عن أسفها «للتصعيد في استخدام العنف» من جانب إسرائيل، وأشار رئيس الحكومة الإيطالي رومانو برودي الى «الأضرار الجسيمة في البنى التحتية اللبنانية» و«الضحايا المدنيين لعمليات القصف».

وقال برودي في مؤتمر صحافي «نأسف للتصعيد في استخدام العنف وللأضرار الجسيمة في البنى التحتية اللبنانية ولضحايا القصف المدنيين مع اعترافنا بقلق إسرائيل المشروع وإدانتنا لاختطاف الجنديين».

وتشدّدت مدريد أمس في موقفها من العدوان على لبنان، فبعد البيان الأول الذي صدر عن وزارة الخارجية الإسبانية وتضمّن «ادانة قاطعة للهجوم المسلح وخطف الجنديين الإسرائيليين» في الوقت الذي طالب فيه إسرائيل بـ «الاعتدال»، دعا برناردينو ليون، وكيل الدولة للشؤون الخارجية مجموعة من السفراء العرب إلى اجتماع عقد في مقر وزراة الخارجية أعلن فيه «الإدانة الثابتة لاستعمال القوة المفرطة»، مشيرا إلى أن «منطق الحرب» الذي تطبقه إسرائيل ضد لبنان وفلسطين «غير مقبول» بتاتا. واعتبر أن «إسرائيل تنتهج منطق الحرب ضد بلد بأكمله، تعتبره ظلما المسؤول عن تصرفات استفزازية تقوم بها مجموعات أقلية متطرفة كحزب الله». وبدوره أدان الفاتيكان أمس الهجوم على لبنان، وقال سكرتير دولة الفاتيكان، الكاردينال انجيلو سودانو، في حديث الى اذاعة الفاتيكان إن الكرسي الرسولي يدين «الهجوم» الإسرائيلي على لبنان «الدولة الحرة والسيدة»، واصفا المعلومات الواردة من بيروت بأنها «مثيرة للقلق». وقال سودانو انه يشعر بأنه «قريب من السكان الذي سبق لهم ان عانوا من اجل الدفاع عن استقلالهم».

وأكد ان البابا بنديكتوس السادس عشر الموجود حاليا في فال داوستي، مقره الصيفي، ومعاونيه المقربين، «يتابعون باهتمام بالغ التطورات المأساوية الأخيرة التي قد تتحول الى نزاع له انعكاسات دولية».

كما دان الكاردينال سودانو «الاعتداءات الإرهابية التي يقوم بها البعض والردود الانتقامية التي يقوم بها البعض الآخر»، وقال ان «حق دولة في الدفاع عن النفس لا يعفيها من احترام القانون الدولي، لا سيما في ما يتعلق بحماية السكان المدنيين»، مشددا مرة اخرى على ان «الطريق الوحيد الجدير بحضارتنا يبقى طريق الحوار الصادق بين الأطراف المعنية».

وكذلك اعربت اندونيسيا أمس عن «أسفها» للقصف الإسرائيلي المدمر على لبنان وطلبت من الحكومة الإسرائيلية إنهاء هجومها العسكري.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الاندونيسية ديسرا بيركايا لوكالة الصحافة الفرنسية «نأسف شديد الأسف (لهذا الهجوم) ونأمل احياء عملية السلام».

ومن جهته اعلن الرئيس الإندونيسي سوسيلو بامبانغ سوذويوني الذي أوردت تصريحه وكالة الأنباء الرسمية (انتارا) ان «اندونيسيا تطالب مجددا اسرائيل بوقف هجومها العسكري».

ولا تقيم اندونيسيا وهي اكبر دولة مسلمة في العالم من حيث عدد السكان علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.