السعودية تستنكر «العمل الهمجي» والزعماء العرب ينددون بالمجزرة.. والكويت تقدم 800 مليون دولار

خادم الحرمين يؤكد للسنيورة وقوف الرياض مع لبنان في كل الظروف

TT

استنكرت السعودية المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل أمس، في بلدة قانا اللبنانية، واعتبرت هذا العمل، الذي وصفته بـ«الهمجي»، «امتدادا للمذابح التي ترتكبها اسرائيل في حربها الشاملة ضد لبنان بأجمعه»، اضافة الى الحرب التي طال دمارها كل اركان لبنان، وجميع بناه الاقتصادية وكافة مقومات حياة الشعب اللبناني بأكمله». وجاء الاستنكار السعودي وسط تنديد عربي واسع للمجرزة التي أودت بحياة أكثر من 60 لبنانياً أمس، غالبيتهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى المطالبة بوقف إطلاق نار فوري. واطلع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، على تداعيات مجزرة قانا، خلال اتصال هاتفي تلقاه أمس من رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة، الذي اطلعه على ما يجرى في بلاده في الوقت الراهن. وأحاط السنيورة الملك عبد الله علما بأن لبنان ليس مستعداً لإجراء أي محادثات قبل التوصل الى وقف فوري غير مشروط لإطلاق النار، اضافة الى اجراء تحقيق دولي في المجازر الاسرائيلية التي تجرى في لبنان. وقد أبدى خادم الحرمين الشريفين تأييده للموقف اللبناني، مؤكداً على مواصلة السعودية دعمها ووقوفها الى جانب لبنان في كل الظروف.

وأفاد مصدر سعودي مسؤول أمس، أن الشهداء الذين أزهقت اسرائيل أرواحهم في قانا «هم من السكان الابرياء، ومعظمهم من الأطفال والنساء الذين لاذوا للملاجئ هرباً من البطش الاسرائيلي». وقال المصدر المسؤول: «واذ تبدي المملكة استنكارها لهذا العمل الهمجي، الذي لا يراعي شريعة ولا حرمة ولا ميثاقاً، لتؤكد أنه ما كان لإسرائيل أن تنتهك لبنان الشقيق على هذا النحو، لولا الآلة العسكرية الهائلة التي زودت بها، ولولا هذا العجز الدولي عن اتخاذ قرار لوقف اطلاق النار، ولولا الدعم المعنوي والسياسي والمادي الذي تلقاه اسرائيل». وأضاف المصدر المسؤول أن بلاده تدعو إلى وقف فوري لاطلاق النار والاستجابة لمطالب الحكومة اللبنانية، وتحذر من تداعيات العدوان الاسرائيلي، الذي يوسع من دائرة العنف ويخرج الأمور عن السيطرة.

من جانبه، اعتبر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الهجوم الذي شنته اسرائيل على قانا «جريمة بشعة» تنتهك كافة المواثيق الدولية، مطالباً بوقف فوري لاطلاق النار. وجاء في بيان للديوان الملكي: «أدان الملك عبد الله بشدة، الجريمة البشعة التي ارتكبتها القوات الاسرائيلية في مدينة قانا»، مضيفاً: «هذا العدوان الاجرامي يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون وكافة المواثيق الدولية». ودعا العاهل الاردني الى «وقف فوري لاطلاق النار»، كما دعا المجتمع الدولي الى «تحمل مسؤولياته لإيجاد مخرج لهذه الأزمة ووضع حد للعدوان الاسرائيلي، وانهاء معاناة الشعب اللبناني بأسرع وقت ممكن». ودان الرئيس المصري حسني مبارك بشدة، القصف الاسرائيلي على بلدة قانا، واعتبره عملاً «غير مسؤول». وفي بيان عن الرئاسة المصرية، أعربت مصر عن «انزعاجها البالغ وادانتها للقصف الاسرائيلي غير المسؤول لقرية قانا اللبنانية، وما أسفر عنه من ضحايا أبرياء». وقال ان مصر «التي دعت منذ اليوم الأول للعدوان الاسرائيلي على لبنان، الى وقف فوري غير مشروط لاطلاق النار، تؤكد الحاجة الملحة لسعي دولي جاد لاصدار مجلس الامن قراراً عاجلاً لوقف العمليات العسكرية على الفور». وقال رئيس الحكومة المصرية أحمد نظيف إن بلاده تتحرك بشكل نشط وعقلاني في التعامل مع أزمة العدوان الإسرائيلي على لبنان، مؤكدا في اجتماع مع مجلس المحافظين أمس، أن الشعب اللبناني يتعرض لعدوان يستهدف المدنيين بشكل وحشي، كما استهدف البنية الأساسية والمرافق الحيوية.

