راعٍ لبناني اختطف إلى إسرائيل لعدة ساعات وسألوه عن المقاومة والجيش

محمد خليل يروي لـ الشرق الاوسط قصة اختطافه وعودته بطائرة خاصة

TT

لم يكن محمد خليل سليم الذي كان يرعى الماعز في جرود بلدته طاريا يظن ان الرحال سيحط به في اسرائيل يوما ما، ولكنه حصل. ولم يكن على علم بأنه في اللحظة التي توقف فيها قطيعه عن الرعي سيقع في مكمن نصبه له ثلاثة جنود اسرائيليين كانوا في مهمة استطلاع في جرود السلسلة الغربية لجبال لبنان ويقيمون في خيمة صغيرة.

هذا ما رواه محمد خليل سليم، 15 عاماً، لـ«الشرق الأوسط». وقال: «كنت اسرح بقطيعي في جرود طاريا فوقعت في مكمن نصبه لي ثلاثة جنود بين الصخور. وعندما جفل قطيع الماعز اعتقدت بأن هناك حرامية (لصوص) فتقدمت اليهم. عندها امسكوني بعدما شهروا عليّ السلاح واحتجزوني ووضعوا كيساً اسود في رأسي منذ التاسعة صباحاً حتى العاشرة ليلاً من نفس اليوم. ثم اخذوني الى خيمة صغيرة نصبوها بالقرب من مكان المكمن. وعند العاشرة ليلاً حطت طائرة مفتوحة الابواب في شعبة جور الخضرة (في جرود طاريا) ونقلوني الى اسرائيل».

وردا على سؤال عن الوقت الذي استغرقته الرحلة الى اسرائيل، اجاب: ساعتان.

> وماذا قالوا لك؟

ـ بدك تطلع (تذهب) معنا. سألتهم: الى اين؟ قالوا: الى عندنا. فلم اعرف الى عندهم اين هي المنطقة لأنهم كانوا يحدثوني بلغة عربية مكسرة. وكان الكيس لا يزال في رأسي. وبعد ساعتين انزلوني من المروحية وما زلت مغطى الرأس. وبعدها نادوني لكي ألحق بهم.

> هل تحدث الثلاثة معك؟

ـ كلا كان يتحدث معي شخص واحد بلغة عربية مكسرة. اما هم فكانوا يتحدثون مع بعضهم بالعبرية على ما اعتقد. وعند هبوط الطائرة أقلوني بسيارة، وأدخلوني الى غرفة بعد 30 دقيقة في السيارة. وعندها ازالوا الكيس عن رأسي وجدت نفسي في غرفة تحقيق وفيها شخصان غير الذين اقلوني بالطائرة. وقال لي احدهم من وراء الطاولة: دولة اسرائيل ترحب بك. وسألني اذا كنت اريد ان اشرب شيئا فرفضت، عندها بدأت ارتعد وارتجف من الخوف والفزع. وسألني عما اعرف عن مواقع للجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي و«حزب الله». وكان التركيز على مواقع الجيش. فقلت لا أعرف مواقع احد فانا راعي ماشية. عندها اومأ برأسه لرفيقه فوضع الاصفاد في يدي ونقلني الى السجن في ساعة متأخرة من الليل. وبدأت بالصراخ وطلب النجدة والافراج عني، لكنهم وضعوا الكيس في رأسي من جديد ونقلوني الى سيارة اقلتني الى سجن اخر. وأدخلوني الى غرفة، فاستطعت ان ارفع الكيس عن رأسي قليلا فرأيت علم اسرائيل امامي وعلما اسود واحمر. وكأنني كنت في موقع عسكري. وقال لي احدهم: لا تخف. وسألوني عن عدد الرعاة هناك (في طاريا) فقلت: هناك رعاة لبنانيون ورعاة سوريون من منطقة عسال الورد يضمنون الاراضي عندنا. عندها ادخلوني الى غرفة فيها سرير وتركوني. وبدأت بالصراخ وقلت لهم: بدي (اريد) اهلي. بدي ارجع. وعلا صراخي. بعدها نقلوني الى غرفة ثانية وقدموا لي الطعام فلم استطع ان اكل. وحاولوا ان يعلقوا لي كيس مصل فرفضت. فثبتوني ارضا وضربوني ابرة عندها ارتخى جسمي ولم اعد استطيع ان امشي. وقال لي احدهم: بدنا نردك عا البيت. ثم وضعوا الكيس برأسي وأخذوني بسيارة لمدة نصف ساعة ليرفع الكيس عن رأسي ووجدت نفسي على شاطئ البحر (يعتقد انها الناقورة في مركز القوات الدولية) فسلموني هناك الى قوة الطوارئ التي سلمتني الى الجيش اللبناني».

وسألت «الشرق الأوسط» محمد اذا كان الاسرائيليون طلبوا اليه عدم التحدث الى وسائل الاعلام، فاجاب: «كلا لم ينبهوا علي ولم يهددوني. كما لم يسألوني اذا كان لي اقارب في الاحزاب».

من جهتها، روت والدة محمد الحادثة، قائلة: «افتقدت ولدي عند الثالثة من بعد الظهر. وكالعادة في موعد عودته عاد قطيع الماعز ولم يعد. وعند التاسعة ليلا وبعد ست ساعات من البحث في الجرود ظننت ان افعى لسعته او وقع في جب او بئر. وصباح يوم الثلاثاء كررنا عملية البحث بالاتجاه الذي يقود فيه الماعز فوجدنا اثرا لمياه ووحل ومعلبات ازيلت عنها اوراقها واكياس مصل وقوارير مياه للشرب عندها تأكدت ان انزالا اخذه وخصوصا عندما سمعنا ان هناك انزالات تحصل في المنطقة. وبدأت بالصراخ وقطعت الامل وسلمت امري لله. وقلت اذا كان من نصيب قد يعود الي ولدي. وبدأت بالدعاء والتضرع الى الله ليعود لي ولدي الوحيد معيل والده. واليوم قد عاد والحمد لله».