مقتل صحافي جزائري في اليوم السابع من استمرار المواجهات في مناطق القبائل

TT

اتسعت رقعة أحداث العنف امس في منطقة القبائل الجزائرية، بعد وصولها إلى منطقة بوقاعة في ولاية سطيف، إضافة إلى محاولة طلبة تنظيم مظاهرات داخل جامعة العلوم الإنسانية في بوزريعة بالعاصمة، في حين جددت الحكومة عزمها على تسخير كل الإمكانيات لإعادة الهدوء إلى المنطقة وتوعدت الذين يقفون وراء هذه الأحداث بمعاقبتهم بكل صرامة.

ونقلت مصادر من ولايتي بجاية وتيزي وزو أن المدينتين شهدتا منذ الساعات الأولى من صباح امس توافد متظاهرين من مختلف المدن، وقد اكتفوا في البداية بتنظيم مسيرات سلمية حاملين شعارات منددة بالسلطة، لكن سرعان ما تطورت الأمور بفعل محاولات بعض المتظاهرين شتم ورشق قوات الأمن، الحاضرة بقوة، بالحجارة. ثم تحولت المسيرات السلمية فجأة إلى مواجهات استعملت فيها قوات الشرطة والدرك القنابل المسيلة للدموع وفتحت على المتظاهرين خراطيم المياه الساخنة. ويروي مواطنون عادوا من المنطقة أن الدخول إلى تيزي وزو وبجاية أصبح شبه مستحيل بسبب حصار فرضه السكان المتمردون إضافة إلى حواجز أقامتها قوات الأمن. وفي حصيلة أولية، أعلن عن وفاة مراسل صحيفة «لانوفال ريبوبليك» من تيزي وزو، وقد أكدت مصادر من مقر الجريدة في العاصمة وفاة الصحافي رميا بالرصاص في بلدة تيزي راشد. وأشارت نفس المصادر الى أن الصحافي كان يعمل أستاذا وقد التحق بالصحيفة قبل شهر فقط، وكان ينوي الهجرة إلى فرنسا بعد أن حصل على تأشيرة سفر أخيرا. ومقابل الحصيلة التي قدمتها وسائل الإعلام المختلفة، والمقدرة بأزيد من عشرين قتيلاً و200 جريح منذ بداية أعمال العنف قبل أسبوع، فقد أعلنت وزارة الداخلية أن عدد الضحايا لا يتعدى 15قتيلا و50 جريحا في صفوف المتظاهرين، و482 جريحا في صفوف قوات الأمن. وقد جددت وزارة الداخلية عزمها على العمل على مواجهة المتظاهرين إلى حين عودة الأمن، مشيرة إلى أن السلطة أبقت، منذ اندلاع أعمال العنف، على أبواب الحوار مفتوحة لكن «المسؤولين ومؤججي النيران ظلوا يعملون من أجل جر المتظاهرين الشباب للخروج إلى الشارع، وبقوا يستعملون أساليب ستنقلب عليهم لا محالة». وأكدت الوزارة، في بيان، نُشر أمس، «تعهد الدولة بمعاقبة مرتكبي التجاوزات بكل صرامة»، كما كررت أسفها الشديد على الحادث الذي شهدته المنطقة وكان بمثابة الشرارة التي أشعلت فتيل الأحداث.

من جهتها، اتهمت جبهة القوى الاشتراكية، التي يرأسها المعارض حسين آيت أحمد المقيم بسويسرا، أطرافا في الحكم باستغلال المظاهرات السلمية التي دعت إليها أمس وتحويلها إلى حمّام دماء. وأشارت إلى اعتراف الجهات الرسمية بعدم قدرتها على التحكم في زمام الأمور وفشلها في فرض الهدوء. وأشار بيان القوى الاشتراكية إلى ما تردد من تحركات لبعض وحدات الجيش نحو المنطقة، معتبرا ذلك «نوعا من أنواع الاستفزاز، من أجل جر المنطقة في دوامة عنف جديدة كثيفة ليس بالإمكان التحكم فيها، ومن شأنها أن تجر المنطقة وكل البلد في مغامرة أخرى».

ودعا حزب آيت أحمد الجزائريين «إلى التضامن مع سكان منطقة القبائل والعمل معا لفرض وقف الاستفزازات والقمع». وكشفت جبهة القوى الاشتراكية أنها راسلت الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة كوفي أنان من أجل إرسال بعثة خاصة للتحقيق على غرار ما جرى في برمانيا بهدف الضغط من أجل استئناف المسار الديمقراطي والعودة إلى حياة السلم. كما طلب البرلماني مقران آيت العربي من رئيس الدولة الاهتمام شخصيا بهذه القضية واتخاذ تدابير عاجلة من شأنها أن تشجع على استعادة الهدوء وحقن الدماء في المنطقة.