وأفاد بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية ان مصر استدعت سفير اسرائيل الى القاهرة امس لتعبر عن غضبها الشديد.

وقال البيان: استدعى احمد ابو الغيط وزير الخارجية بعد عودته من زيارة قصيرة الى دمشق السفير الاسرائيلي في القاهرة شالوم كوهين لإبلاغه بالغضب المصري الشديد والإدانة الكاملة لعملية القصف الاسرائيلي لمدنيين في لبنان.

واستنكر العاهل المغربي الملك محمد السادس أمس، الاستخدام «المفرط» للقوة العسكرية الاسرائيلية، مؤكداً دعم بلاده للبنان. وفي خطاب متلفز ألقاه في الذكرى السابعة لاعتلائه العرش، قال العاهل المغربي «بقدر ما نؤكد ضرورة مواصلة الجهود لإيجاد حل شامل للصراع العربي الاسرائيلي، فإننا ندين، بكل شدة، العدوان الإسرائيلي على لبنان الشقيق، والاستعمال المفرط للقوة العسكرية، من قبل اسرائيل ضده، وتدمير بنيته التحتية ومنشآته الحيوية». وأضاف «اننا اذ نعرب عن قلقنا المتزايد تجاه هذه التطورات المأسوية، ندعو المنتظم الأممي الى اتخاذ القرارات الحازمة، الكفيلة تجنب مخاطر التصعيد واتساع العمليات العسكرية في المنطقة، ووضع حد لخرق القانون الدولي والمواثيق الدولية».

ودعت الجزائر أمس، الى «يقظة ضمير وانتفاضة جماعية للأسرة الدولية» بعد مجزرة قانا. وأكدت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان ان الجزائر «تدين بشدة» القصف الاسرائيلي على قانا، الذي اعتبرته «عملا الاجراميا لا مبرر له». وأعربت تونس في بيان حكومي أمس، عن «عميق صدمتها وذهولها ازاء المجزرة البشعة التي ارتكبتها اسرائيل في قانا في جنوب لبنان، بتعمدها قصف مدنيين ابرياء، جلهم من الاطفال والنساء والشيوخ العزل، في تحد صارخ للقيم الانسانية والمواثيق الشرعة والدولية». ودانت دولة الإمارات العربية المتحدة «المذبحة البشعة التي ارتكبها الجيش الاسرائيلي» في قانا، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء الإمارات الرسمية. وقال وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان «ان هذه الجريمة دليل جديد على السياسة المنهجية الثابتة لإسرائيل في استخدام اسلحتها التدميرية للقتل، من دون تمييز ومن دون أي اعتبار للقوانين والمواثيق الدولية، التي تحمي المدنيين وتحرم قتلهم اثناء الحروب والنزاعات المسلحة».

ودان رئيس مجلس الأمة الكويتي جاسم محمد الخرافي مجزرة قانا، واصفاً القصف الاسرائيلي بـ«الوحشي والهمجي». وحذر الخرافي «حلفاء اسرائيل، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، ان يعيدوا النظر في حساباتهم ومواقفهم، والا خسروا اصدقاهم العرب والمسلمين».

من جهة اخرى جاء في بيان حكومي ان الحكومة الكويتية قررت امس ايداع نصف مليار دولار في المصرف المركزي اللبناني تضاف الى المساعدة البالغة قيمتها 300 مليون دولار التي اعلنت في وقت سابق تخصيصها لاعادة اعمار لبنان.

