«حزب الله» ينفي موافقته على قوات دولية .. والسنيورة يؤكد استحالة نزع سلاحه قبل انسحاب إسرائيل

قال إنه وافق على أفكار عامة... وسجل «تحفظات» على خطاب رئيس الحكومة

TT

اتفق وزراء حزب الله وحركة امل وفريق رئيس الجمهورية اميل لحود على اعطاء رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ورقة تفاوضية قوية. لكن وزراء الاكثرية النيابية باتوا الان يخشون من ان يكون «الاجماع» الذي تحقق داخل الحكومة حول خطاب الرئيس السنيورة بدأ يتعرض لضربات من حزب الله الذي بدأ «يوضح» موقفه الحقيقي مما جرى بقوله ان وزيري الحزب وافقا على «افكار عامة» لكنهما لم يوافقا على تفاصيل خطاب السنيورة، وخصوصا انهما ابديا «ملاحظات» عدة على هذا الخطاب وسجلا ايضا «تحفظات» على بعض النقاط.

وفي هذا الاطار، شرح مسؤول العلاقات الاعلامية في حزب الله حسين رحال لـ «الشرق الاوسط» موقف الحزب الرسمي مما جرى في جلسة مجلس الوزراء، فاكد ان حزب الله وافق على «افكار عامة لا تشكل نقاطا تفصيلية» وان «اتفاقا تم على مناقشة هذه الافكار لاحقا» جازما بانه «لم يتخذ اي قرار في اي موضوع».

ولان «الشيطان يكمن في التفاصيل» حذر وزير من فريق الاكثرية من ان حزب الله بدأ يتراجع عن تعهداته. وقال الوزير، الذي رفض ان يكشف اسمه «حرصا على التضامن الوزاري»، لـ «الشرق الاوسط» ان وزيري حزب الله «وافقا على خطاب الرئيس السنيورة ووقفا الى جانبه وهو يعلن ذلك. اما الان فنحن نرى الامور تأخذ منحى مختلفا» مبديا خشيته من «بروز عراقيل جديدة مع تقدم المفاوضات» ومن ان يكون الحزب «يسعى الى كسب الوقت».

ورفض حزب الله امس «اعطاء اسرائيل وأميركا اي مكاسب سياسية نتيجة هزيمتها في لبنان». وقال نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم لوكالة «رويترز» تعليقا على موقف الحزب من المطالب الاميركية بخصوص انتشار قوة دولية في جنوب لبنان ونزع سلاح المقاومة: «العدوان على لبنان هو عدوان اميركي ـ اسرائيلي. ولم نعد في حاجة لإثبات هذا الامر، فقد اصبح واضحا جدا من خلال الادارة الاميركية المباشرة لهذه الحرب باليد الاسرائيلية، ومن خلال المعطيات الميدانية وخاصة بعد النجاح الباهر لأبطال المقاومة الاسلامية في صد العدوان في بنت جبيل ومارون الراس وفي نقطة واحدة من نقاط الالتحام. اعتقد ان فوز حزب الله في المواجهة العسكرية قد حسم. وان جل ما فعلته اسرائيل هو الاعتداء على المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ واستهداف البنى التحتية. وهذا العمل ليس اداء لجيش مقاتل بل هو اداء عدواني يفتقر الى ادنى قواعد الانسانية. وعليه ليس من حق اميركا واسرائيل ان تحصلا على نتيجة لهزيمتهما، فليس هناك فوز سياسي لاميركا واسرائيل حتى تكون لهما مكاسب سياسية في هذا الاتجاه. نحن سنناقش الامور في ما بيننا كلبنانيين على قاعدة ما تحقق من انتصار وليس على اي قاعدة اخرى».

واكد ان مطلب «حزب الله» هو «وقف العدوان من دون قيد او شرط، من موقع القوة وليس من موقع الضعف، لان العدوان عبثي ولن يحقق مكاسب ميدانية ليثمرها سياسيا. اذا لا معنى لاستمرار هذا العدوان من الطرف الاخر. واما بالنسبة الينا فنحن نصد العدوان. ومن الطبيعي ان نطلب وقفه من دون قيد او شرط وعودة جميع النازحين الى بلداتهم وقراهم».

واشار قاسم الى ان رئيس مجلس النواب نبيه بري مكلف من حزب الله التفاوض في مسألة الاسرى والمعتقلين، رافضا «الكلام في اي تفصيل عبر وسائل الاعلام عن هذا الموضوع. وما لدينا نتفاهم معه عليه».

واوضح ان ما جرى في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة هو انه «تمت مناقشة مجموعة من الافكار طرحها الرئيس السنيورة في مؤتمر روما. وقد ابدى الحزب ملاحظاته وطرح بعض الاسئلة، اذ ان امورا تحتاج الى مزيد من التوضيح والنقاش والتفصيل. لكن رأينا ان الخروج بموقف وطني واحد يستلزم ان نعطي الصورة الايجابية في اننا نتابع معا من خلال الحكومة على قاعدة ان تستمر النقاشات التفصيلية داخلها لبلورة بعض القضايا التي هي موضع تساؤل او لم يتم الاتفاق عليها». مشددا على «المظهر الوحدوي الذي خرج به مجلس الوزراء. ومن الطبيعي ان نتابع المضمون في جلسات لاحقة وبعد معرفة المقترحات العملية القابلة للنقاش لنتوصل الى نتيجة مشتركة. فالامور ما زالت في بداية الطريق وفي عمومياتها».

