وزراء الخارجية العرب انقسموا إلى 3 صفوف.. ومصر غيرت فجأة موقفها

الاختلافات برزت حول «التعويل على الشارع العربي»

TT

لا تزال المعلومات تتوالى عن خبايا الاجتماع الذي عقده وزراء الخارجية العرب الليلة قبل الماضية في القاهرة لبحث تفجر الاوضاع في لبنان وشهد خلافات حادة.

وتفيد المعلومات ان الوزراء انقسموا الى ثلاثة مواقف، الاول قادته السعودية ومعها مصر والاردن والبحرين والمغرب والكويت، ويدعو الى ضرورة تحميل «حزب الله» في القرارات المعلنة المسؤولية عن تفجر الاوضاع بإقدامه على احتجاز جنديين اسرائيليين، في حين قاد الموقف الثاني الوفدان السوري واللبناني ومعهما السودان والجزائر واليمن وفلسطين، اما الموقف الثالث فتجسد في كلمات وزراء قطر والامارات وسلطنة عمان.

وقال دبلوماسيون شاركوا في الاجتماع ونشرت بعض تصريحاتهم صحيفة «النهار» اللبنانية امس، ان وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل وصف في مداخلته تصرفات «حزب الله» بأنها «غير مسؤولة وانها جاءت في توقيت غير مناسب، وانه يجب ان ينسق مع الدولة اللبنانية، لا ان تكون الحكومة اللبنانية آخر من يعلم». واضاف «ان تصرفات حزب الله تجر المنطقة الى حرب كبيرة، وانه يعيد المنطقة سنوات الى الوراء، ولا يمكننا ان نقبل ذلك». ويضيف الدبلوماسيون ان وزير الخارجية السوري وليد المعلم انتقد الموقف السعودي وقال في مداخلة له: «كيف نأتي الى هنا لمناقشة الموقف المتفجر في لبنان بينما يقوم آخرون بانتقاد المقاومة». واضاف: «بينما انا في الطائرة من دمشق الى القاهرة لحضور الاجتماع رأيت البوارج الاسرائيلية تقصف المدن اللبنانية، فحلمت ان الاجتماع الوزاري سيخرج بمواقف داعمة للبنان وحزب الله، ولكن رأيت حتى قبل الاجتماع ان بعض الاطراف خرجت بمواقف افشلت الاجتماع حتى قبل ان يبدأ».

ودافع المعلم عن حق «حزب الله» وحق الشعب اللبناني في مقاومة «العربدة الاسرائيلية التي لا تحتاج الى ذرائع»، وحذر من الخطورة الشديدة التي قد تنجم عن توجيه اي انتقاد الى اي طرف عربي في البيانات الرسمية الصادرة عن الجامعة العربية. وقال ان ذلك يمثل «غطاء عربياً للعدوان يسهل على اسرائيل التمادي فيه».

وفي الاتجاه ذاته، قال وزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ ان هناك «نشوءاً لمفاهيم ومعايير تستخدم دولياً (حالياً) وهي موضوعة ومصممة في غير مصلحة العرب (فطبقاً لهذه المعايير) المقاومة هي ارهاب، والدفاع عن النفس يعطي لاسرائيل (وحدها) لكي يتم اطلاق يدها في التدمير والتقتيل دون اية حدود»، مشيراً الى ان «القدر اختار لبنان هذه المرة ليكون ساحة للقتل والتدمير والعبث الاسرائيلي، غير ان الساحة اكبر من ذلك بكثير والاستهداف شامل وان تعددت وجوهه». وحذر من ان «الاستهداف (الاسرائيلي) هو اساساً وقبل كل شيء موجه الى الأمن القومي العربي والى كل دولنا مهما تناقشنا واتفقنا او اختلفنا على التفاصيل».

واوضح الدبلوماسيون ان الفيصل احتد على الوزير السوري بعد مداخلته، ووصفها بـ«الاحلام الشيطانية التي لا يمكن استجابتها». ونقلوا عنه قوله: «ان الدول العربية غير مستعدة للتخلي عن العمل العربي الموحد للنزول الى مثل هذه الاحلام».

ولفتت المصادر الى ان وزير الخارجية الكويتي محمد الصباح ساند الموقف السعودي بقوة وقال: «يا معلم، لا يمكن ان نعطي دفة الامور لكي تديرها منظمات كحماس وحزب الله». واشارت المصادر الى ان وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم آل ثاني حاول تهدئة الموقف، مطالبا بالاستجابة لـ«مطالب الشارع العربي».

الا ان الوزير الكويتي اجابه: «عن اي شارع عربي تتكلم؟ عن الشارع الذي هتف (للرئيس العراقي السابق) صدام حسين و(لزعيم تنظيم «القاعدة» في العراق) ابو مصعب الزرقاوي؟ وكان الاثنان على خطأ. هذا الشارع غير موجود».

وحسب المصادر ذاتها، فان وزير الخارجية الاردني عبد الاله الخطيب اعرب عن مساندته للموقفين السعودي والكويتي وقال: «ان الشارع العربي غير منضبط، واعماله لا تخدم العمل العربي المشترك». وبين هذين الموقفين، برزت مجموعة اخرى من الوزراء تحاول ان تجد صيغة توفيقية، وتجسد هذا الموقف في كلمات وزراء قطر والامارات وسلطنة عمان.

وكان لافتا ان الوفد المصري تخلى على ما يبدو عن المعسكر السعودي وقدم مشروع قرار بخصوص لبنان لم يرد فيه أي نقد لـ«حزب الله»، مكتفيا بعبارة عامة عن ضرورة «التزام كل الجماعات العمل المنسق من خلال دولهم». لكن هذه الصيغة اسقطت من مشروع القرار الذي تم اعتماده.

وأكد وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط الحاجة الى انقاذ لبنان من الأزمة وضرورة العمل على عودة عملية السلام الى مسارها. وقال ابو الغيط للصحافيين على هامش الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية ان مصر تدعم اي توجه عربي واسلامي ودولي لاحلال السلام في المنطقة. وكان وزير الخارجية اليمني ابو بكر القربي قد قدم مشروع قرار الى الوزراء حظي بموافقة سورية والسودان والجزائر يدعو الى عقد قمة عربية طارئة في اقرب وقت للبحث في العدوان الاسرائيلي ضد لبنان والاراضي الفلسطينية. وقال الامين العام للجامعة عمرو موسى ان هذا الطلب ارسل فعلا الى الدول العربية لكن بته واقراره «يتجاوز صلاحيات المجلس الوزاري للجامعة».