وقالت وكالة الانباء الكويتية ان هذه المساعدة الجديدة التي امر بها أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح هدفها «مساعدة الشعب اللبناني الشقيق للمساهمة في رفع المعاناة التي يعيشها في هذه الظروف الصعبة».

من جهة اخرى، أعلن برنامج الاغذية العالمي، في بيان اصدره امس، انه نتيجة استمرار القصف المركز للطرق والقرى في جنوب لبنان اضطر البرنامج التابع للامم المتحدة الى الغاء قافلة المساعدات التي كان مقرراً ارسالها الى مرجعيون بعدما رفض الجيش الاسرائيلي الموافقة على مرورها.

من جانبه، اتصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس بنظيره اللبناني ورئيس حكومته، ليعرب لهما عن مواساة الشعب الفلسطيني للشعب اللبناني في جريمة قانا، والجرائم الاخرى، وكان هناك اتفاق على ان نطالب جميعا كعرب «بوقف اطلاق النار، قبل البحث بأي تفاوض سياسي». وقال عباس انه يؤيد قرار الحكومة اللبنانية «رفض اجراء اية مفاوضات سياسية»، قبل اصدار قرار بوقف اطلاق النار.

وأكد عباس «تأييد الشعب الفلسطيني للشعب اللبناني وللحكومة اللبنانية، في قرارها رفض اجراء اية مفاوضات سياسية مع وزيرة الخارجية الاميركية (كوندوليزا رايس)، قبل إصدار قرار بوقف اطلاق النار». ووصف عباس «المجزرة الجديدة التي وقعت في بلدة قانا»، بأنها «قمة المجازر الإسرائيلية التي وقعت على الشعب اللبناني منذ عشرين يوماً وعلى الشعب الفلسطيني منذ خمسة اسابيع».

وندد رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية صباح امس بمجزرة قانا. وفي كلمته أمام جلسة مجلس الوزراء الفلسطيني صباح أمس، كرر هنية اقواله السابقة، بأن الحرب الإسرائيلية ستفشل في تحقيق أهدافها. وقال هنية: «لقد أصبنا بالصدمة، جراء هذه المشاهد البشعة التي ترتكب في لبنان بشكل يومي ومنهجي، وآخرها المجزرة الرهيبة التي ارتكبت في قانا». وأكد أن اسرائيل «تهدد أمن الشعوب والمنطقة، من خلال استخدامها الأسلحة المحرمة دولياً، وتعمدها قتل المدنيين وتوسيع دائرة الحرب لتشمل كل مناحي الحياة، فضلاً عن رفضها المتكرر بالسماح لمنظمات الإغاثة بالعمل لإنقاذ المصابين، وتقديم العون للمحتاجين». وطالبت جامعة الدول العربية، بإجراء تحقيق دولي في مجزرة قانا. وجاء في بيان ان الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، يطالب «بإجراء تحقيق دولي في هذه المجزرة، وغيرها من جرائم الحرب الاسرائيلية التي ارتكبت في لبنان، خاصة تلك التي طالت المدنيين». وأضاف البيان، أن موسى يطالب مجلس الأمن الدولي بالضغط على اسرائيل، من أجل وقف اطلاق نار فوري. ووصف البيان الهجمات الاسرائيلية على لبنان بـ«الوحشية» ووصف الهجوم على قانا بـ«الهمجي». وأكد البيان أن موسى سيوفد مبعوثاً رفيع المستوى اليوم الى لبنان «في إطار تقديم المساعدات الطبية والانسانية العاجلة». من جهتها، نددت منظمة المؤتمر الإسلامي أمس بـ«المجزرة البشعة التي ارتكبتها إسرائيل ضد المدنيين العزل في قرية قانا»، معتبرة إياها «جريمة حرب»، داعية إلى «تحرك المجتمع الدولي» لوقف اطلاق النار في لبنان. وفي بيان قال أكمل الدين إحسان أوغلي الأمين العام للمنظمة إن «المجزرة الاسرائيلية الأخيرة تشكل جريمة حرب، وتعكس استهتار اسرائيل بالقانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين في زمن الحرب».