وقال ان الحزب «قرر ان لا يدخل في نقاش سياسي علني حول اي نقطة من النقاط المطروحة، سواء اكانت القوات الدولية ام غيرها».

وفي المقابل، قال رئيس مجلس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة ان اسرائيل «تعتقد انها باسلوب الاجتياحات والقصف بامكانها ان تحل مشكلاتها عبر اخضاع اللبنانيين والعرب. لكني اعتقد ان هذا الاسلوب لن يقدم الحل»، مشيرا الى ان اسرائيل اجتاحت لبنان سبع مرات ولكن الحل لم يكن شاملا وقد احتفظت اسرائيل بأراض لبنانية وبخرائط الالغام وهذا سبب المشكلة. واوضح انه «اذا لم تنسحب اسرائيل من اراضينا المحتلة فاننا لا نضمن اي شيء؟ اما اذا انسحبت من مزارع شبعا فان هذا سيمكن الدولة اللبنانية من بسط سلطتها على كامل اراضيها وتصبح هي الطرف الوحيد الذي يحتكر حمل السلاح». واعتبر ان تزويد الولايات المتحدة اسرائيل بالقنابل «لا يساعد ابدا على حل المشكلة بل يسيء الى العلاقة مع الولايات المتحدة. فليس من المناسب تقديم اسلحة اضافية الى اسرائيل. فبدلا من تقديم الذخيرة الى اسرائيل، آن الاوان لإقناع الاسرائيليين بان هذا الاسلوب لا يساعد على ضمان أمن اسرائيل».

وردا على سؤال عن وضع الحكومة وامكانية انهيارها، قال السنيورة: «قد يهتم البعض بانهيار حكومتنا. لكني اظن ان حكومتنا برهنت مساء البارحة (اول من امس) عن وحدتها وتضامنها. ووقف الوزراء الى جانبي وانا القي كلمتي. وهي كلمة مهمة للغاية تتضمن مواقف مهمة جدا. وبقيت الحكومة متضامنة ودعمت موقفي. وهذا خير دليل على وحدتنا».

وحذر السنيورة في حديث الى محطة «اي. تي. ان» البريطانية من «ان الوضع خطير. وهناك امكانية لتدهور هذا الوضع». لكنه اشار في الوقت نفسه الى ان «الكثير من الاطراف تتمتع بنوايا جيدة وتبذل الكثير من الجهود للتوصل الى اقتراحات تهدف الى وضع حد لهذا النزاع». ولاحظ وجود بطء في التقدم نحو حل «بسبب الاعتداءات الاسرائيلية وعدم استعداد اسرائيل للتعامل مع اسباب المشكلة الفعلية» لكنه قال: «لم افقد الامل في التوصل الى اتفاق لوضع حد لما يحصل».

واعتبر انه «لا يمكن نزع سلاح حزب الله في حال لم تقم اسرائيل بما يفترض بها وفي حال لم تنسحب من الاراضي اللبنانية المحتلة». وقال: «هذا هو الوضع حاليا وهو ليس وضعا عابرا. نحن نتعامل مع اعراض المشكلة وليس جذورها. ما زالت اسرائيل تحتل اراضي لبنانية. ماذا تفعل في مزارع شبعا؟ عليها الانسحاب من اراضينا».

واشار السنيورة الى انه بسبب تركيبة لبنان «نعتبر انه يمكن تحقيق هدفنا عبر الحوار والتفاهم بين مختلف الاطراف. لقد اعلن حزب الله ان هدفه واضح تماما الا وهو المساعدة على تحرير الاراضي المحتلة والحصول على خرائط الالغام واسترجاع السجناء اللبنانيين. هذه هي اهداف حزب الله. واذكّر بان مزارع شبعا ليست ملك حزب الله بل ملك لبنان واللبنانيين. فلا يمكن ان نقول اننا نقدم النصر الى حزب الله. علينا النظر الى هذا الامر من جميع جوانبه، فلبنان يسترجع بذلك اراضيه وتحصل اسرائيل على حدود آمنة في نهاية المطاف».

من جهته، اعتبر وزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ «ان اسرائيل فشلت في ضرب الوحدة الوطنية اللبنانية والتلاحم والصمود الذي ابداه اللبنانيون في وجه عدوانها السافر». وقال: «ان اسرائيل تناست امر الجنديين الاسيرين، فهي لا تطالب بهما الان انما تصعد حربها ضد لبنان. وهذه الحرب لن تعطي اي نصر لاسرائيل لان لبنان سيبقى صامدا وموحدا». واشار الى ان لبنان «يفكر بعرض موضوع وقف اطلاق النار على الجمعية العامة للامم المتحدة في حال لم يتوصل مجلس الأمن الى وقف العدوان واطلاق النار». وشدد على «ان لبنان لن يقبل اي ضغوط او شروط، انما هو منفتح على بحث كل الامور».